«غريب» فى بيت «صبحية» و«عزة»: الستارة هى الحل
«غريب» فى بيت «صبحية» و«عزة»: الستارة هى الحل
«صبحية» و«عزة» تنتظران الزبائن فى الشارع
أن يجتمع رجل وامرأة فى بيت واحد رغماً عنهما، ودون وجود سبب شرعى، خيال ذهب إليه «وحيد حامد» فى فيلم «غريب فى بيتى»، وكان صادماً للمشاهدين فى فترة الثمانينات، حيث حاول التخفيف من حدة التفاصيل الحياتية المحرجة فى ظرف صعب مثل هذا بمشاهد كوميدية، لا وجود لها فى حكاية «صبحية» التى تعيش نفس الظروف فى الواقع.
الظروف المادية الصعبة أجبرتهما على العيش فى شقة واحدة مع شاب غريب وتتغلبان على ذلك بالمكوث فى الشارع لفترات طويلة وبيع الجبن والبيض
شقة واحدة تجمع «صبحية» وابنتها «عزة» مع شاب غريب، حيث تفصلهما ستارة، لا تكفِ لرفع الإحراج عن السيدتين اللتين تستيقظان فى الرابعة والنصف فجراً بضيق شديد وغفوة يشوبها القلق، لتتركا الشقة «المشتركة» فى حارة «المصبغة» بشارع طولون، وتبيعا الجبن، الفول، البيض والخضراوات، فى الشارع. «صبحية إسماعيل»، وابنتها «عزة محمد» لهما ظروف خاصة، فالأولى مسنة، وتعانى من الانزلاق الغضروفى، وآلام فى الظهر وتآكل فى الفقرات، والثانية تعانى من شلل أطفال، ما يجعل قدرتهما على تغيير واقعهما صعباً، ومع ذلك عانتا كثيراً للحصول على شقة تابعة للمحافظة منذ عام 1993، وإلى الآن لا تزالان تتشبثان بالأمر فى الفوز بها، لتشعرا بالخصوصية ولو ليوم واحد.
«أوضتين من جوه بعض فى الشقة، إحنا فى أوضة والشاب فى التانية، وبينا ستارة، وطبعاً الحمام شرك، ومش عارفين ناخد راحتنا»، تقولها «عزة»، التى تواجه مشكلة فى الحركة والتنقل بسبب مرضها، وتضطر لاستقلال «توك توك» أو «تاكسى» وتحمّل نفقات كبيرة، للتردد على مبنى محافظة القاهرة، وتحمّل معاملة الموظفين السيئة: «بيعاملونا كإننا مش مواطنين، وكإننا جايين من الشارع».
«بنزل الشغل عشان الدكتور قال لى مارسى حياتك طبيعى، ولو قعدت فى البيت مش هقوم من السرير»، تقولها السيدة السبعينية، التى تشعر بالألم فى الظهر وهى جالسة، لتساعد «عزة» وحفيدتيها، وتفى بمصروفات البيت وظروف المعيشة، متمنية أن تؤدى العمرة، وأن تحصل ابنتها على شقة لتعيش حياة كريمة مع ابنتيها، بدلاً من العيش مع «غريب».
موجة البرد التى بدأت تشتد مؤخراً، تزيد من آلام السيدتين، لكنهما تظلان على حالهما فى الشارع، على أمل أن تبيعا البضاعة المرصوصة أمامهما منذ فترة طويلة، والعودة ببضعة جنيهات إلى البيت.