«تجميد البويضات» يعيد حلم الأمومة إلى الفتيات.. «حتى لو فاتهم القطر»
«تجميد البويضات» يعيد حلم الأمومة إلى الفتيات.. «حتى لو فاتهم القطر»
حلم الأمومة
ظروف عديدة تحول دون تحقيق حلم آلاف الفتيات فى الإنجاب، بعضها بإرادتهن مثل تأخير الزواج للتفرغ للعمل، أو رغماً عنهن بالتعرف على شريك الحياة فى فترة متقدمة من العمر، ليظل شبح عدم الإنجاب قابعاً على أنفاسهن، بانتهاء فترة الطمث أو ضعف فرص الحمل مع تقدم العمر.
«تجميد البويضات» تقنية طبية حديثة اجتاحت العالم بأكمله منذ حوالى 5 سنوات، ودخلت مصر فى آخر عامين، وهى كفيلة بإعادة الأمل لشريحة واسعة من الفتيات، اللاتى يحلمن بالأمومة، من خلال إيقاف حياة الخلية عند العمر الذى تم التجميد فيه، ووضعها فى «تانك» والاحتفاظ بها داخل أقسام معينة فى المستشفيات، تسمى بـ«بنك تجميد النطاف والأجنة».
تراجع معدل الخصوبة فى العالم بشكل عام، وفى مصر بشكل خاص، هو ما أثبتته الدراسات الحديثة، وأكده لـ«الوطن» الدكتور وليد حامد أبويوسف، المدير الطبى لمستشفى آدم الدولى، واستشارى الحقن المجهرى، موضحاً أن الكثير من العوامل البيئية مثل رش الأطعمة بالمبيدات وضغوط الحياة أدت إلى ضعف الخصوبة: «فى الماضى كان معدل التبويض يتراجع ويتدهور فى سن الأربعينات، أما الآن فيحدث فى العشرينات والثلاثينات».
«ريهام»: يا ريت التقنية دى كانت موجودة من زمان
لا يستثنى «حامد» الرجال من تلك الحقيقة، حيث تراجعت خصوبتهم أيضاً، ولهم الحرية فى تجميد السائل المنوى لأسباب مختلفة، وإن كانت السيدات أكثر حاجةً إلى هذا الإجراء، لارتباطهن بفترة انتهاء الطمث، أما الرجال فتقل خصوبتهم بمعدلات بسيطة مع كبر السن.
فور إقدام الفتاة على تلك الخطوة، تتناول فى البداية بعض العقاقير لتنشيط التبويض، ثم تخضع لعملية جراحية بسيطة، أوضح «حامد» أنها عبارة عن حقنة فى المهبل، مع التخدير لمدة 10 دقائق فقط، ليتولى الأطباء فى مرحلة تالية تجميد البويضات المسحوبة، مشيراً إلى أن هناك تقنيات طبية أكثر حداثة تتبع أيضاً، مثل تجميد الأجنة لدى الأزواج، أو تجميد نسيج المبيض، لكنها لم تدخل الشرق الأوسط حتى وقتنا هذا.
«تجميد البويضات» ليس حلاً فقط فى المجتمعات التى تشهد ارتفاعاً فى سن الزواج، إنما يعد بارقة أمل أيضاً لدى مرضى الأورام الخبيثة، الذين يخضعون لعلاج إشعاعى وكيميائى، حيث أوضح «حامد» تراجع الخصوبة بشكل كبير لدى هؤلاء المرضى بسبب العلاج، ما يجعل التجميد، سواء كان للبويضة أو السائل المنوى، إجراء مهماً وحيوياً للمرضى، ويقتضى التنسيق مع أطباء الأورام فى هذا الشأن.
الصيحة الطبية تتحدى ارتفاع سن الزواج وتراجع معدل الخصوبة
التكاليف المادية ربما تقلل من إقبال الفتيات على «تجميد البويضات»، حيث تبلغ قيمتها حوالى 10 آلاف جنيه، قابلة للزيادة أو النقصان، وفقاً لعدد البويضات التى يتم تجميدها، والفترة التى ستجمد فيها، خاصةً أن الأدوات والتحضيرات اللازمة، يتم استيرادها من الخارج «فرنسا وإنجلترا»، الأمر الذى يختلف عن تجميد السائل المنوى لدى الرجال، حيث أوضح «حامد» أن تكلفته لا تزيد على بضعة جنيهات.
يرفض «حامد» الحديث عن إمكانية اختلاط الأنساب أو أن يحدث تلاعب فى البويضات المجمدة: «من المستحيل أن يحدث ذلك، فالعملية محكمة للغاية، هناك أكثر من فلتر تم وضعه لمنع التلاعب، فالمستشفى يحتفظ بتفاصيل دقيقة على أجهزة الكمبيوتر يصعب كشفها، وهناك ثلاثة شهود يؤخذ رأيهم، كل منهم يراقب عمل ما سبقه يدوياً، بخلاف أن الأنابيب التى تحوى البويضات المجمدة عليها بيانات الشخص وتسلسل سرى، كما أنها توضع فى مكان معين، وفقاً لترتيب تمت برمجته على الكمبيوتر».
الحديث عن التقنية الحديثة وفقاً للعلم والنظريات الطبية، يختلف كثيراً عن رأى الشارع فيها، وبسؤال الفتيات عن مدى تقبلهن لفكرة «تجميد البويضات»، وهل من الممكن أن يلجأن لها، تباينت ردود فعلهن، فتقول «ريهام سامى»، مهندسة ولم يسبق لها الزواج: «موضوع مهم جداً، لازم ينتشر فى مصر فى أسرع وقت، ياريت كان موجود من زمان، كان ناس كتير حققت حلمها وخلفت ولاد وبنات».
تأييد «ريهام» للفكرة لا يعنى إقدامها شخصياً عليها، فهى ترى أنه من الضرورى مرور فترة لا تقل عن 5 سنوات على اتباع هذه التقنية فى مصر، لتتأكد أنه ليست هناك خطورة منها، ومدى كفاءة القائمين عليها.
لا تتفق «إنجى محمود»، صاحبة الـ29 عاماً، مع الرأى السابق، فهى تخشى من استغلال التقنية الحديثة بشكل سيئ فى مصر، وأن تُدار بمنطق «البيزنس»، فحلم الإنجاب يتحقق لمن يدفع، ويتبدد لمن لا يمتلك مالاً وفيراً: «أنا راضية باللى ربنا كاتبه ليا، وعمرى ما أفكر أجمد بويضاتى، فيه ستات بتحمل وهى سنها كبير، وممكن يكون نصيبى فى الحياة إنى متجوزش خالص».
نقطة أخرى مهمة أثارتها «أنجى»، حول رأى الدين فى هذا الإجراء؟ وهل تحيطه الشبهات أم لا؟ السؤال الذى أجابت عنه الدكتورة سعاد صالح، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، مؤكدة ضرورة عرض الصيحة الطبية على مجمع البحوث الإسلامية، بمشاركة علماء الدين والأطباء المتخصصين، حفظاً للأنساب والمواريث.
أضافت «صالح» أن استخدام البويضات بين غير الأزواج حرام شرعاً، كما أن الشرع يقتضى مصارحة الشريك بهذا الإجراء قبل عقد القران، وله مطلق الحرية فى قبول الأمر أو رفضه.