«سلطان»: سدّ النهضة إجرام فى حق مصر والمصريين.. والتحكيم الدولى ضرورة
«سلطان»: سدّ النهضة إجرام فى حق مصر والمصريين.. والتحكيم الدولى ضرورة
سلطان
قال الدكتور محمد سلطان، العالم المصرى بجامعة ميتشجن بولاية شيكاغو بأمريكا، إن مصر تدخل مرحلة خطرة لم تمرّ بها عبر العصور، إنها السنون السبع العجاف كما ذكر القرآن الكريم، فمنذ وقت طويل أصبحت مصر من المناطق الجافة غير الممطرة، بالإضافة إلى الخطر الأكبر الذى يهدد مصر وهو قيام إثيوبيا ببناء سد النهضة الذى يعجّل بالمشكلة، بل يصعّب على مصر تحمُّل التعطيش لسنوات، كما تريد إثيوبيا، فما الحلول فى حالة استكمال سد النهضة؟ وهل نستطيع أن نتحمل العطش وجفاف الأراضى الزراعية؟ وهل لدينا بدائل؟ وإلى أى مدى سنعتمد على المخزون المصرى من المياه؟
«الوطن» التقت العالِم المصرى المتخصص فى تطبيق نهج البحوث المتعددة، مثل الاستشعار عن بعد، ونظم المعلومات الجغرافية، والكيمياء الجيولوجية، والتاريخ الجيولوجى، والهيدرولوجيا، والجريان السطحى، وتدفق المياه الجوفية النموذجية، والجيولوجيا الميدانية، للإجابة عن الأسئلة المطروحة، وتوضيح خطورة بناء سد النهضة الإثيوبى، والأضرار التى ستواجهها مصر من هذا السد.. فإلى نص الحوار.
■ كيف ترى تأثير مشروع «سد النهضة» على مصر؟
- مشروع سد النهضة مضرّ جداً لمصر، أنا منذ فترة تحدثت عن خطورة المشروع، وكان لا بد من التنبؤ بخطورته، خاصة أن مصر مليئة بالكفاءات التى تعلم جيداً خطورة هذا المشروع، وببساطة يستطيعون أن يعرفوا مدى التأثيرات الخطرة التى تتعرض لها مصر، لأن بناء سد النهضة سوف يحجز كمية هائلة من المياه تمثل نصف كمية المياه التى وراء السد العالى.
يحتوى السد العالى على نحو 140 مليون متر مكعب، وسد النهضة نحو 70 مليون متر مكعب، وهذه كمية ضخمة جداً، وفى حالة قيام الإثيوبيين بملء السد فى غضون 7 سنوات، وهذا لن يحدث، ورغم طول المدة، لا يستطيع الشعب المصرى تحمُّل نقص هذه الكمية من المياه، والسبب أنه فى حالة ملء السد فى 7 سنوات فهذا معناه أنهم يحجزون خلال السنوات السبع 10 ملايين متر مكعب لملء السد وتدخل مصر مرحلة خطرة لم تمر بها عبر العصور كسبع سنوات العجاف التى ذكرها القرآن، وهذا يُعتبر أول فاقد، أما الفاقد الثانى فهو التبخر الذى يحدث بعد ملء السد، وقمت مع فريق عمل بحثى مع جامعة ميتشجن وعدد من الجامعات الأمريكية الأخرى، بعمل مجموعة من الأبحاث حول السد العالى وكيف تم ملؤه، فوجدنا أن السد العالى فقدنا خلال السنوات العشر الأولى لملئه 60 مليون متر مكعب، وقياسا عليه فإن سد النهضة وهو يعتبر نصف السد العالى، سوف نفقد معه ربع كمية المياه التى تصل إلينا من نهر النيل.
الإسكندرية ستتعرض لأمطار غزيرة تصل إلى حد السيول خلال السنوات المقبلة بسبب تغيرات المناخ
والسؤال هنا: هل تستطيع مصر أن تفقد ربع كمية المياه التى تستهلكها؟ ولو سألنا أى فلاح هل تتحمل الأراضى منع ربع كمية المياه، فستكون الإجابة بالتأكيد لا، هذا شبه مستحيل، ولو ملأوا السد فى وقت أسرع فسيكون الموضوع مستحيلاً على مصر، ويُعتبر إجراماً فى حقها، ومن المفروض عدم الانتظار أكثر من ذلك لأنهم يجهضون حقاً دولياً لمصر من حصتها المائية. لا بد من وقفة حازمة.
العالِم المصرى بجامعة ويسترن ميتشجن الأمريكية: أجرينا دراسات على أراضى مشروع الـ1.5 مليون.. و«الفرافرة» ليست «توشكى».. واحتياطى السد العالى يكفينا 10 سنوات.. ونمتلك فى مصر أكبر مخزون من المياه الجوفية فى العالَم وعلينا استغلاله جيداً
■ ذكر الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أكثر من لقاء له أن من حق الشعب الإثيوبى أن يتمتع بالتنمية، ومن حقهم توليد الطاقة.. فما الحل من وجهة نظرك لإرضاء الجانبين؟
- الكلام النهائى لهذا الموضوع بحيث لا يضرّ بحصة مصر فى المياه، وفى الوقت نفسه تحقق إثيوبيا احتياجاتها من توليد الطاقة، هو أن يقوموا بعمل سدود صغيرة من 10 إلى 15 مليون متر مكعب، وهذه السدود الصغيرة قادرة على توليد الكهرباء كما يريد الإثيوبيون، وبهذا لا يوجد أى ضرر للبلدين.
■ هل ستنتهى مشكلة سد النهضة عند ملء السد فقط، أم نتوقع مفاجآت أخرى؟
- بالتأكيد، من المتوقع خلال ملء سد النهضة أن يحدث عديد من المفاجآت، لأن طبيعة النيل هناك مختلفة عن نهر النيل فى مصر، لأن هناك المنبع الرئيسى، وحجم ضخ المياه يكون أقوى وأسرع، ومن المتوقع أن نفقد نسبة أكبر بكثير من حصتنا من مياه النيل، كما أن نسبة التسرب من السد لا نستطيع حسابها لأنه عند ملء السد العالى كانت نسبة التسرب فى البداية كبيرة، ولأن الطمى الذى يأتى لنا من الحبشة كبير قلّت نسبة التسرب بسرعة، أما سد النهضة فنسبة التسرب احتمال كبير لا تسدّ، لأن الطمى هناك عبارة عن صخور كبيرة، وهذه الصخور تسمح بتسريب المياه، ولكى تسد فسوف تستغرق زمناً طويلاً وغير محسوب، وهذه مشكلة كبيرة أخرى.
■ ما الحل من وجهة نظرك؟ ومن المخطئ؟
- أعتقد أنها غلطة من الإثيوبيين، لأن الشعب المصرى لا يمكن أن يتحمل منع حصته من مياه نهر النيل، كما أنها حق دولى، والقانون الدولى يحتم على الإثيوبيين أن لا يتعدوا على حقوق حصة الغير فى تقسيم النهر، بما يضر مصلحة الغير، وهى بهذه الطريقة تخالف القانون الدولى، ولا بد أن تلجأ مصر إلى التحكيم الدولى. وأنا أستغرب لماذا لم تتخذ الحكومة المصرية هذه الإجراءات الدولية ضد إثيوبيا، كما حدث فى طابا، لأنهم بهذه الطريقة يسرقون حق المصريين فى المياه، فكيف نسمح لهم بذلك؟ ولا أنكر أن الإثيوبيين استغلوا السنوات الماضية ومصر فى حالة من الارتباك السياسى وقاموا ببناء السد.
حتى لو قامت أديس أبابا بملء سد النهضة خلال 7 سنوات فلن يتحمل الشعب المصرى نقص المياه
■ ما الحلول البديلة لنهر النيل؟ وهل المياه الجوفية سوف تنقذنا من العطش؟
- التكنولوجيا تطورت بشكل كبير، فمن خلال «الستالايت» نستطيع الكشف عن المياه الجوفية وعمقها وكميتها. المسألة أصبحت سهلة وغير معقدة كما كانت فى السابق، كما ضمن مشروع ممول من «ناسا» وفريق عمل «الفريق العلمى»، ونعمل على كل أفريقيا، وبالتركيز على الصحراء ومناطق الخليج، كما تم إجراء الأبحاث على التنقيب عن المياه الجوفية، ومن خلال فريق العمل البحثى وجدنا كثيراً من المياه الجوفية فى مصر، كما يوجد بمصر أكبر مخزون من المياه الجوفية، كما أن مشروع استصلاح الـ1٫5 مليون فدان الذى أعلن عنه الرئيس السيسى، أجرى فريق العمل البحثى منذ فترة دراسات على منطقته، ولدينا أبحاث نستطيع بها أن نعرف الأماكن التى يتم الحفر فيها ووجود مياه، والأماكن التى يصعب الحفر بها، لأن الخزان الجوفى النوبى ممتدّ فى مصر وليبيا والسودان وتشاد، وهو عبارة عن دائرة كبيرة بين الصحراء الغربية والجزء الشرقى من حدود ليبيا.
من المفروض حفر الآبار فى المنطقة التى يوجد فيها مياه جوفية متجددة وغير ناضبة، والمنطقة المذكورة يوجد فيها بأكملها مياه جوفية، لكن هناك أماكن المياه الجوفية فيها غير متجددة، واختيار منطقة الفرافرة للزراعة كان اختياراً جيداً، لأن بهذه المنطقة مياهاً جوفية متجددة وصالحة للزراعة، وأيضاً من المناطق التى تحتوى على مياهاً جوفية جيدة سيوة ومناطق سيناء، أما المناطق غير الصالحة للزراعة لعدم وجود مياه جوفية فهى شرق العوينات والمنطقة الجنوبية، كما أن هذه المناطق لا بد من البعد عنها فى الزراعة، لأن بيننا وبين السودان حاجزاً مائياً طبيعياً، يمنع سريان المياه وانتقال المياه من الجنوب، ويوجد صعوبة فى شفط المياه من الجنوب إلى الشمال، كما أن من المناطق الجيدة فى الزراعة ممراً يأتى من ليبيا شمال شرق، فوق جبل العوينات، ويوجد ممر يتميز بسهولة فى المياه، فهذا المكان لا بد من الاستصلاح الزراعى فيه.
الاستهلاك من مخزون بحيرة ناصر يعرضها للجفاف والخطورة أننا لن نتمكن من توليد الكهرباء وقتها.. والقانون الدولى يحتم على الإثيوبيين عدم التعدى على حصة الغير.. و«السد» يؤثر على بحيرة ناصر
■ هل لدى مصر مخزون كافٍ من المياه الجوفية؟ وهل يتم استغلال هذه المياه بشكل صحيح؟
- مصر بها «الخزان النوبى الجوفى»، وهو من أكبر الخزانات الجوفية فى العالم، ومصر تستغل نحو بليون ونصف بليون متر مكعب فقط من المياه الجوفية، وهذا جزء صغير، ولا بد من التوسع فيه.
كما أن الخزان النوبى الجوفى امتلأ فى سنوات طويلة ممطرة سابقة، ففى تاريخ المليون سنة الأخيرة، حيث كان يحدث على مصر فترات مطيرة وبعدها فترات قاحلة ونحن الآن فى الفترات القاحلة التى تعيشها مصر، ولكن لدينا مخزوناً ضخماً من المياه الجوفية، ولا بد من استغلاله الآن
ولا بد من وجود نظام لاستغلال المياه الجوفية وعدم إهدارها بشكل عشوائى فى الزراعة، كما يجب على الدولة إدخال الزراعة الحديثة والرى الحديث فى جميع أنحاء مصر.
وفى ظل الظروف التى نعيشها الآن لا بد من تغيير التفكير، فمثلا لا بد من أن نختار جيداً المناطق التى يتم استصلاحها للزراعة، والأماكن التى لا تحتاج إلى تنقيب عن المياه الجوفية واستهلاك طاقة وموارد كثيرة فى التنقيب عن المياه، كما كان يحدث فى الماضى، وعلى سبيل المثال استصلاح توشكى كان خطأً فادحاً.
لا أعتقد أن مشروع «الباز» هو الأصلح حالياً.. وبناء «سدود صغيرة» حل يرضى الطرفين ولا يضر أحداً
■ هل تستطيع مصر الاستغناء عن حصتها من مياه النيل والاعتماد بشكل كلى على المياه الجوفية فقط؟
- أنا أتمنى أن لا يُستكمل مشروع سد النهضة بأى طريقة أخرى، وأن تأخذ الحكومة القرار المناسب، بخاصة أن مصر فى احتياج كامل إلى حصتها كلها دون استقطاع، خصوصاً فى ظل الزيادة السكانية فنحتاج إلى الزراعة، ولا بد من استخدام المياه استخداماً أمثل فى الزراعة.
ولا تستطيع مصر الاعتماد فقط على المياه الجوفية، فكيف نفعل ذلك ولدينا حصتنا من نهر النيل؟ لا يمكن التفريط فيها بكل الأشكال، ويجب أن تلجأ مصر إلى التحكيم الدولى. وهذا ما كان مفترَضاً أن نفعله منذ علمنا بنيّة إثيوبيا ببناء سد النهضة.
■ هل سيؤثر بناء سد النهضة على بحيرة ناصر؟
- طبعاً، سيؤثر على بحيرة ناصر بشكل كبير جداً، ففى حالة منع الجزء الكبير من حصة مصر من نهر النيل سيكون الحل البديل لمصر هو اللجوء إلى استخدام المياه الموجودة فى بحيرة ناصر، والمفروض أن البحيرة يوجد بها مخزون مائى لمدة عشر سنوات، فمع الاستهلاك سيقلّ منسوب البحيرة حتى تجف، وبالتالى نواجه مشكلة أخرى وهى أننا لا نستطيع توليد الكهرباء، وللأسف ستكون عديمة الجدوى، والقدرة التخزينية معدومة، كما نستطيع أن نرى مناسيب بحيرة ناصر فنعرف كمية المياه، فمنذ بناء السد العالى فى السبعينات مرت مصر بفترتين كبيرتين 8-10 سنين، كان يوجد فائض مياه ضخم، وبفترتين المياه فيهما قليلة، فنحن الآن فى الفترة التى تنقص فيها المياه، ومنذ 2004 «واحنا فى النازل»، وللأسف مصر تعيش سبع سنين عجاف كما ذُكر فى القرآن.
نحتاج إلى عدم استقطاع أى جزء من حصتنا فى مياه النيل فى ظل الزيادة السكانية.. ولا يمكن الاعتماد على المياه الجوفية فقط
وادى النيل، ومن الجهتين جبال، ولكن فى وسط الجبل الغربى من الصحراء الغربية يوجد منخفضات طبيعية، وفى آخر التسعينات ارتفع منسوب نهر النيل وحدث فيضان، وهذه المياه دخلت فى هذه المنخفضات وأصبح لدينا خمس بحيرات، كانت آخرها 20 كيلومتراً من آخر الجبل، ومن الناحية المقابلة يوجد الخزان الجوفى النوبى على سطح الأرض، وإذا تم تعميق المجرى بحيث يتم إدخال المياه من البحيرة إلى المنخفض الأول ثم الثانى حتى المنخفضات الخمسة، وفى المنخفض الخامس يتم توسيعه وتخزن فيه المياه الزائدة فى الخزان النوبى الجوفى، ومشكلة الخزان الجوفى النوبى فى هذه المنطقة أنه نتيجة وجود سد طبيعى فى الجنوب فتغذية الخزان من هذه الجهة تكون قليلة، ومن هذه البحيرات الخمس نستطيع استغلال المياه بها فى تخزين المياه فى الخزان وبهذه الطريقة نستغل المنطقة بعمل زراعة مستدامة فى هذه المنطقة، وهذا مشروع مهمّ وغير مكلّف.
■ يقال إنه من المحتمل غرق منطقة الدلتا.. فهل هذا الكلام صحيح؟
- أُجرِيَت أبحاث كثيرة فى فريق البحث الذى أعمل معه، وقد حصلنا على نتائج مهمة، منها أن جميع الأبحاث السابقة التى تمت على منطقة الدلتا كلها والتى كانت تقول فى الماضى باحتمال غرق الدلتا كانت أبحاثاً تخصّ فترة معيَّنة من الانخفاضات فى هذه المنطقة، وبإجراء الفريق الأبحاث الجديدة اكتشفنا أن فى الدلتا مناطق كثيرة لا يمكن أن تنخفض مرة أخرى وأنها وصلت إلى المستوى الأقصى من الانخفاض، وهذا معناه أنه لا احتمالية لغرق الدلتا، ولدينا صورة توضح المناطق التى يحدث فيها هبوط، ومتى يحدث، ونسبة هذا الهبوط، ولقد تم العمل على هذا المشروع لمدة ثلاث سنوات، على مستوى الدلتا كلها، ونستطيع أن نعرف المستوى الذى تنخفض فيه هذه المنطقة خلال السنوات المقبلة، وبهذا نعرف المناطق المعرضة للغرق من المناطق غير المعرَّضة، وعن طريق الدراسات التى تمت على هذه المنطقة والتى حفرت نحو 80 بئراً فى شمال الدلتا، ومن سُمك طبقات الأرض، استطاع هذا الفريق أن يعرف مقدار الانخفاض الذى حدث فى الدلتا، ومتوسط الهبوط.
■ ما رأيك فى مشروع توشكى؟ وما أسباب فشل هذا المشروع؟
- إذا أردنا أن نزرع المريخ فسوف نستطيع، لكن ما التكلفة؟ وما الجهد المبذول؟ أنا أتمنى أن نفكّر بطريقة أخرى غير التى كانت موجودة فى السابق، وقبل الموافقة على أى مشاريع لا بد من تحديد الهدف، وإذا كان الهدف توسيع الأراضى الزراعية، أو الهدف نقل الناس خارج حدود النيل، فلا بد من اللجوء إلى الخبرات العالمية، وهذا يحدث فى كل أنحاء العالم، نقدم المشاريع ويوجد بيوت خبرة تساعد فى أخذ القرار. مشروع توشكى يوجد عليه اعتراضات كثيرة، ففى مشروع توشكى كان هو المشروع الوحيد المقدم فى ذلك الوقت، ولم يكن أمام النظام بدائل أخرى، وهذه أول غلطة. والخطأ الثانى أن منطقة توشكى على جبل، كأننا نزرع جبل المقطم، فكمّ الطاقة المُهدَرة من استخراج المياه وتكلفتها عالية، ونحن غير محتاجين إلى أن نزرع مناطق غير صالحة للزراعة ونترك الأماكن التى يسهل زراعتها.
■ هل ترى أن مشروع الدكتور فاروق الباز، وهو مشروع «خط التنمية»، يصلح لمصر؟
- أيضاً مشروع الدكتور فاروق الباز لا بد له من تطبيق القاعدة التى ذكرتها سابقاً: «ما الهدف من المشروع؟ وما تكلفته؟ وهل هو أصلح مشروع لمصر أم لا؟».. وأنا لا أعتقد أنه أصلح مشروع لمصر.
■ لماذا لم نستغلّ الأراضى فى سيناء للاستصلاح الزراعى؟ وما مشكلة هذه المنطقة؟ هل هى مشكلة علمية أم أن أسباباً سياسية تمنع من استصلاح الأراضى هناك؟
- منطقة سيناء من المناطق التى لم تُستغل نهائياً فى الزراعة، مع أننا فى أكثر الأوقات احتياجاً إليها، كما أن هذه المنطقة من أسهل المناطق فى الزراعة بسبب وجود المياه على سطح الجبل هناك، التى تنزل على جبال سيناء، كما توجد مناطق فى سيناء تأخذ من الخزان الجوفى النوبى، مما يعنى أن المياه تسير بشكل يسهل عملية الزراعة دون أى تكلفة لاستخراج المياه، وجزء من المياه يسير ناحية الخليج، والآخر ناحية البحر، وجزء آخر يدخل على إسرائيل وهذا الجزء الذى يدخل على إسرائيل هو الأكبر، لأن لدينا تراكيب جيولوجية، وهو عبارة عن سد جوفى، فبالتالى تدخل المياه الجوفية على إسرائيل دون الاستفادة منه، وتذهب المياه دون عناء إلى إسرائيل، ومن الطبيعى الأَوْلى أن نستفيد منها فى الزراعة قبل أن تذهب لإسرائيل، كما أن الزراعة من الممكن أن تحل مشكلات كثيرة فى هذه المنطقة، بخاصة أن الأرض فى هذه المنطقة سهلة الزراعة، ولا تحتاج إلى أى مجهود لأن المياه الجوفية على سطح الأرض، كما أن هذه المنطقة تُعتبر من المياه المتجددة، لأنه لا يوجد مطر فى الصحراء الغربية، لكن هذه منطقة ممطرة جداً، وبالتالى فالمياه الجوفية فيها مياه متجددة.
بالنسبة للمجموعة البحثية التى أعمل بها، وهى من جامعات أمريكية مختلفة، كان لدينا مشروع مع وزارة الرى وكلية الهندسة جامعة القاهرة، وتم العمل على استنباط تحديد المياه الجوفية فى المناطق القاحلة، بحيث تطبق فى مصر، واخترنا المنطقة الشمالية نموذجاً للتطبيق فيها، وتم تحديد المناطق التى يوجد فيها مياه جوفية حتى الجبال، وذلك عن طريق الاستشعار عن بُعد، وبطرق استخدامات أرضية، ووجدنا أن منطقة سيناء من أفضل المناطق التى يوجد فيها مياه جوفية متجددة وصالحة للزراعة دون عناء.
■ ما أثار تغير المناخ على مصر؟
- أجرينا مجموعة من الدراسات على آثار تغير المناخ على مصر وجدنا أن درجة حرارة الأرض فى زيادة ملموسة بسبب التلوث كما توقع أن الرياح الشمالية فى مصر مثل الإسكندرية والسواحل بشكل عام ستتعرض لنسبة كبيرة من الأمطار تصل إلى سيول خلال السنوات المقبلة.
«سلطان» يتحدث لـ «الوطن»