الولايات المتحدة في "موقف محرج" بعد اندلاع الأزمة بين السعودية وإيران
الولايات المتحدة في "موقف محرج" بعد اندلاع الأزمة بين السعودية وإيران
صورة أرشيفية
تجد الولايات المتحدة نفسها في موقف محرج بعد اندلاع الأزمة الدبلوماسية الحادة بين العربية السعودية وإيران، والسبب سياسة التقارب مع إيران التي انتهجتها واشنطن بهدف الوصول بأي ثمن إلى اتفاق حول الملف النووي الإيراني، ما أثار غضب الحليف السعودي.
وقال دبلوماسي أمريكي لوكالة "فرانس برس"، إن الدليل على هذا الإحراج الأمريكي بمواجهة التصعيد الخطير بين القوتين الإقليميتين في الشرق الأوسط، هو مسارعة وزير الخارجية جون كيري إلى الاتصال هاتفيا الإثنين بنظيريه الإيراني محمد جواد ظريف، والسعودي عادل الجبير، ومناشدتهما ضبط النفس ومنع تفاقم الأزمة.
وردا على سؤال حول عمق هذه "الانقسامات" بين الرياض وطهران اكتفى المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جون كيربي بالقول إن الولايات المتحدة "تأمل بألا تكون غير قابلة للردم".
إلا أن السفير الأمريكي المتقاعد البرتو فرنانديز نائب رئيس مؤسسة الأبحاث حول إعلام الشرق الأوسط، اعتبر أن هذا الرهان الأمريكي خاسر.
ويرى هذا الدبلوماسي السابق أن المرحلة الجديدة من التوتر بين الرياض وإيران تؤكد أن "الذين كانوا يقولون إنه من غير الإمكان فصل الاتفاق النووي عن النشاطات الأخرى (لزعزعة الاستقرار) لإيران في المنطقة كانوا على صواب".
ويضيف فرنانديز في حديثه مع "فرانس برس" أن هناك "عيبا في الشكل" في التغيير الكبير الذي قامت به إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في الشرق الأوسط، عبر التقرب من طهران وإغضاب الرياض.
وتساءل هذا السفير الأمريكي السابق "كيف يمكن تعزيز الروابط مع إيران من دون إثارة غضب حليفها" السعودي.
والمعروف أن الاتفاق التاريخي الذي تم التوصل إليه في الرابع عشر من يوليو الماضي في فيينا بين إيران من جهة والقوى الكبرى السبت من جهة ثانية، يجب أن يضمن عدم تزود إيران بقنبلة ذرية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية الدولية عنها.
وتتواجه الرياض وطهران بالواسطة في سوريا والعراق ولبنان واليمن.
وارتفعت حدة هذه المواجهة خلال الأيام القليلة الماضية مع قيام الرياض بإعدام شيخ سعودي شيعي، ما أثار رد فعل غاضب من إيران، ولما قام متظاهرون بإحراق السفارة السعودية في طهران، أعلنت الرياض مدعومة بعدد من حلفائها قطع علاقاتها الدبلوماسية بطهران.
سياسة عوراء:
ويقول سلمان شيخ رئيس مركز مجموعة الشيخ للأبحاث إن هذه الأزمة الجديدة هي نتيجة "السياسة العوراء" للولايات المتحدة في المنطقة التي ركزت على الاتفاق النووي مع إيران متجاهلة الدور المؤذي لإيران خصوصا عبر دعمها الرئيس السوري بشار الأسد، ودعم حزب الله اللبناني الشيعي الذي تعتبره واشنطن "إرهابيا".
إلا أن الإدارة الأمريكية ترفض هذه الاتهامات، وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جون كيربي: "لا أحد يغلق عينيه عن قدرات نظام طهران على القيام بنشاطات تزعزع الاستقرار في المنطقة"، مكررا أن واشنطن "لا تزال تعتبر إيران دولة داعمة للإرهاب" وهي لا تزال على لائحة الدول الداعمة للإرهاب الى جانب سوريا والسودان خصوصا.
وردا على سؤال حول هامش تحرك الولايات المتحدة لتهدئة التوتر بين إيران والسعودية قال سلمان شيخ "إن نسبة التأثير الأمريكية باتت محدودة".
وقناة التواصل الوحيدة الرسمية بين إيران والولايات المتحدة تستند إلى العلاقات الجيدة بين وزيري خارجية البلدين، الأمريكي جون كيري، والإيراني محمد جواد ظريف، التي بنيت منذ عام 2013 خلال المحادثات النووية بين البلدين.
أما بالنسبة إلى العربية السعودية القريبة تاريخيا من العراب الأمريكي، فإنه من المعروف تماما أن وسائل الضغط الأمريكية عليها محدودة.
وبهدف تهدئة الرياض المنزعجة جدا من السياسية الأمريكية تجاه إيران وسوريا قدمت واشنطن مبادرات عدة منذ العام 2013، ووعدت الصيف الماضي بتعزيز الاتفاقات الدفاعية بين البلدين وزيادة مبيعات السلاح إلى الرياض وبقية دول الخليج.
إلا أن شيئا من هذا لم يتحقق، كما يقول السفير فرنانديز، مضيفا "أن الولايات المتحدة لم تفعل ما يكفي ولم تكن قادرة على القيام بالمزيد" في إطار النزاع القائم بين الرياض وطهران.