"تقصى حقائق الفساد": دراسة "المحاسبات" تضمنت تجميعا مفتعلا لوقائع قديمة وتوظيف الأرقام بشكل سلبي
تقصى حقائق الفساد: دراسة المحاسبات تضمنت تجميع مفتعل لوقائع قديمة وإساءة توظيف الارقام بشكل سلبى .. و"السيسى" يحيل التقرير الى مجلس النواب لاتخاذ الاجراءات القانونية
المستشار هشام جنينة
أصدرت لجنة تقصي الحقائق حول الفساد، والتي وجه بتشكيلها الرئيس عبد الفتاح السيسي، برئاسة محمد عرفان رئيس هيئة الرقابة الإدارية تقريرها اليوم الثلاثاء، لبيان حقيقة الأرقام التي أعلنها المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات والتي قالها فيها إنّ قيمة الفساد في 2015 وصلت إلى 600 مليار جنيه.
وأوضحت اللجنة أنّ تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات احتسبت مبلغ 174 مليار جنيه تمثل تعديات بمدينة السادات كأموال مهدرة على الدولة على الرغم من إثبات إزالة التعديات، وأن تقارير المحاسبات تضمنت ترتيبًا وتجميعًا مفتعلًا لوقائع حدثت منذ عشرات السنوات وإثبات استمرارها دون تصويب كذريعة لإدراجها المغرض ضمن عام 2015 وإساءة توظيف الأرقام والسياسات، ما يظهر الإيجابيات بشكل سلبي واعتبار تأخر سداد مديونيات الشركاء الأجانب بقطاع البترول وجدولتها فسادًا، والإغفال المتعمد لما تم اتخاذه من قرارات حيال ملاحظات سبق إثباتها في تقارير الأعوام الماضية وتم الرد عليها وإحالة بعضها لجهات التحقيق وصدور أحكام في بعضها بالبراءة أو الإدانة.وأشار التقرير إلى أنّه تم الاتصال برئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بتاريخ 27 ديسمبر 2015، للاستفسار عن حقيقة ذلك التصريح، وأفاد أنّه أعدّ دراسة بواسطة لجنة فنية شكلها من بعض العاملين في الجهاز، وانتهت إلى صحة ذلك الرقم وأنّه يتضمن الفترة من العام 2012 حتى العام 2015، وأنه أرسل نسخة من هذه الدراسة إلى اللجنة معنونة (دراسة عن تحليل تكاليف الفساد بالتطبيق على بعض القطاعات في مصر) وذلك دون الإشارة للمدى الزمني للدراسة.
وأكدت لجنة تقصي الحقائق أنّه في ضوء هذه المداخلات وبالاستعانة بعدد من الأساتذة والخبراء في علوم المحاسبة والاقتصاد والإحصاء والذين انضم إليهم عدد من السادة الأعضاء من داخل الجهاز المركزي للمحاسبات، مارست اللجنة عملها على مدار 14 يومًا وانتهت من تقريرها الذي بات ملكًا للرأي العام الذي يطلب استجلاء الحقيقة وإزالة أي لبس أو غموض شاب تلك التصريحات.وأجمل تقرير اللجنة في خمسة بنود أساسية تصف وتحلل ما اعترى تلك التصريحات وما شاب هذه الدراسة من قصور أولها، التضليل وتضخيم حجم وقيمة ما سمي بالفساد، وذلك بتكوين وتجميع بعض الأرقام أكثر من مرة وتحت مسميات عدة في أكثر من موضع وامتدادًا لأسلوب التضليل والتضخيم تم احتساب مبلغ 174 مليار جنيه تمثل تعديات بمدينة السادات كأموال مهدرة على الدولة، على الرغم من إثبات إزالة أجهزة الدولة لتلك التعديات بالكامل عام 2015.ثانيها فقدان المصداقية، حينما يتم ترتيب وتجميع مفتعل لوقائع حدثت منذ عشرات السنوات وإثبات استمرارها دون تصويب كذريعة لإدراجها المغرض ضمن عام 2015، وكمثال صارخ على ذلك تضمين واقعة التعدي على أراضي الأوقاف منذ عشرينيات القرن الماضي ومخالفات مبان بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة منذ عام 1979، فضلًا عن عدم تعرض الدراسة غير المدققة لأي وقائع تخص الفترة الزمنية للعام الحالي، خاصة وأنّه قد تبين عدم الانتهاء حتى تاريخه من إعداد التقارير السنوية المجمعة عن العام المالي 2013/2014 وكذا عام 2014/2015.وثالثها الإغفال المتعمد في ما تم اتخاذه من قرارات حيال ملاحظات سبق إثباتها في تقارير الأعوام الماضية وتم الرد عليها وإحالة بعضها لجهات التحقيق عند المقتضى، سواء النيابة العامة أو النيابة الإدارية، وتم اتخاذ إجراءات حاسمة إما بالحفظ أو الإحالة للمحاكمات، وصدر أحكام في بعضها بالبراءة أو الإدانة والأمثلة أيضًا عديدة.ورابعها إساءة توظيف الأرقام والسياسات مما يظهر الإيجابيات بشكل سلبي ومنها على سبيل المثال، اعتبار تأخر سداد مديونيات الشركاء الأجانب بقطاع البترول وجدولتها فسادًا يتمثل في قيمة فواتير الجدولة نظرًا لغياب أو تغييب الحس الاقتصادي لأوضاع البلاد الاقتصادية، وما تعرضت له هذه الشركات من خسائر نتيجة الأحداث السياسية ودعاوى التحكيم.\وأوضح تقرير لجنة تقصي الحقائق، أنّه تم إدراج مبلغ 134.64 مليار جنيه لعدم التزام هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة منذ إنشائها عام 1979 بتخصيص مساحة 5 كيلومترات حول كل مدينة كأراضي بناء، ما عطل الاستفادة بقيمة تلك المساحات دون مراعاة أن تلك التقارير غير الدقيقة والتصريحات غير المسؤولة يمكن أن تستخدمها المنظمات الدولية في ترتيب وتصنيف الدول، والتي تعد أهم مدخلات تتخذ على أساسها مؤسسات التموين الدولية قراراتها.
وخامسها إساءة استخدام كلمة الفساد ووضعها في مواضع أبعاد ما تكون عما أقرته القوانين والمواثيق الوطنية والدولية والتعميم والخلط بين الوقائع والإجراءات وبين ما تم حسمه وما لم يتم حسمه وبين ما هو عام وما هو خاص الأمر الذى يصور كل الجهود والمبادرات التي تبذلها الدولة على أنه لا طائل من وراءها، وهنا يثار التساؤل حول أهداف وجدوى إطلاق ذلك التصريح، علمًا أنّ الدراسة معدة بالاشتراك مع جهات أجنبية ما قد يضر بالمناخ السياسي والاقتصادي للدولة في الوقت الذي تسعى فيه بكل السبل لجذب الاستثمارات لتوفير فرص عمل وحياة كريمة لمواطنيها.وأكد التقرير أنّ اللجنة تلقّت أثناء عملها العديد من المراسلات والشكاوى من داخل الجهاز المركزي للمحاسبات حول سياسات ومقترحات تتعلق بغياب العدالة وعدم الشفافية، وفى هذا الصدد فإنّ اللجنة تبدى خالص التقدير والاحترام لكامل قيادات وأعضاء الجهاز المركزي للمحاسبات خاصة من أبدوا تعاونًا أثناء عمل اللجنة وتؤكد على وطنيتهم ودورهم الرئيسي في ضبط وتصويب الأداء المالي لكافة قطاعات الدولة والذي يمارسونه بكل كفاءة واقتدار.وأكدت أنه بعرض التقرير التفصيلي على الرئيس عبد الفتاح السيسي وافق على إرسال تقرير اللجنة إلى رئيس مجلس النواب، وتكليف اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد برئاسة رئيس مجلس الوزراء والتي تضم كافة الجهات المعنية بمراجعة كافة البنود التي شملتها الدراسة محل الفحص تفصيلاً، والتأكد من اتخاذ الإجراءات القانونية في كل واقعة، واختتم التقرير بكلمة "ويبقى القول الكلمة مسؤولية.. والمحاسبة واجبة والمعرفة من حق الشعب".