«عقارات الموت» فى المحافظات: 100 مبنى مهدد بالانهيار فى سوهاج.. و1.6 مليون مواطن يعيشون فى أبراج آيلة للسقوط بالقليوبية.. وسكان «حى أول طنطا» ينتظرون وقوع كارثة
«عقارات الموت» فى المحافظات: 100 مبنى مهدد بالانهيار فى سوهاج.. و1.6 مليون مواطن يعيشون فى أبراج آيلة للسقوط بالقليوبية.. وسكان «حى أول طنطا» ينتظرون وقوع كارثة
أحد المنازل المتصدعة الآيلة للسقوط فى الوادى الجديد
تتوالى كوارث العقارات المخالفة، لتعلو الأصوات المطالبة للحكومة بضرب فساد المحليات، الذى يتسبب فى إزهاق أرواح الأبرياء دون ذنب ولا جريرة. تعلو الصيحات إثر كل واقعة انهيار عقار مخالف، وينشط المطالبون بمراجعة ملف العقارات المخالفة، حفاظاً على حياة المواطنين، ولا تلبث أن تخفت تلك الأصوات بعد مرور الوقت على وقوع الكارثة، ليعاود الفاسدون نشاطهم، بعيداً عن أعين الرقابة التى غفلت عن فسادهم. «الوطن» تفتح ملف العقارات المهددة بالانهيار فى المحافظات للتحذير من تكرار وقوع كارثة «منيا القمح».
أهالى الوادى الجديد: تقدمنا بالعديد من الشكاوى للوحدة المحلية لإزالة العقارات المخالفة لما لها من خطورة على حياة السكان دون استجابة من المسئولين
تعتبر منطقة «الكوم» الواقعة بوسط مدينة أخميم، شرق محافظة سوهاج، من أخطر الأماكن التى تحوى عقارات مهددة بالانهيار فى أى لحظة، فوفقاً لأهالى المدينة، يوجد أكثر من 100 عقار قديم، مبنية بالطوب اللبِن والطين، آيلة للسقوط وتهدد حياة قاطنيها فى أى لحظة، ولا يكاد يمر شهر على أبناء المنطقة إلا ويحدث تصدع أو انهيار جزئى لأحد المنازل، ولكن عناية الله تلطف بالفقراء، ونادراً ما تحدث وفيات.
«مع تزايد التصدعات والشروخ فى المنازل، أصبح لزاماً على الدولة التدخل وإعادة تطوير المنطقة أو نقل المساكن إلى منطقة أخرى لوجود مقبرة أثرية أسفل تلك المنازل تابعة لمعبد رمسيس الثانى، الذى يقع فى الجهة الشرقية لمساكن الأهالى»، هكذا ذكر خالد مهران، أمين حزب المؤتمر بمحافظة سوهاج، وأحد أبناء مدينة أخميم، مشيراً إلى أن منطقة «الكوم» من أكثر المناطق خطورة بالمحافظة، مؤكداً أن عدد العقارات الآيلة للسقوط تجاوز أكثر من 100 عقار، ولا يوجد حل آخر لدى الأهالى سوى البقاء فى منازلهم المعرضة للانهيار فى أى لحظة، موضحاً أن أهالى المنطقة فقراء، وحالتهم يرثى لها، ولا يتمكنون من هدم منازلهم وبناء بديل، وطالب «مهران» بضرورة تدخل الدولة، إما عن طريق تطوير المنطقة، أو بناء مساكن بديلة للأهالى، وذلك لوقوع المنازل فوق منطقة أثرية تعد من أهم الاكتشافات، مشيراً إلى أن هناك خطة لدى وزارة الآثار لنقل الأهالى، لكن تلك الخطة حبيسة الأدراج بسبب ضعف الإمكانيات.
محمد حامد، أحد سكان المنطقة، يعيش هو وأسرته المكونة من سبعة أفراد، فى رعب دائم بسبب تهالك المنزل وقِدمه، ينتظرون وقوع الكارثة فى أى لحظة، ولا يملك بديلاً سوى الإقامة فى منزله، مشيراً إلى أنه يعمل باليومية، وبالكاد يستطيع أن يوفر لأسرته قوت يومهم، وطالب بمساعدة الدولة فى إعادة بناء منزله ومنازل أهالى المنطقة من جديد، مضيفاً أنه يعرف أن طلبه هذا من المستحيل تحقيقه، لأنه نادراً ما تساعد الحكومة الأهالى إلا عندما تحدث الكارثة فقط.
وأكد المحاسب كمال شلبى، السكرتير المساعد لمحافظة سوهاج، أن منطقة «الكوم» تحوى مساكن قديمة وأخرى مشيدة بطراز حديث، لافتاً إلى أن المنطقة تقع فوق منطقة أثرية، وتحتاج إلى ميزانية كبيرة لنقل أهالى المنطقة إلى مكان آخر، ليتم استكمال الاكتشاف الأثرى لمقبرة الملك رمسيس الثانى، موضحاً أن الدكتور أيمن عبدالمنعم، محافظ سوهاج يولى أهمية كبيرة للمناطق الخطرة، سواء مبانٍ تقع فى مخرات سيول أو متهالكة أو فى أماكن انهيارات صخرية ويجرى الآن وضع خطة من قبل المحافظ بالتعاون مع المسئولين لبحث السبل الكفيلة لتأمين حياة المواطنين فى تلك المناطق.
وفى القليوبية تحولت الأبراج السكنية المخالفة، إلى ظاهرة تجتاح المحافظة، وسط صمت رهيب يصل إلى حد التواطؤ من قبل المسئولين، فرغم صدور قرارات إزالة لكثير من تلك العقارات، التى تقطنها مئات الأسر، فإن تلك القرارات ما زالت حبيسة الأدراج حتى اللحظة.
تقارير هندسية كشفت أن هناك أكثر من 20 برجاً سكنياً أقيمت دون ترخيص فى مدينة الخصوص، وتفتقر لوسائل الأمان والاشتراطات البنائية، وصادر بشأنها قرارات إزالة، لكن تكلفة إزالتها تحتاج إلى ملايين، وسبق للمحافظ السابق أن أحال ملفات بعض هذه الأبراج للنيابة، لكن يظل الخطر قائماً نتيجة الطرق الملتوية التى يلجأ إليها أصحاب هذه الأبراج فى توصيل المرافق وبيع الوهم لكل الحالمين بشقة فى أبراج الموت بالخصوص، التى تحولت إلى كتل خرسانية من كل صوب وحدب حتى تجاوز تعداد سكانها وفقاً للإحصائيات ما يقرب من 1.6 مليون نسمة، فيما ترى أجهزة المحليات أنها اتخذت من جانبها كافة الإجراءات القانونية حيال المخالفين، وترى أن تنفيذ الإزالات يقع على عاتق الجهات الأخرى، فيما يرى الآخرون أنهم سهلوا بل غضوا الطرف عن المخالف حتى أصبحت واقعاً.
من جانبه، أكد كمال أحمد، منسق اللجنة الشعبية بالمدينة أن «الخصوص» يوجد بها أعلى نسبة من الأبراج السكنية المخالفة التى تهدد أرواح المواطنين، مشيراً إلى أن المخالفين اعتدوا على خطوط التنظيم ورفعوا أبراجاً تتجاوز 14 دوراً دون إشراف هندسى أو رخص معتمدة من الإدارة الهندسية المختصة، وحقق هؤلاء الملايين وتركوا السكان يواجهون خطر الموت بعد أن تصدع بعضها، والبعض الآخر فى حاجة إلى ترميم برغم حداثة المبنى.
وفى بنها تعد منطقة «كوبرى الفحص» على النيل معقل بناء الأبراج العشوائية، دون مراعاة لأية اشتراطات، حيث ظهرت عيوب جسيمة بجدرانها، ودخل أصحابها فى أزمة قانونية مع المحافظة بسبب توصيل المرافق، الأمر الذى دفع سامى عبدالوهاب، عضو الهيئة العليا لحزب الكرامة، لمطالبة الحكومة بضرورة إنشاء شرطة متخصصة لإزالة التعديات والمخالفات بكل محافظة، لأن الأمر جد خطير، ولا بد أن يشعر المخالفون بأن هناك حكومة على الأرض، لأن ما تم ارتكابه من مخالفات فى سائر المحافظات يسجل ظاهرة تستحق مواجهتها بكل قوة.
لم يقتصر الأمر على العقارات المهددة بالانهيار، ففى بنى سويف تصدعت أجزاء كبيرة من أكبر مآذن المدينة ارتفاعاً، وهى مئذنة مسجد عثمان بن عفان بمنطقة حى الفالوجا وسط مدينة سمسطا، التى تكتظ بالسكان، وتحاصرها المصالح الحكومية والعمارات السكنية من جميع الاتجاهات.
«أكثر من 10 آلاف نسمة هم جملة أهالى حى الفالوجا ومهددون بالموت المفاجئ فى أى لحظة لو سقطت المئذنة على منازلهم»، هكذا وصف أحمد شعبان، طالب جامعى، الحالة بالمنطقة قائلاً: «مئذنة مسجد عثمان بن عفان يزيد ارتفاعها على الـ30 متراً من الأرض، وبها نسبة ميل كبيرة، وتصدعت منها أجزاء كثيرة، اشتكينا للأوقاف والوحدة المحلية ومجلس الوزراء منذ أكثر من سنة، وما زال الوضع على ما هو عليه، لجان تعاين، لكن مش شايفين أى تطور فى الموضوع». ويضيف كمال محمود: المشكلة تاهت بين الأوقاف والمحافظة والوحدة المحلية، ولن يتحرك أحد إلا لما الكارثة تحصل، والكل ساعتها هيتحرك وهنشوفهم، وهم بيرفعوا مخلفات المئذنة بأيديهم أمام الكاميرات، كما تعودنا دائماً أن نراهم فقط، وهم يعلنون عن صرف حفنة من الجنيهات كتعويضات للمتضررين»، فيما علق الشيخ أحمد عبدالمؤمن، وكيل وزارة الأوقاف ببنى سويف، مشيراً إلى أن المديرية قررت إرسال لجان عاجلة للكشف على المآذن المتصدعة بمساجد المحافظة، وإصدار قرار بشأنها، وفى حالة مرور أكثر من 100 عام على بناء المساجد يتم مخاطبة هيئة الآثار لمتابعتها وإصدار قرارها النهائى بإزالتها أو ترميمها.
وفى الغربية سيطرت حالة من الرعب والفزع بين أهالى شارع الحرية، بحى أول طنطا، بعد تصدع برج سكنى مكون من 10 طوابق بالمخالفة لشروط الترخيص، وأكد السيد عبدالسلام، أحد سكان المنطقة، أن أهالى المنطقة تقدموا باستغاثات إلى المسئولين، مطالبين بإزالة البرج بأقصى سرعة ممكنة، خوفاً على حياتهم، لكن دون استجابة.
وفى الوادى الجديد، يقبع العديد من المنازل الآيلة للسقوط فى الأحياء القديمة بمدينة الخارجة، رغم تقدم الأهالى بالعديد من الشكاوى للوحدة المحلية بمركز الخارجة، لإزالة تلك العقارات نظراً لما تشكله من خطورة على حياة السكان دون استجابة من المسئولين.
أحد أهالى أسوان يشير إلى مدى الضرر الذى أصاب أحد المنازل نتيجة عدم الترميم