أنهار من العسل
وقف واحد من حزب الأغلبية البارزين ليبشر الشعب الغلبان بأنهار من العسل قريباً جداً، ولكنه للأسف لم يحدد فى تصريحاته الحلوة نوعية العسل، حتى يستعد الشعب للتدريب على السباحة، لمواجهة طوفان أنهار العسل القادم، وكانت الشفافية تتطلب منه توضيح نوعية العسل ومذاقه، لأن عسل النحل الجبلى الغالى الثمن يتطلب مجهوداً خرافياً من العوم والغوص بسبب ثقل كثافته وشدة لزوجته، عكس العسل الأسود الرخيص الذى لا يتطلب جهداً خارقاً فى فن العوم، ولاسيما أنه دائماً فى متناول الأسرة، ويكفى طبق يومى منه لسد رمق جوع الغلابة، إذا كان مخلوطاً بالطحينة، والاستمتاع بمذاقه الطيب على الطبلية المصرية، بينما شهرزاد تشدو بأغنيتها الحلوة «عسل وسكر عسل ضحكة حبيبى سكر»، وما زالت تدوى فى الأفق عبارة صفوت الشريف الحلوة التى أصابتنا بالسكر بأن «مصر تعيش أزهى عصور الديمقراطية»، وخلّى البحر طحينة، ولكنه غرق مع التيار فى بحر ثورة 25 يناير الهادر، لأنه لم يكن يجيد العوم، وفى ذات الوقت ما زالت بعض القنوات غير المائية تهتم ببرامج الطهى والوجبات الحلوة المبتكرة من العسل، ويؤكد ضيوف هذه البرامج المفروضين علينا عدم انقطاع الكهرباء، بينما يُجرون حواراتهم على ضوء الشموع، وأن مياه الشرب هى أنقى مياه فى العالم وتفوق فى حلاوتها مياه «فيشى» الفرنسية، بينما تأبى الحيوانات تناولها، ونتمنى أن يتمكن الواقفون على هضبة المقطم من كبح جماح تيارات تصريحاتهم المتوالية، والتى يسيئون فيها إلى الرئيس أكثر مما يظنون أنهم بذلك يخدمونه، وأن يبتعدوا عن سياسة «طق الحنك» التى كان يتميز بها «أبولمعة الأصلى»، ويستخف فيها بعقلية الخواجة «بيجو» وبعقولنا نحن الآباء طوال ثلاثين عاماً من الكذب والنفاق عندما كان يغرق فى بحر العسل الأبيض، ويخرج منه سالماً من البحر الأحمر ليموت مرة أخرى مختنقاً داخل قاع بلاص العسل الأسود.
فاروق على متولى
السويس