احتفالات «ثورة الياسمين»: الحكومة و«النداء» بالقصر.. وحركة «النهضة» فى الشارع
احتفالات «ثورة الياسمين»: الحكومة و«النداء» بالقصر.. وحركة «النهضة» فى الشارع
تونس تستعد للاحتفال بالثورة
من هنا انطلق الربيع العربى.. من هنا هبّت رياح التغيير على الوطن العربى كله، من شارع الحبيب بورقيبة، قلب العاصمة التونسية، انطلق المارد الذى بدأ حالماً، ثائراً، هادراً، وأخيراً منفجراً.
ربما شاءت الأقدار أن تنجو مصر وتونس وحدهما من الأمواج الهادرة للربيع العربى، التى أغرقت الباقين فى وحل العنف والانفجارات والتفجيرات والإرهاب، وتحول معها الربيع إلى جهنم.
تبدو مصر وتونس كأنهما تركبان عربة القطار نفسها، فهما تمران بالمواقف نفسها تقريباً، والتشابه نفسه، لذلك اعتاد المصريون على السخرية من مقولة نظام «مبارك» قبل سقوطه «مصر مش تونس»، وهى الجملة التى دفعته إلى السقوط من قمة برج غروره.
«الوطن» فى تونس بعد 5 سنوات على «الربيع العربى»: حنين للماضى.. ومثقفون متفائلون بالمستقبل
«كأنك فى مصر»، كانت العبارة التى خاطبت بها نفسى كثيراً، بعدما وجدت الشعب التونسى ما زال منقسماً على ثورته، رغم مرور 5 سنوات على مولدها، فالبعض ما زال يراها حلماً لم يتحقق بعد، والبعض الآخر يعتبرها كابوساً مكتمل الأركان.
ورغم أن ظروف ومسارات الثورة فى تونس كانت أوضح وأسهل كثيراً منها فى مصر، فإن الرابط القوى الذى يجمعهما معاً فى خيط واحد، هو أنهما الدولتان الوحيدتان اللتان نجوتا من نار الربيع العربى.. و«الوطن» ترصد من الداخل «تونس بين أحلام الثورة وكابوسها».
فى نهاية شارع «الحبيب بورقيبة»، شارع الثورة التونسية الذى اندلعت منه شرارة ثورات الربيع العربى، وقف «عدنان» الشاب العشرينى أمام لافتة صغيرة علقتها بلدية مدينة تونس العاصمة، تشير إلى الاحتفال بالذكرى الخامسة للثورة.
«شاكر»: ياليتها ما قامت.. أيام «بن على» كانت أفضل.. و«اليوسفى»: نسير نحو تحقيق ثورة ناعمة
ازدان الشارع بمئات من الأعلام الحمراء، أعلام الجمهورية، تمهيداً لاحتفال رسمى حكومى لم يعرف مصيره حتى الآن. يقول «عدنان» بفخر: «لا نعرف كيف ستحتفل الحكومة بذكرى الثورة، لكننا أكيد سنكون هنا، نعيد ذكريات مجد صنعناه بأيدينا»، مضيفاً: «كنت فتى صغيراً، لكننى كنت هنا طبعاً لا يوجد تونسى لم يخرج فى الثورة».
«لن يكون هناك احتفال حكومى كبير»، قال خالد شوكت، المتحدث باسم الحكومة التونسية، لـ«الوطن»، مضيفاً «سيقتصر الأمر على احتفال رسمى، بحضور رئيس الجمهورية، ونواب البرلمان وكبار المسئولين، وسيُلقى رئيس الجمهورية كلمة فى هذا الحفل، لكن هناك الكثير من المنظمات الأهلية ستقيم احتفالات».
فيما أعلنت حركة النهضة عزمها تنظيم احتفال كبير فى شارع الحبيب بورقيبة صباح اليوم.
على بُعد أمتار من نهاية شارع الثورة، وعند مدخل «نهج الزيتونة»، حيث البلدة القديمة، والسوق القديمة لتونس، أضاء الشاب «شاكر» أنوار محله المطفأة لقلة الزبائن، ليعرض علىّ بضاعته، ويقنعنى بشراء «البرنص» التونسى الشهير -يشبه العباءة فى الريف المصرى- «لم تكن هذه الأنوار لتُطفأ أبداً قبل الثورة»، قال التاجر التونسى غاضباً: «يا ليتها ما قامت ولا جاءت»، أضاف قاصداً الثورة: «كنا أيام (بن على) أفضل حالاً وأحسن من الآن، كانت أوضاعنا الأمنية والاقتصادية أفضل بكثير»، صمت الرجل المنفعل لبرهة، وأخرج جيوب بنطلونه الخاوية، قائلاً: «انظر لم يعد معى ما يكفى حتى لفتح بيتى، ثم يقولون (بن على) كان فاسداً، وكيف الآن هو الفساد؟».
هدأ الرجل المنفعل، وبدأ فى عرض بضاعته الراكدة علىّ لأختار ما سأشتريه، سألته: «هل كنت عضواً فى حزب التجمع الحاكم وقت (بن على)؟»، فقال: «لا لم أكن عضواً بالحزب، لم يكن لى دخل بالسياسة، ولم تكن لى مصلحة مع (بن على) ولا غيره، لكنى أحكى لك عن واقع كنا نعيشه ومصير أصبحنا فيه».
حالة الغضب من الثورة فى الشارع التونسى تقابلها حالة من التفاؤل لدى الكتّاب والمثقفين بأن تونس تسير نحو الطريق الصحيح.
قال محمد اليوسفى، الكاتب الصحفى، رئيس تحرير موقع «حقائق أون لاين»: «الثورة التونسية حققت إنجازات واسعة على المستوى الاجتماعى والسياسى، وحققنا مكاسب هائلة، ويجب ألا ننساق وراء بعض الغاضبين، صحيح هناك مشكلات اقتصادية تسبب فيها الإرهاب وغيره، لكن لا يمكننا اختزال الثورة فى هذه المشكلات، الآن لدينا ديمقراطية حقيقية، لدينا دستور عصرى، لا بد أن يفهم الجميع أن تونس انتقلت بالثورة إلى المستقبل، وربما لن يفهم بعض العامة كم المكاسب الكبيرة التى حققناها بالثورة التونسية لأبنائنا جميعاً».