«طه».. مقاول أنفار: «باشغل ولاد الناس وعندى 4 أولاد تعليم متوسط مش عارف أشغلهم»
«طه».. مقاول أنفار: «باشغل ولاد الناس وعندى 4 أولاد تعليم متوسط مش عارف أشغلهم»
طه عبدالباقى
ملامحه الحادة تشى باقتراب عمره من الستين، بقامته الطويلة وعمامة بيضاء تغطى رأسه يجلس طه عبدالباقى محمود، فى منزله بقرية سنهور بمحافظة الفيوم، يعمل مقاول أنفار فى إحدى شركات الكهرباء جنوب القاهرة، يقول: «بشتغل مقاول بقالى 10 سنين، معظم العمالة بجيبها من سنهور القبلية»، مؤكداً أن القرية تعدادها كبير، حيث يتجاوز الـ200 ألف نسمة، وبالرغم من ذلك فهى تعانى من أشد صور البطالة.
يقول طه إنه عمل لأول مرة وعمره 8 سنوات فقط، وذلك مع أحد المقاولين فى شركة الكهرباء، مؤكداً أن يوميته لم تكن تتجاوز الـ35 قرشاً، وكان يقضى ما يقرب من 6 أشهر، فى محاولة لتجميع أكبر قدر من الدخل ليعود به لأبيه، مؤكداً أنه عند عودته للبيت كان يكتشف أن أباه مديون بضعف ما عاد به من دخل، ولذلك كان يعود للعمل مرة أخرى. يضيف طه أن قرية سنهور على وجه التحديد من أكثر القرى التى تعانى من البطالة، سواء من شباب جامعيين أو تعليم متوسط، أو ممن لم يتلقوا أى تعليم، قائلاً: «أنا كمقاول لما باعوز نفر بلاقى عشرة، بييجى لى أبوه ويقولى خد الواد وهات أى فلوس مقدماً، علشان نجيب أكل».
يقول طه إنه أب لسبعة أبناء، ثلاث فتيات، تزوجن واستقررن فى البيت، أما الأربعة ذكور فأكبرهم أحمد 27 سنة، حاصل على دبلوم زراعة، متزوج، وابنه الثانى عرابى، حاصل على دبلوم تجارة 25 سنة، وابنه الثالث محمد، دبلوم صناعى قسم لحام، عمره 19 سنة، أما أصغرهم إسلام فعمره 16 سنة، وجميعهم لم يجدوا فرصة عمل، يضيف: «بشغل ولاد الناس ومش عارف أشغل ولادى، بس هما مش هيستحملوا الشغل فى شركة الكهربا».
يقول طه إن العمل فى شركة الكهرباء يتميز بصعوبة كبيرة، حيث لا يقدر عليه الكثيرون، ولذلك فهو لا يقبل سوى بعمال أعمارهم لا تقل عن 20 سنة، ولا تتجاوز الـ50، حتى يتحملوا المجهود البدنى الكبير، من سحب كابلات كهربائية ثقيلة، أو الحفر لأمتار كبيرة تحت الأرض.
يقول طه إن عمالة الأطفال فى القرية تأخذ شكلاً آخر، بعيداً عن العمل باليومية فى شركات الكهرباء، حيث يتم استخدامهم فى المزارع، ويومية الطفل لا تزيد على 20 جنيهاً، ويعملون عدد ساعات كبيرة، منذ الفجر حتى بعد الغروب، مؤكداً أنه يتعامل مع من يلجأ له بإنسانية، لكونه عالماً بالظروف الصعبة التى يعانى منها الناس، مشيراً إلى أنه عانى كثيراً فى بدايته حتى تمكن من التعيين فى شركة الكهرباء منذ 30 عاماً، وبعد خروجه بمعاش مبكر تمكن من إصدار بطاقة وسجل من اتحاد المقاولين، وأصبح هو خيط الوصل بين الشركة وأهالى القرية ممن يرغبون فى عمل. «الناس هنا ظروفها صعبة جداً، وأعرف ناس بتنام من غير عشا»، يقول طه، إنه إذا تم تعيين 20% من شباب المحافظة سيفتح ذلك المجال لرفع مستوى المعيشة فى المحافظة، خاصة أنهم يعانون من غياب الرعاية الصحية، وتدنى خدمات التعليم، حتى تحولوا إلى عمالة رخيصة، يتم استغلالهم فى الأعمال الصعبة غير المضمونة فى كافة محافظات الجمهورية.