حكاية نسمة
حكاية نسمة
حكاية نسمة
تناثرت سنابل القمح مع ثمار الخضراوات والفواكه تحت سفح الجبل.. تساءل الجبل فى دهشة: ماذا حدث؟! ردت الزوبعة الابنة الثالثة للريح قائلة بفخر: لم يعتن الفلاح الكسلان بالمحاصيل فلم ينق الأرض من الحشائش وترك الحشرات الضارة تلتهم الثمار فتلفت بعض المزروعات، لقنت الفلاح الكسلان درساً لن ينساه اقتحمت الحقل لأنقذ الثمار السليمة قبل أن تلتهمها الحشرات.
الجبل والريح صديقان رغم أنهما لا يتشابهان.. فالجبل راسخ لا يبرح موضعه، بينما الريح دائمة الحركة لا تستقر فى مكان.
قال الجبل لصديقته الريح: سأمنح تاجى الذهبى هذا العام لأكثر أبنائك حباً للخير وقدرة على إسعاد مخلوقات الله سواء الإنسان أو الحيوان أو النبات.
قالت الريح لأبنائها فليتقدم كل منكم للجبل بما فعله يستحق به الفوز بالتاج.
قال الإعصار، أكبر أبناء الريح وأقواهم: سمعت ملاح سفينة يقول بتعالٍ: «أنا قاهر البحار، لا أخشى الموج».. انشغلَ عن متابعة أحوال البحر.. ونسى وجودى. أردت أن ألقنه درساً عن عاقبة الغرور. اندفعت فى غضب.. فارتفع الموج وعلا صوت هديره.. صمت الإعصار قليلاً، وقال بزهو: اصطدمت سفينته بصخرة كبيرة.. وتحطمت.. أفلا أستحق أنا التاج؟
قال الجبل للإعصار: أراك أكثر غروراً من ملاح السفينة. أردتَ أن تلقنه درساً لأنه نسى وجودك فتسببت فى هلاكه ومعه كل ركاب السفينة الأبرياء. من خلف الجبل جاء صوت العاصفة، الابنة الثانية للريح: صاحب هذه المزرعة تحت أقدام الجبل، يترك حيواناته وطيوره دون طعام وعندما تمرض لا يعتنى بصحتها. سألقنه درساً جزاء إهماله فى رعايتها. هبت العاصفة ففتحت باب المزرعة بقوة، تدافعت الحيوانات والطيور تتسارع للهرب. قالت العاصفة منتشية: أطلقت سراح كل الطيور والحيوانات، أفلا أستحق أنا التاج؟
تنهد الجبل قائلاً فى ضيق للعاصفة: أراك لم تقلى إهمالاً عن صاحب المزرعة، أردت إنقاذ الطيور والحيوانات فماذا حدث؟ سببت لهم ألماً وصاروا أعداء؛ فقد نقر الديك أذن الحمار فرفس البقرة فوقعت على الخروف فانكسرت ساقه. قبل أن تفتحى بقوتك لهم الباب لتطلقى سراحهم كان عليك أن تنظمى خروجهم. تناثرت سنابل القمح مع ثمار الخضراوات والفواكه تحت سفح الجبل.. تساءل الجبل فى دهشة: ماذا حدث؟! ردت الزوبعة الابنة الثالثة للريح قائلة بفخر: لم يعتن الفلاح الكسلان بالمحاصيل فلم ينق الأرض من الحشائش وترك الحشرات الضارة تلتهم الثمار فتلفت بعض المزروعات، لقنت الفلاح الكسلان درساً لن ينساه اقتحمت الحقل لأنقذ الثمار السليمة قبل أن تلتهمها الحشرات. أنا من يستحق التاج إذاً؟
قال الجبل فى ألم: أراك أكثر كسلاً من الفلاح فلم تكلفى نفسك عناء فرز الثمار السليمة من التالفة: ففارقت الثمار الأرض قبل موعد حصادها وانتهت حياتها.. شعر الجبل بانتعاش، اقتربت منه النسمة أصغر أبناء الريح تتبعها طائرة ورقية ملونة تلهو مع السحاب، قالت النسمة: بعد عناء عام كامل من الدراسة والجهد، أشارك اليوم صديقى الصغير «وليد» فرحة النجاح.. ذات يوم مررت قرب منزله كان كعادته ساهراً يلعب ولا يستذكر دروسه، تسللت وداعبت برفق جفونه فاستسلم للنوم مبكراً، استيقظ نشيطاً فى الصباح واستوعب دروسه بمنتهى الحماس.. وتفوق فى دراسته، واليوم أهداه والده طائرة حملتها بكل سعادة وانطلقت للسماء وكلما اتسعت ابتسامة «وليد» أرتفع أكثر وأكثر.
قال الجبل بحماس: ما أبهاك نسمة السعادة! بلمستك الرقيقة صار الصغير «وليد» سعيداً، نشيطاً، متفوقاً، لذلك أنت الأحق بالتاج الذهبى.
شكرت النسمة الصغيرة الجبل وقالت: تاجى هو ابتسامة أرسمها على وجوه الأطفال الذين أحبهم.. ألهو معهم بين الأمواج، أرتفع بطائراتهم الورقية لتلامس السحاب.. تتعلق بها عيونهم البريئة الصافية فى فرحة وانبهار.. وفى المساء أداعب عيونهم فى حنان ينامون وأهديهم أجمل الأحلام.