«25 يناير» «ثورة بالمكاسب» و«نكسة بالخساير»
«25 يناير» «ثورة بالمكاسب» و«نكسة بالخساير»
صورة أرشيفية
«ثورة»، أم «مؤامرة».. «نعمة» أرسلتها السماء إلى المصريين، أم «نقمة» حلت على رؤوسهم؟.. هل هى ثورة «مجيدة» نظفت مصر من «الزبالة» وأطاحت بنظام مبارك الفاسد، وكسرت حاجز الخوف لدى المصريين، كما يراها البعض ومنهم جورج إسحق مؤسس حركة «كفاية»؟.. أم «نكسة» مثل نكسة 67، لا يصح الاحتفال بها كما تقول نائبة البرلمان الدكتورة لميس جابر، التى تقترح إلغاء شهر يناير لأنه يصيبها بالاكتئاب؟.. سنوات والجدل والأسئلة والخلافات حول 25 يناير مستمرة.
5 سنوات مرت على اندلاع ثورة 25 يناير، التى سطا عليها تنظيم «الإخوان» ليحول مصر إلى «جمهورية إخوانية»، بفعل عوامل وأسباب داخلية وخارجية، وما زال البعض ينتظر ذكراها، ليحرض على «ثورة ثالثة»، فيما «يسن» البعض الآخر حرابه لذبح الثورة ومن دعا إليها أو شارك فيها، معتبراً أنها «25 خساير»، فهى التى «خربت اقتصاد البلاد» وسفكت دماء العباد، وأحدثت حالة من الاستقطاب «البغيض» بين المصريين، وما زالت خسائرها مستمرة حتى اللحظة.
وفى الذكرى الخامسة للثورة، ترصد «الوطن» بموضوعية تستند إلى «واقع الحال»، مكاسب 25 يناير وخسائرها، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، داخلياً وخارجياً.
على صعيد المكاسب الاقتصادية، وبالأرقام الرسمية، حصد الموظفون والعمال بعض ثمار الثورة، وقفزت أجورهم 137% خلال 5 سنوات، وخصصت الدولة لبند الأجور فى موازنة 2106، 228 مليار جنيه، فيما أكد اتحاد العمال ارتفاع رواتب وحوافز جميع القطاعات العمالية، وزيادة علاوتهم 7%، بالإضافة إلى إقرار الحدين الأقصى والأدنى للأجور، وفيما يخص التعيينات، كشف الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، أن 900 ألف مواطن تم تعيينهم وتثبيتهم بعد الثورة.
سياسياً.. يرى المؤيدون أن الثورة حققت مكسباً مهماً، وهو ترسيخ مبدأ سيادة دولة القانون، فمبارك ونظامه خرجوا من القصر إلى السجن، ولم يعد بعدها أحد فوق القانون، بعد أن كانت محاسبة الكبار قبل يناير أقرب إلى «المعجزة»، كما أن الثورة أنهت أحلام توريث «جمال» وأسقطت أسطورة «العادلى» وسياساته، وأعلنت وفاة «أحمد عز» سياسياً.
أصبح الشعب على درجة كبيرة من التأثير.. وخرج المواطنون إلى المشاركة السياسية بكثافة، ونجحت «25 يناير» فى «تسييس الشارع»، كما أعطت للمبادرات الشبابية خاصة على مواقع التواصل الاجتماعى، دوراً فى «صناعة القرار»، والمشاركة فى اختيار بعض الوزراء والمحافظين، بل وإقالتهم أيضاً، هكذا يقول أنصار الثورة.
لكن هل يعترف المعادون لـ«25 يناير»، بهذه المكاسب؟ بالطبع يرونها خسائر تضاف إلى خسائر السياسة والاقتصاد الأخرى، فيرون أن الزيادات فى أجور الموظفين، لها تأثير سلبى على ارتفاع الأسعار، وعجز الموازنة، كما أن الرئيس حسنى مبارك الذى أطاحت به الثورة «رئيس مصرى ومحارب».
أيضاً، إحدى الكوارث التى تسببت فيها الصراعات السياسية التى نتجت عن ثورة 25 يناير، شروع إثيوبيا فى بناء سد النهضة دون الرجوع لمصر، كما يقول السفير أحمد حجاج، كما أن تعامل «حكم الإخوان» مع قضية السد أنتج «كارثة» لا يمكن محو آثارها.
على صعيد الجريمة، تقول إحصائيات مصلحة الأمن العام، إن عام 2013 وحده، شهد ارتفاعاً بنسبة 130% فى جرائم القتل.. و350% للسرقة، فيما تؤكد أرقام وزارة الإسكان بناء نصف مليون «عقار مخالف» منذ اندلاع 25 يناير، فى ظل تراجع هيبة الدولة بعد الثورة وأثناء حكم الإخوان.
أخلاقياً، يعتبر الرافضون، أن انتشار العنف والبلطجة والتحرش، وضياع هيبة المعلم والاعتداءات على المستشفيات، من «مخلفات 25 يناير»، ويرى خبراء أن الثورة فى مصر خرجت عن المألوف، وأن الخطاب الدينى المتطرف بعد الثورة أحد أسباب العنف ضد المرأة.
أما الاقتصاد، فتكشف الأرقام الرسمية، أنه تعرض لـ«الخراب»، بعد 25 يناير، فيما كانت السياحة ولا تزال الخاسر الأكبر، فأعداد السياح تراجعت 33%، وتم تسريح ثلث العاملين فى القطاع السياحى، وانخفضت إيرادات 2011 بنسبة تجاوزت 30%، فيما وصلت الخسائر إلى 50 مليار جنيه فى عامين.
مرض آخر يلصقه الرافضون بثورة يناير، وهو «الاستقطاب».. الذى اعتبروه ورماً خبيثاً «ينغص» عيشة المصريين ويفرق بين الأخ وأخيه، والأب وابنه، والأم وأولادها، ويرجع سياسيون سببه إلى ظهور الأحزاب الدينية، وارتفاع سقف توقعات المواطنين بعد الثورة.. ليصبح «التفكك الاجتماعى» أخطر نتائجه.
أما زيادة حرية الإعلام بعد يناير، فقد تحولت فى نظر خبراء إعلاميين، إلى «مكسب أتلفه الهوى» بسبب غياب المهنية.. وسيطرة المصالح الشخصية و«الانفلات» على «الشاشات» المصرية، التى وصلت إلى ممارسات فوضوية، تؤثر سلبياً على المشاهدين، وأيضاً مع تدفق أموال من الخارج.
كما لم تسلم الرياضة من «خساير يناير»، وتكبدت الأندية المصرية خسائر مالية فادحة، بسبب إلغاء البطولات، وتراجع الدورى، ومنع الجماهير من دخول الملاعب بسبب «توحش الألتراس» أحد إفرازات 25 يناير، فيما أصبح منتخب مصر الوطنى فى كرة القدم «صاحب البطولات الأفريقية» هزيلاً و«بلا بطولات».