# 25_ مكاسب _ لا أحد فوق القانون
# 25_ مكاسب _ لا أحد فوق القانون
«مبارك» خلال إحدى جلسات محاكمته
كشفت ثورة 25 يناير عن جزء من الفساد الذى كان مختبئاً فى أدراج نظام مبارك، وأخرجت ما فى جعبة الأجهزة الرقابية من ملفات ومستندات أدانت رؤوس النظام، فكل القضايا التى اتهم فيها أقطاب نظام مبارك وقعت جرائمها فى وقت سابق للثورة، لترسخ لأهم مبادئ العدالة، وهى تقديم أى مسئول للمحاكمة مهما كان موقعه، عكس ما كان سائداً عن أن محاكمة طبقة الكبار «معجزة»، لا تحدث إلا بقرارات تقديرية فقط إذا فاحت رائحتهم وأثرت على سمعة النظام الحاكم.
مبارك ونظامه.. من القصر إلى السجن: الثورة رسّخت مبدأ المساواة فى تقديم المخطئ للمحاكمة بعد أن كانت محاسبة الكبار «معجزة».. مكسب لم ينكره ألد أعدائها
الرئيس الأسبق مبارك، لم يكن فى حساباته أبداً أن يدخل قفص الاتهام، بل امتدت طموحاته للتفكير فى ما سيأتى، فى عز وجود الثوار بميدان التحرير والميادين الأخرى، حتى إنه فى خطابه الشهير، الذى سبق الإطاحة به، تحدث عن حزمة إجراءات، ظن فى نفسه أنه سيبقى فى الحكم لتنفيذها، إلا أن إرادة الشعب علا صوتها، وأعلت أصواتاً أكثر أحقية فى المساواة بين طبقات الشعب، وصلت أصداؤها حتى الآن، وكان وزير الزراعة السابق «صلاح هلال» أحدث نتائجها، حيث يقبع فى السجن ويحاكم بتهمة الحصول على الرشوة.
عصام البطاوى، محامى وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى، قال: «لولا ثورة يناير لما حوكم العادلى ولا تم حبسه يوماً واحداً، وإن كانت الثورة قد اتهمته فى قضايا غير حقيقية تحصل فيها على البراءات، وهو ما يؤكد أنها أظهرت أسوأ الأخلاق فى نفوس بعض المنتسبين لمصر بالجنسية فقط، وأبغضها هو كيل الاتهامات لكل رجالات الدولة بغير حق وأفسدت عليهم حياتهم وعلاقاتهم وسمعتهم ومنهم حبيب العادلى وقيادات الداخلية السابقين».
وأضاف «البطاوى»، أنه لا توجد قضية غير «سخرة المجندين» هى التى حصل فيها العادلى على حكم نهائى ونفذه، وأكد أنه إذا لم تنجح الثورة فى الإطاحة بنظام مبارك لما تجرأ أحد على تقديم بلاغ واحد ضد «العادلى»، ليس خوفاً منه ولكن على الأقل احتراماً لتاريخه وتضحياته، على حد قوله.
أما ياسر سيد أحمد، محامى شهداء ثورة يناير، فقال إن إحالة أى شخص للمحاكمة بعد الثورة هو «الفضيلة الوحيدة للثورة»، وعدم استغراب المواطنين واستساغتهم لمحاكمة أى مسئول مهما كان من رئيس الجمهورية والوزراء والقيادات الأمنية وغيرهم، يعتبر من مكاسب الثورة الحقيقية التى خرج بها الشعب المصرى.
وترصد «الوطن» أبرز محاكمات رموز نظام مبارك، التى فاجأت المصريين عقب ثورة يناير، قدر مفاجأتهم من صدور العديد من الأحكام فيها فيما بعد.
خطاب مبارك «قبل التنحى» دليل على عدم توقعه المحاكمة.. ورموز نظامه تساقطوا واحداً تلو الآخر فى قبضة العدالة
حسنى مبارك:
لم تكن «ثورة يناير» لتنجح، إلا بسقوط رأس النظام، ولم يكن الشعب المصرى الذى ثار عليه ليهدأ إلا بمحاكمته على مجمل جرائم ادعتها النيابة العامة ضده فيما بعد، إلا أن حصوله على البراءات المتتالية فى قضيتى القرن، والفساد المالى، دفع مبارك ليخطب مرة أخرى من قفص الاتهام، مدافعاً عن نفسه فى كل الاتهامات التى وجهت له، فى مشهد لم يتكرر من قبل، أمام هيئة المحكمة برئاسة المستشار محمود الرشيدى، وأمام شاشات التلفاز أيضاً.
«مبارك» الذى جثم على كرسى حكم مصر ثلاثين عاماً، لم تتم إدانته فى قضايا سياسية ولا فساد الحياة العامة والتدنى فى مستويات الصحة والتعليم والبنية التحتية للبلاد، أدين مؤخراً فقط بحكم نهائى فى قضية «القصور الرئاسية»، باستغلال النفوذ فى إجراء تشطيبات ومبانٍ خاصة به وبنجليه من مخصصات قصور الرئاسة، لتنتهى بذلك آماله فى الخروج آمناً بشكل كامل من «ثورة يناير»، ويفقد مع تلك الآمال حقوقاً وأمنيات كان ينتظرها حال حصوله على براءة فى تلك القضية، من جنازة عسكرية وامتيازات مالية، ولا سيما سمعته التى تعرضت لتشويه مبرر «بحكم قضائى». براءة «مبارك» فى قضية قتل المتظاهرين نفت عنه إصداره أوامر باستعمال القوة والرصاص ضد قتلى ومصابى الثورة، وبراءته فى قضية تصدير الغاز لإسرائيل أبعدت عنه سهام التخوين باستغلال نفوذه وتربيح صديقه حسين سالم، فى تلك الصفقة، التى كتب المتخصصون عنها أنها أنهكت الاقتصاد المصرى لسنوات.
جمال وعلاء مبارك:
الجميع ينطق اسم «جمال» أولاً لأنه كان محوراً من محاور ثورة الشعب على مبارك، فكل الدلائل والأحداث كانت تشير إلى إعداده ليرث حكم البلاد، وظل حديث التوريث مثاراً للجدل حتى اليوم، رغم كل الشهادات والأقوال والأحاديث التى تؤكده بما لا يدع مجالاً للشك، وأيضاً التى تنفيه نفياً قاطعاً، إلا أنه فى النهاية، تم إلقاء القبض عليه، وغاب وراء القضبان منذ الثورة حتى تم إخلاء سبيله ومعه شقيقه، بعد قضائهما مدة العقوبة فى القضية التى لن ينساها أى من أسرة مبارك حتى نهاية العمر.
«علاء وجمال» اتهمتهما النيابة العامة فى 3 قضايا رئيسية، الأولى كانت بالاشتراك فى قضية تصدير الغاز لإسرائيل، بالحصول على فيلات فى شرم الشيخ من رجل الأعمال حسين سالم، بمبالغ زهيدة، مقابل استغلاله نفوذ والدهما فى إتمام صفقة تصدير الغاز، وهى القضية التى حصلا فيها على البراءة، مع جميع المتهمين فيها، وذلك فى المحاكمة الثانية، أما القضية الثانية فكانت «التلاعب بالبورصة» وهى القضية التى لا تزال منظورة حتى الآن أمام محكمة الجنايات. أما عن قضية القصور الرئاسية التى حصل فيها جمال وعلاء على حكم بالسجن لمدة 3 سنوات مع والدهما، وألزمتهم المحكمة برد مبلغ وقدره 21 مليوناً و107 آلاف جنيه، إلا أنهما كانا قد قضيا فترة العقوبة، فتم إخلاء سبيلهما فى أكتوبر من العام الماضى، وبدآ يحضران قضية «التلاعب بالبورصة» بملابس مدنية من الخارج، لتصبح قضية القصور الرئاسية هى القضية الوحيدة التى تمكنت النيابة العامة من إثبات وقائعها ضد مبارك ونجليه.
حبيب العادلى:
وزير داخلية مبارك، الذى كان محور أحاديث المصريين، وقت الثورة، والفتيل الذى أشعل نيران الغضب، فسياسات الشرطة فى عهده كانت بمثابة الشرارة التى أحرقت عرش مبارك، وارتبط اسمه بالتعذيب والاعتقالات والتلفيق والتدخل فى كافة شئون المواطنين تحت حجة أسماها «أمن الدولة»، ولم تكن انتهاكات الشرطة هى السبب الرئيسى فقط، ولكن شخص «العادلى» نفسه، الذى سطرت له جهات التحقيق 6 قضايا وهى «قتل المتظاهرين»، بالاشتراك مع مبارك، وهى القضية التى حصل فيها على حكم بالمؤبد فى المحاكمة الأولى، ثم برأته المحكمة فى الدرجة الثانية من الاتهام لعدم وجود أدلة على إصداره أوامر قتل المتظاهرين بالميادين، إضافة إلى قضية «سخرة المجندين»، فى أعمال البناء والتشطيبات فى مبانٍ وعقارات وأراضٍ خاصة به، وصدر فيها ضده حكم بالسجن المشدد لمدة 3 سنوات وتغريمه مبلغ 2 مليون و7 آلاف جنيه قيمة أجور المجندين ومعدات الشرطة التى استخدمها.
وحصل «العادلى» على حكم بالبراءة فى قضية «اللوحات المعدنية» التى اتهم فيها بإهدار 92 مليون جنيه من أموال الدولة.
أما قضايا التربح وغسيل الأموال والإضرار بالمال العام والتى قضت فيها المحكمة على العادلى بالسجن لمدة 12 عاماً فقد ألغت النقض أيضاً تلك الأحكام، وأحيل العادلى منذ أيام لمحاكمة جديدة تبدأ فى 7 فبراير المقبل، بتهمة الاستيلاء على ما يقارب 2 مليار جنيه من أموال الدولة.
أحمد عز:
صعد بسرعة الصاروخ فى أحضان نظام مبارك، وعُرف بإمبراطور الحديد، بعدما ضم شركة حديد الدخيلة لشركته، إلا أن شغله منصب أمين التنظيم وعضو لجنة السياسات بالحزب الوطنى المنحل، جعلته فى مرمى نيران الغضب من سياسات الحزب الذى أفسد الحياة السياسية فى مصر، وكان مهندس تزوير إرادة المصريين فى الانتخابات، وكان من ضمن أبرز رموز النظام الذين طالتهم يد العدالة، وصدرت ضده عدة أحكام بالسجن فى قضايا متعددة أبرزها «حديد الدخيلة» والذى صدر ضده فيها حكم بالسجن 37 عاماً وتغريمه 3 مليارات جنيه، بتهمة الإضرار بأموال الشركة التى تساهم الدولة فيها، لصالح شركاته الخاصة، والاستيلاء على أسهمها ورخصة الحديد بالمخالفة للقانون، والتربح من تأخير مستحقات الشركة من الأسهم وغيره، إلا أن محكمة النقض ألغته فيما بعد وتمت إعادة محاكمته أمام دائرة أخرى محدد لها جلسة 2 فبراير المقبل.
وبرأت محكمة الجنايات فى يوليو 2013 «عز» من تهمة احتكار الحديد، إلا أن محكمة النقض ألغت الحكم وأعيدت محاكمته مرة أخرى وعاقبته المحكمة وعمرو عسل، رئيس هيئة التنمية الصناعية بالسجن المشدد 10 سنوات، ووزير الصناعة والتجارة الأسبق الهارب، رشيد محمد رشيد بالسجن لمدة 15 سنة، ليتم الطعن على الحكم وتقبله محكمة النقض وتعاد محاكمتهم من جديد وتؤجل القضية لجلسة 19 يناير.
محامى الشهداء: محاكمة المسئولين «الفضيلة الوحيدة للثورة».. وأجهزة الدولة تعاونت مع القضاء بعد 30 يونيو أكثر من تعاونها فى قضايا «يناير»
وأخلى سبيل «عز» فى أغسطس 2014، بعد قضائه عدة سنوات فى السجن.
زكريا عزمى:
حامل أختام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، والمنفذ الأول لكل أوامره وقراراته، وحلقة الوصل بين مبارك وكل المقربين منه، تم إلقاء القبض عليه عقب ثورة يناير، واتهمته أجهزة التحقيق وزوجته وشقيقها رجل الأعمال بالحصول على كسب غير مشروع فى مبالغ قدرت بنحو 42 مليوناً و598 ألفاً و514 جنيهاً، وقضت المحكمة بسجنه 7 سنوات وألزمته برد مبلغ 36 مليون جنيه، غير أنه تم الطعن على الحكم وإلغاؤه وحوكم أمام دائرة أخرى برأته من الاتهامات التى وجهتها إليه النيابة العامة، وبعدها أخلى سبيله بعد التصالح، بعد أن اتهمته النيابة فيها بالحصول على هدايا من مؤسسة «الأهرام» بحكم منصبه، وقام بسداد مبلغ 250 ألف جنيه كجزء من قيمتها وأخلت سبيله النيابة بناء على التصالح، فيما استمر حبسه على ذمة قضية الكسب غير المشروع، والتى أجلتها المحكمة لجلسة 24 يناير لاطلاع الدفاع على تقرير الخبراء.