# 25_ مكاسب _ كسر حاجز الصمت
# 25_ مكاسب _ كسر حاجز الصمت
«25 يناير».. أزالت حاجز الصمت
بعد 30 عاماً «عجاف» من حكم «مبارك»، كانت جموع المصريين تصرخ مطالبة بالحرية فى ساحة ميدان التحرير، إبان ثورة 25 يناير، الثورة التى وجدت صداها فى نفس كل مواطن مصرى قرر المشاركة فى التظاهرات، بعد شعور عام بالكبت والإهانة والرفض المكتوم لسنوات طوال تحت حكم الرئيس المخلوع «مبارك».
«العالِم»: المصريون ظلوا صامتين لسنوات وقرروا فجأة أن يتحدثوا دون توقف.. و«أبوسعدة»: الناس لن يتخلوا عن المكتسبات لأنهم أدركوا أهمية كشف «الاضطهاد والظلم»
وكانت تلك هى اللحظة التاريخية الحاسمة، عندما قرر مئات الآلاف من المصريين أن يكسروا «حاجز الصمت»، وأن يصرخوا ويهتفوا، ضد نظام «مبارك»، وضد «زوار الفجر» من شرطة حبيب العادلى، وضد فزاعة أن من يعارض مصيره الذهاب «وراء الشمس».
وشهدت فترة ما بعد الثورة ظهور وسائل إعلامية جديدة، سواء كانت صحفاً أو قنوات تليفزيونية، كما شهدت كثيراً من حملات الضغط والتنديد من خلال مواقع التواصل الاجتماعى، نجحت فى تحقيق مطالبها، والكشف عن عدد من قضايا الفساد، وفتحت موضوعات على الملأ لم يكن مسموحاً بمناقشتها علناً.
ويقول الدكتور صفوت العالم، الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة: «بعد ثورة 25 يناير، كان للإعلام دور حقيقى ومؤثر فى كل جوانب حياة المصريين، حيث أقبل الناس بنهم على متابعة الأخبار والأحداث، فى محاولة منهم لفهم الأمور، حتى من قِبل المواطنين الذين لم يهتموا من قبل بالسياسة ولم ينشغلوا بها، وهو ما فتح الباب لظهور عدد من الصحف المستقلة، وعدد آخر من القنوات التليفزيونية المتنوعة».
ويضيف «العالم» أن «وسائل الإعلام وتوجهاتها، ومساحة الحرية فيها، مضت فى مسارات متعددة، بداية من ازدياد وعى الناس بضرورة كشف قضايا فساد، وتعبير فئات مهمشة عن مشكلاتها، حيث تغير شكل الضيوف الذين تتم استضافتهم عن النمط المعتاد والسائد قبل الثورة، كما أسهم الإعلام فى حل كثير من المشكلات، وعلى المستوى المهنى، ازدادت أعداد العاملين فى المهنة، وظهرت المنافسة بين الوسائل الإعلامية المختلفة حول السبق الصحفى، فى ظل حالة من الصخب، وكأن المصريين كانوا صامتين لسنوات، وقرروا فجأة أن يتحدثوا دون توقف».
وتابع «العالم»: «وهناك نماذج إعلامية، ظهرت بعد ثورة الـ25 من يناير، لم تكن موجودة، أو مستساغة من قبل، وهذا فتح المجال ليس فقط لمزيد من الحرية، بل لمزيد من التجاوزات على الشخصيات العامة، وتدمير الحياة الخاصة لدى البعض»،
ونوه «العالِم» بأن «التنوع الإعلامى مطلوب، ولكن من الواجب وضع أسس أخلاقية لممارسة المهنة، وتقييم المادة الإعلامية المقدمة، حيث تجاوز البعض مساحة الحرية، وانطلق إلى حالة من الخبل، وبدأ البعض الآخر فى استغلال وسائل إعلامية معينة، ليجعلها منبراً يحصل منه على أغراض شخصية، ويجب أن يفرق المواطنون بين الحرية وبين التعدى على حقوق الآخرين، وأن يتحرى الجميع الدقة فيما يقولون على الشاشة».
فيما قال حافظ أبوسعدة، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، إن «الثورة صنعت حالة عامة، من كسر حاجز الخوف، وتلك الحالة لم تكن موجودة من قبل، فبالرغم من وجود أكثر من 8 آلاف فرد من قوات الأمن فى ميدان التحرير وفى محيطه، وقتها، فقد عجزوا عن السيطرة على الجموع أو إرهابها، وتلك اللحظة ستظل راسخة فى وجدان الشعب المصرى للأبد».
وأضاف «أبوسعدة» أنه «بعد الثورة مباشرة، أدرك الناس قوة الكشف عن أى صورة من صور الاضطهاد أو الظلم، حيث قام كثير من العمال بالكشف عن قضايا فساد داخل الشركات والمصانع التى يعملون بها، دون خوف من انقطاع رزقهم، وخلال السنوات الماضية شهدت كثيراً من الاحتجاجات السلمية لتحقيق مطالب العمال».
وأشار «أبوسعدة» إلى أن «الناس انتقلت من التظاهر، ورفع اللافتات، إلى عمل مبادرات تسهم فى إحداث التغيير، أو تشكيل حملات ضغط من خلال وسائل الإعلام، بل أصبح المواطن يجلس أمام المسئول أو الوزير فى كثير من البرامج التليفزيونية، ويواجهه بتقصيره وأخطائه بكل بساطة».
ولفت عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان إلى أن «الناس أدركت أهمية السوشيال ميديا، أى التواصل الاجتماعى، والطرق الأكثر ذكاء لاستخدامها، حيث مثل هذا قوة حشد ووسيلة ضغط لا يستهان بها، وأصبح المواطنون العاديون ينتصرون لصالح قضايا إنسانية دون خوف أو رهبة، فشكل الاعتراض انتقل من كونه يتخذ شكل مظاهرة فى الشارع، إلى مظاهرة إلكترونية، وأصبح تأثير ذلك النشاط كفيلاً بدفع وزير إلى تقديم استقالته، أو فضح مسئول قام بفعل غير أخلاقى أو مهنى، أو كشف تقصير ما فى أداء المحافظين».
ونوه «أبوسعدة» إلى أن «من أقوى الحملات الشعبية التى لاقت صدى خلال الأعوام الماضية، تهكم المواطنين على سلبيات وزارة الصحة وانهيار المستشفيات، ليصبح المسئولون على علم بأن أى تقصير أو إهمال سيتم نشره، والتنديد به، فالمواطن الذى يرفض التنازل عن حقه، هو العامل الرئيسى فى عملية التغيير للأفضل، كما انكشف الستار عن قضايا كانت موجودة طوال الوقت، ولكن لم يتجرأ أحد على تناولها، مثل التنديد بالاختفاء القسرى، حيث شنت عدة مواقع تواصل اجتماعى حملة بخصوص تلك القضية، ما دفعنا فى المجلس القومى لحقوق الإنسان إلى التقصى فى تلك القضية والكشف عن 100 حالة من المختفين، كما دفع أيضاً وزارة الداخلية للكشف عن ملابسات هذه الوقائع، وكل تلك النماذج تدل على أن الناس لن يتخلوا عما حصلوا عليه من مكتسبات ثورة يناير، وإن لم تكن تلك المكتسبات مادية وملموسة، فإن تأثيرها العميق فى حياة الناس مستمر، غير أن طبيعة المجتمعات لا تتغير كلياً خلال 5 سنوات فقط، بل تحتاج إلى وقت ومجهود، ومن أهم الإنجازات فى التحليل الأخير، كسر حاجز الخوف لدى المصريين».