# 25_ خساير _ فاتورة الاقتصاد
# 25_ خساير _ فاتورة الاقتصاد
11:04 ص | الأحد 24 يناير 2016
الحالة الأمنية الرخوة أطلقت العنان لسماسرة العقار فى التوسع بالبناء المخالف
تكبدت الخزانة العامة للدولة خسائر مالية ضخمة عقب اندلاع ثورة 25 يناير 2011، تمثلت فى تفاقم الدين العام للدولة وتراجع الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية إضافة إلى انخفاض إيرادات قطاعات اقتصادية كانت تمثل مورداً لتمويل الخزانة العامة للدولة ودعم الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية أبرزها قطاع السياحة، وتشير التقديرات المالية الصادرة عن وزارة المالية إلى ارتفاع عجز الموازنة العامة للدولة بنحو 142 مليار جنيه من 98 ملياراً خلال العام المالى 2010/2011 ليصل إلى نحو 240 ملياراً خلال العام المالى 2014/2015 بما يعادل 10% من الناتج المحلى الإجمالى لمصر.
مصر دفعت 20 مليار دولار من الاحتياطى الأجنبى ثمناً للثورة.. الدين العام وصل إلى 2 تريليون جنيه.. و«الاتصالات» الأكثر ثباتاً.. و«المستثمرين»: أكثر من 4 آلاف مصنع متعثر
أزمة الدين المحلى بدأت تتفاقم منذ عام 2005، غير أنها زادت بعد ثورة يناير 2011 نتيجة اضطرار الحكومات إلى اللجوء للاستدانة محلياً وخارجياً بشكل أكبر من السنوات السابقة للثورة لسد عجز الموازنة وتلبية المطالب الفئوية التى ظهرت عقب الثورة، إضافة إلى طرح سندات خزانة تسدد الحكومة منه الفوائد المستحقة على القروض وأموال التأمينات البالغ حجمها 600 مليار جنيه، يأتى ذلك فى الوقت الذى تعتزم فيه وزارة المالية اقتراض 281.750 مليار جنيه من البنوك المحلية خلال الربع الثالث من العام المالى «يناير- مارس» 2015/2016 بطرح أذون وسندات خزانة وهو ما يعادل أكثر من قيمة عجز الموازنة خلال العام المالى بالكامل.
وتضخم إجمالى الدين العام المحلى والخارجى من 1.125 تريليون جنيه قبل اندلاع ثورة 25 يناير مقسم بين دين داخلى بقيمة 890 مليار جنيه ونحو 35 مليار دولار ديوناً خارجية، ليصل حالياً إلى نحو 2 تريليون جنيه بنهاية ديسمبر 2015، منه 87.9% مستحق على الحكومة، و0.3% على الهيئات العامة الاقتصادية، و11.8% على بنك الاستثمار القومى.
أما بالنسبة إلى قطاع الإسكان فهو يعد أكثر القطاعات تضرراً، إذ بدت أولى إشارات خسائر القطاع عقب أيام قليلة من اندلاع الثورة، أبرزها استغلال أصحاب العقارات والسماسرة والبلطجية وأعداد كبيرة من المواطنين الحالة الأمنية الرخوة والفوضى التى تبعت أحداث ثورة يناير فى التوسع بالبناء المخالف. وبحسب إحصائيات وزارة الإسكان، فإن إجمالى العقارات المشيدة بدون ترخيص تعدى نصف مليون عقار، 67.5% منها شُيّد بعد الثورة، وصدرت لمعظمها قرارات إزالة لم ينفذ أى منها.
من جهته يوضح الدكتور سيف فرج، خبير الاقتصاد العمرانى، أن البناء المخالف كان أبرز مساوئ ثورة 25 يناير وأنه كان نتيجة مباشرة لغياب قبضة الأمن فى الشوارع، وبالتالى قام المقاولون بالتوسع فى مخالفاتهم ليفرضوا على الدولة ممارساتهم، وقاموا ببيع وحدات بتلك العقارات للمواطنين الذين يعانون من أزمة إسكان طاحنة، لإجبار الدولة فى النهاية على التصالح معهم وتقنين أوضاعهم، باعتبار أن المخالفات أمر واقع لا مفر منه ولا يمكن إزالته.
وبالنسبة إلى قطاع البترول فقد تضرر نتيجة للتداعيات والتحديات التى شهدتها مصر عقب ثورة 25 يناير، لا سيما التفجيرات التى طالت خطوط تصدير الغاز للأردن وإسرائيل، ما تسبب فى خسائر بمليارات الدولارات، أثقلت كاهل الحكومة وأدت إلى تعثرها لفترة فى سداد مستحقات الشركاء الأجانب، وكادت تطيح بالقطاع بأكمله، لولا التدخل الخليجى الداعم لمصر منذ ذلك الحين.
وفى هذا الشأن يقول إبراهيم زهران، الخبير البترولى، إن الخسائر التى لحقت بتصدير الغاز لإسرائيل السنوات الماضية كلفت الحكومة المصرية حوالى 50 مليار دولار، فى ظل استمرار دعمها المنتجات البترولية، فضلاً عن أزمات الطاقة المتكررة، و500 مليون جنيه خسائر تفجير خط الغاز لأكثر من 15 مرة منذ ثورة 25 يناير حتى الآن، مؤكداً أن حريق شركة النصر للبترول نتيجة أحداث الفوضى والشغب، تسبب فى خسائر وصلت إلى 12 مليون دولار، فى حين أن هيئة البترول مديونة بأكثر من 63 مليار جنيه للبنوك المصرية يتم تسديدها على أقساط متفق عليها سنوياً، مضيفاً أن هيئة البترول تعرضت لخسائر تقدر بنحو 5.4 مليار دولار بسبب توقف شركة «أباتشى» الأمريكية العاملة عن العمل، بالإضافة إلى 100 مليون دولار نتيجة التعيينات العشوائية بعد أحداث الثورة.
وتأثر بشدة سوق الصرف خلال السنوات الخمس التى أعقبت الثورة، حتى إن الإحصائيات تشير إلى أن أرصدة الاحتياطى النقدى الأجنبى انخفضت بنحو 20 مليار دولار لتسجل مستوى 16.4 مليار دولار نهاية الشهر الماضى مقابل نحو 36 مليار دولار عشية 25 يناير 2011، بالرغم من الدعم الخليجى الذى تلقته مصر وساهم فى الحد من نزيف الاحتياطى بل دعمه، ما دعا البنك المركزى مؤخراً لتصحيح الأوضاع وإعادة تنظيم السوق بعد أن سجل الدولار فى تلك السنوات ارتفاعاً قوياً بلغ 203 قروش أمام الجنيه ليصل سعر العملة الأمريكية إلى مستوى 783 قرشاً فى البنوك بنسبة نمو قدرها 35% مقارنة بنحو 580 قرشاً قبل الثورة، فضلاً عن ارتفاع أكبر فى السوق الموازية وصل فى بعض الأوقات لنحو 8.7 جنيه.
وفى الوقت الذى استنزفت فيه أوضاع ما بعد الثورة أرصدة الاحتياطى النقدى الأجنبى، الذى يديره البنك المركزى، نتيجة ارتفاع استخدام العملة الصعبة، خاصة فى ملف الاستيراد الذى تجاوزت فاتورته مستوى الـ60 مليار دولار العام المالى الماضى، فى ظل تراجع حاد فى الإيرادات.
وعلى مدار السنوات الخمس الماضية كان القطاع الصناعى أحد أبرز القطاعات الخاسرة فى الاقتصاد المصرى، غير أن الخسائر التى مُنى بها القطاع خلال عام 2015 كانت الأكبر والتراجع الذى حققته الصادرات السلعية كان الأعلى بعد الثورة.
وعلى الرغم من التعافى النسبى للصناعة بعد عام 2012، فإن البيانات الصادرة عن اتحاد الصناعات كشفت عن تراجع حاد فى معدل النمو الصناعى خلال الفترة من يناير وحتى نهاية سبتمبر الماضى، إذ وصلت نسبة النمو فى القطاع إلى 0.2% خلال الثلاثة أرباع الأولى من العام الماضى مقارنة بنسبة نمو 9% للفترة نفسها من العام الماضى، وربما كان ملف المصانع المتعثرة أحد الملفات التى نجمت عن فترة ما بعد 25 يناير، إذ وصل عدد المصانع المتعثرة رسمياً وفقاً لأرقام وزارة الصناعة نحو 950 مصنعاً، لكن مستثمرين فى القطاع الصناعى قالوا إن الأرقام تتجاوز 4 آلاف مصنع، فيما قال شريف عزت، رئيس شعبة الأجهزة الطبية باتحاد الصناعات، إن عدد المصانع العاملة بالقطاع تراجع من 215 مصنعاً قبل عام 2011 إلى 125 مصنعاً حالياً بسبب المشكلات التى أعقبت الثورة.
وعلى الرغم من النمو الذى حققته الصادرات غير السلعية بنهاية العام 2011 وتحقيقها ارتفاعاً بنسبة 19%، فإن الأعوام التالية تأرجحت فيها أرقام الصادرات ما بين ثبات وانخفاض، حتى تدهورت تماماً فى عام 2015 ووصلت نسبة انخفاضها إلى معدلات غير مسبوقة بلغت فى بعض الأشهر 27%.
ويعتبر «الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات» أحد القطاعات القليلة التى استطاعت أن تحافظ على استقرارها وتحقيق نجاحات، رغم الاضطرابات التى طالت آثارها الاقتصاد الوطنى، حيث حقق قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات نمواً قدره 14% بنهاية العام المالى الماضى، وزادت مساهمة القطاع فى الناتج القومى الإجمالى من حوالى 48 مليار جنيه فى عام 2010 إلى 52.7 مليار جنيه نهاية السنة المالية 2014/2015، إلى 57.19 مليار جنيه، كما هو متوقع نهاية العام الحالى، وتزيد إلى 67.63 مليار جنيه فى عام 2017/2018، فيما زادت نسبة صادرات خدمات تكنولوجيا المعلومات «صناعة التعهيد» من 8.4 مليار جنيه فى 2010 إلى 11 مليار جنيه فى 2014.
وفيما يخص برنامج دعم الصادرات من منتجات وخدمات تكنولوجيا المعلومات «Export-IT» الذى بدأ فى عام 2010، استطاعت أكثر من 121 شركة من شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أن تحصل من خلال البرنامج على دعم يقدر بحوالى 150 مليون جنيه على مدار الخمسة أعوام الماضية، وبلغ إجمالى صادرات الشركات المصرية المشتركة فى البرنامج حوالى 3 مليارات جنيه.