# 25_ خساير _ السياحة تنهار
# 25_ خساير _ السياحة تنهار
السياحة.. خسائر بالمليارات بعد ثورة يناير.. وهجرة سياح بعد أحداث الاختطاف
بين مختلف القطاعات المتضررة من الأحداث التى أعقبت ثورة 25 يناير، كان القطاع السياحى الأكثر تضرراً أو الخاسر الأكبر، حيث تراجعت الحركة السياحية الوافدة إلى مصر والإيرادات بشكل كبير، وفى الوقت الذى كان يأمل فيه القطاع السياحى انتعاشة كبرى فى أعداد السياح والإيرادات خاصة أن 2010 شهد زيارة 14.7 مليون سائح لمصر، بإيرادات بلغت 12.5 مليار دولار، وهو أكبر رقم جرى تحقيقه فى تاريخ السياحة المصرية، اصطدم القطاع بصخرة ثورة يناير التى تسببت فى تراجع الدخل السياحى المحقق فى 2011 نحو 30% مقارنة بالعام الذى سبقه، وتراجعت أعداد السياح بنحو 33%، كما تراجعت الحركة السياحية الوافدة خلال عام 2012 بنسبة كبيرة بالمقارنة بالأعداد التى جرى تحقيقها قبل الثورة.
ورغم أن العاملين بالقطاع السياحى استعدوا بعد تنحى مبارك فى 11 فبراير 2011 عن الحكم لجنى ثمار نجاح الثورة، خاصة أن أجواء ميدان التحرير وسلمية الثورة تصدرت معظم عناوين الصحف ووكالات الأنباء والقنوات التليفزيونية، وبات الميدان رمزاً للتحرر فى العالم، وسط تصريحات وإشادات رؤساء دول ورؤساء وزارات بالعالم بالشباب المصرى والثورة، فإن انتشار الاعتصامات والانفلات الأمنى أدى لحظر عديد من الدول سفر رعاياها إلى مصر، خاصة بعد أن تحولت عملية اختطاف السياح بجنوب سيناء لتحقيق أهداف سياسية إلى ظاهرة، كما وقعت حوادث تعدٍّ على السياح بالأقصر واحتجاز آلاف السياح بمنطقة إسنا، بعد إعلاق العاملين بوزارة الرى هويس إسنا لإجبار الحكومة على تثبيتهم، وظهرت للمرة الأولى اعتداءات على المنشآت السياحية من قبل البدو، كما تعرض سياح للاختطاف.
33٪ تراجعاً فى أعداد السياح.. 30٪ انخفاضاً فى الإيرادات.. وتسريح ثلث العاملين
ويقول على غنيم، عضو اتحاد الغرف السياحية، إن ثورة 25 يناير كانت كابوساً على القطاع السياحى ما زلنا نعانى من تبعاتها إلى الآن، ففى الوقت الذى شهدت فيه الحركة السياحية رواجاً غير مسبوق فى العام الذى سبق الثورة، وازدياد معدلات الحجوزات المؤكدة خلال عام 2011، تسببت ثورة 25 يناير فى إلغاء جميع التعاقدات التى جرى إبرامها، كما تسببت فى خسائر قدرت بأكثر من 50 مليار جنيه خلال عامى 2011 و2012 نتيجة تراجع الحركة السياحية الوافدة، كما تسبب ركود السياحة فى تسريح نحو مليون من العاملين بالقطاع السياحى والبالغ عددهم نحو 3.5 مليون عامل، بعد إغلاق العديد من المنشآت السياحية والفندقية، وباتت المشروعات السياحية تحت الإنشاء مجرد حوائط خرسانية نتيجة رفض البنوك تمويل المشروعات لعدم قدرة المستثمرين على دفع القروض التى عليهم بسبب توقف السياحة، كما تسببت الثورة فى هروب العديد من المستثمرين الأجانب من مصر. وأضاف أن تراجع السياحة أثر سلباً على الاقتصاد المصرى الذى تساهم فيه بنحو 11.3%.
وفى الأقصر وأسوان اختفت الضحكة البيضاء الصافية من الوجوه السمراء الجميلة، وانقلبت لحزن وبؤس ارتسم على وجوه أهالى المدينتين، على تغير الحال وضيق ذات اليد، وحالة من الإحباط الشديد استطاعت أن تخطط وجودها بحنكة فنطقت الخطوط، قبل أن تنطق ألسنتهم، بل تجد نفسك فى غير حاجة للاستماع إليهم، فالحال والهيئة تنطقان بما يفوق استطاعة وقدرة الكلمات على الوصف.. لهذه الحال أوصلت «ثورة 25 يناير» أهالى المحافظتين اللتين أنعم الله عليهما بثلث آثار العالم التى كانت «سبّوبة» رزقهم، لتصبح الثورة «بعبع» الأهالى هناك.
«غنيم»: خسرنا 50 مليار جنيه فى عامين.. ومرشد: كارثة.. والخرتية: مش لاقيين نأكِّل خيول الحناطير
بمجرد أن تذكر مصطلح «ثورة 25 يناير»، تجد سخط الأهالى عليها، وينهمرون بالسباب عليها، لأنها السبب الرئيسى فى تحول أسوان ما بين عشية وضحاها إلى مدينة أشباح بعد أن هجرتها السياحة وانحسرت وتراجعت معدلات الإشغال السياحى لأقل من 4%، وضربت المدينة السمراء عاصفة ركود دخلت عامها الخامس على التوالى، وتأثرت الحياة العامة والأنشطة المرتبطة بها، خصوصاً فى موسم الكريسماس، والأيام التى تسبق ذكرى الثورة تشهد الأسواق السياحية والفنادق العائمة والثابتة تراجعاً وانحساراً، حيث انحسرت نسب الإشغال داخل الفنادق، الأمر الذى دعا أصحاب المنشآت السياحية والفنادق إلى تسريح نسب كبيرة من العمالة.
«محمد»، مرشد سياحى كان يشق طريقه إلى مجموعات السياح، يرى أن الركود السياحى أبرز خسائر «25 يناير»: هذه الثورة هى كارثة حطت على جميع أهالى أسوان، فبعد أن كان يدخل معبد «فيلة» فى اليوم الواحد أكثر من 20 ألف سائح فى 2010، أصبح لا يدخله أكثر من 20 سائحاً فى اليوم، وهى كارثة بكل المقاييس.
«أحمد»، بائع اللب فى الممشى، لا يختلف كثيراً عن سابقه، فقد أصبح هو الآخر من أكثر المتضررين من الثورة وتوابعها: «كان رزقى اليومى من نشاط السياحة يسعد يومى، وبعد الثورة لا أبيع بجنيه واحد فى اليوم».
«محمود»، أحد «الخرتية»، يتفق أيضاً على أن ثورة يناير تسببت فى جوعه هو وأسرته، وأصبح لا يستطيع إطعام حتى حصانه: اختفت كل الحناطير من الكورنيش، وأصبحت الحدائق العامة مأواها؛ لتأكل من حشائشها، لعدم قدرة أصحابها على إطعامها، حيث تصل تكلفة إطعام الحصان الواحد الذى يجر عربة الحنطور إلى40 جنيهاً يومياً، وأصبحت الحناطير عبئاً على أصحابها بعد أن كانت مصدر رزقهم الوحيد.
محمد عبدالرازق، أحد «خرتية» الأقصر، رفض أن يغنى «الأقصر بلدنا بلد سياح»، فلم يعد الأجانب أو المصريون، يتسّيحون بها: «بـ10 جنيهات فقط، تستطيع زيارة كل معالم الأقصر، والحصان لم يأكل من امبارح»، هذه هى الكلمات التى تشفع لـ«عبدالرازق»، لدى بعض المصريين الذين يزورون الأقصر لركوب الحنطور، فالخيل لم يعد يجد قوت يومه ليحافظ لصاحبه على مورد رزقه، فما بالك بصاحبه؟!
بـ30 جنيهاً، تستطيع أن تصطحب مرشداً سياحياً داخل معبد الكرنك، الذى لم يعد سوى مزار للمصريين فقط، فالمعبد الذى لم تكن تجد به موطأ لقدم، ويزوره 4 ملايين سائح سنوياً فى التسعينات، لم يزد عدد زواره السياح فى يومين عن 15 فرداً.
محمود رزق، مفتش آثار بمعبد الكرنك، يقول: نحن فى كارثة حقيقية، فجميع العمال والمرشدين، حتى الناس البسيطة التى كانت تسترزق بالمعبد، فقدت موارد رزقها، والأقصر تحتاج نظرة سريعة قبل فوات الأوان.