شتاء بدون إنفلونزا.. هل هو حلم مستحيل؟
شتاء بدون إنفلونزا.. هل هو حلم مستحيل؟
طريق الوقاية
زادت حدة الجدل، وارتفعت نبرة الرعب والفزع من عدد حالات الإنفلونزا هذا العام، ومن درجة وسرعة انتشارها وقسوة أعراضها وتوحشها الذى أدى بالكثيرين إلى الاستيطان فى السراير وغرف النوم، وتضخمت كمية الإجازات المرضية فى المؤسسات والشركات والمصالح الحكومية، وصارت رنة «الخنف» فى التليفونات هى النشيد القومى لشتاء هذا العام. وبالطبع خرجت كل المصطلحات الطبية من بطون المجلات والصحف، هذه إنفلونزا خنازير.لا، إنها إنفلونزا طيور. لا، لا، إنها إنفلونزا جديدة تنتمى حتماً إلى الحيتان والديناصورات!!، صفحة «بالطو أبيض» اليوم ستجيب عن تلك الأسئلة المعلقة وتضع النقاط على حروف اللغط والارتباك، وتجعل «شتاء بدون إنفلونزا» حلماً قريب المنال وليس كالغول والعنقاء والخل الوفى.
■ كلمة Influenza بالإيطالية تعنى «التأثير»، وهو ما يشير إلى نظرة الناس إلى المرض وكيف كانوا يظنون أن حركة الكواكب والنجوم والقمر لها دور فى الإصابة به. كل عام ٥% إلى ٢٠% من الأمريكيين يصابون بالفيروس، وأكثر من ٢٠٠٫٠٠٠ يدخلون المستشفى بسبب مضاعفات المرض.
■ أبو قراط فى عام ٤١٢ قبل الميلاد لاحظ أعراضاً شبيهة للإنفلونزا. ولكن أول وباء إنفلونزا مسجل كان عام ١٥٨٠ وأصاب ٩٠% من السكان. يجب أخذ التطعيم بحلول شهر أكتوبر، وبما أن الأجسام المضادة تكون نشطة بعد التطعيم بأسبوعين فإن أكتوبر موعد جيد قبل بلوغ المرض ذروة انتشاره فى الشهور التالية.
■ فى القرن الأخير هناك أربعة أوبئة إنفلونزا كبرى وهى: الإنفلونزا الإسبانية، والآسيوية، وإنفلونزا هونج كونج، وأخيراً إنفلونزا الطيور، التى أودت بحياة ١٢٠٠٠ شخص حول العالم. لكن الإنفلونزا الإسبانية كان لها نصيب الأسد فى عدد الوفيات سنة ١٩١٨، حيث بلغ عددهم قرابة الـ٥٠ مليون شخص، وهو أكثر من عدد قتلى الحرب العالمية الأولى. يمكن أن يبقى الفيروس على قيد الحياة من ٢-٨ ساعات على الأسطح الصلبة.
■ هناك أنواع مختلفة من الفيروس، فهناك إنفلونزا «أ» و«ب» و«ج». وأشدها هو النوع «أ» الذى يصيب البشر والطيور ويندرج تحته فيروس H1N1 المعروف بإنفلونزا الطيور. بينما يصل النوع «ب» إلى البشر فقط، ويصيب النوع «ج» البشر والكلاب والخنازير، ولكنه أقل انتشاراً.
■ جرب العديد من الناس قديماً أشياء مثل شرب النبيذ أو أكل البصل، وتوقف آخرون عن شرب الكحول. كلها ضمن محاولات يائسة لعدم وجود علاج واضح فى تلك الفترة.
■ تحدث طفرات فى التركيب الجينى للفيروس بشكل مستمر، لذلك يجب أخذ التطعيم كل عام.
ما هو نوع إنفلونزا هذا العام؟
مرض الإنفلونزا هو مرض فيروسى تنفسى، أى يصيب أساساً الجهاز التنفسى، وهو مرض مُعدٍ ينتشر من إنسان لإنسان عن طريق رذاذ العطس والسعال. وأيضاً ينتشر إذا لمس المريض، وكانت يده ملوثة بإفرازات تحتوى على هذا الفيروس، أسطح المكاتب أو الأبواب، أو أى ملامسة للأدوات التى يستخدمها الأشخاص أو المخالطون.
وفيروس الإنفلونزا ينتشر طوال العام، أى إنه ليس مرضاً ينتشر فقط أثناء فصل الشتاء.. ولكنه بالطبع أكثر انتشاراً أثناء فصل الشتاء.
لماذا فصل الشتاء؟
لأن الأماكن مغلقة والتهوية غير جيدة نظراً لبرودة الجو وكذلك الأماكن العامة ووسائل النقل العام وأوتوبيسات العمل والمدارس وفصول المدارس والحضانات والمدرجات بالجامعات، حيث ينقل المصابون المرض إلى المخالطين والزملاء عن طريق المصافحة أو الملامسة أو العطس وعن طريق الإصابة من الرذاذ والسعال.
وفيروس الإنفلونزا أو فيروسات الإنفلونزا هى عدة أنواع، لكن أهمها فيروس A وفيروس B.
فيروس A
هو أهم الأنواع وأكثرها انتشاراً، وهو الذى يسبب معظم حالات الإنفلونزا الموسمية، وأيضاً يسبب الإنفلونزا التى تنتشر فى صورة تفشٍ وبائى فى بعض الأحيان ويؤدى إلى وباء عالمى حاد، كما حدث مرات عديدة أقربها عام 2009.
وعلى سطح فيروس الإنفلونزا A توجد أنواع من البروتين السطحى منها البروتين H والبروتين N، وهناك عدة أنواع أو أنماط من هذه البروتينات، وتصنف فيروسات الإنفلونزا حسب هذه الأنماط.
وللسهولة فإن أهم نمطين فرعيين يدوران حالياً بين البشر هما (A H1 N1 ) و(A H3 N2)، وهما الأكثر انتشاراً، ويدوران حالياً بين البشر فى جميع أنحاء العالم، ومنها مصر. وفى الموسم الماضى كان النوع الأكثر انتشاراً من فيروس إنفلونزا A هو H3 N2 وأيضاً كان هناك حالات A H1 N1.
ولكن حتى الآن فإن فيروس إنفلونزا A H1 N1 هو الأكثر انتشاراً فى بلاد العالم وفى مصر.
أى إن الإنفلونزا الموسمية لهذا العام هى عدوى فيروسية حادة سببها أحد فيروسات الإنفلونزا A H1 N1.
مدة حضانة المرض من يوم إلى أربعة أيام، ويصبح المريض معدياً يوماً قبل ظهور الأعراض، ويستمر كذلك لعدة أيام حتى بعد انخفاض حدة الأعراض.
الأعراض
ويظهر مرض الإنفلونزا كنزلة برد مع انسداد بالأنف وبعض الإفرازات الأنفية مع عطس متكرر والتهاب حاد، وأحياناً شديد، بالحلق.
وفى بعض الحالات يحدث ارتفاع شديد فى درجات الحرارة وتحدث قشعريرة وعرق وصداع مصحوبة بسعال جاف وآلام فى العضلات وخاصة فى الظهر والذراعين والساقين، ويصف المرضى هذه الأعراض بأنها تكسير حاد بالجسم.
ولعل السعال الجاف الشديد من ضمن الأعراض التى تضايق المرضى بشدة خاصة أثناء الليل.
أما الشعور بالضعف العام والتعب بالجسم فمما يحد من حركة المريض وعدم قدرته على العمل وأيضاً فقدان الشهية. وفى بعض الحالات، خاصة الأطفال، قد يحدث قىء وإسهال.
الأطفال أو كبار السن أو الفئات المصابة بأمراض صدرية مزمنة مثل حساسية الصدر أو الانسداد الشعبى المزمن أو أمراض القلب أو الكلى أو السكر أو السيدات الحوامل والمرضعات كذلك مرضى الأمراض التى تعالج بأدوية المناعة أو مركبات الكورتيزون، هذه الفئات هى الأكثر عرضة للإصابة بالمضاعفات، لذلك يُنصح لتلك الفئات بالتطعيم السنوى ضد الإنفلونزا الموسمية، وهو التطعيم الذى يشمل الفيروسات الأكثر انتشاراً فى العالم والمسببة للإنفلونزا الموسمية، وتطعيم هذا العام 2015/2016 يشمل فيروس A H1 N1 و A H3 N2 وكذلك فيروس إنفلونزا B.
وفى معظم الحالات بالعلاج البسيط والراحة المنزلية لعدة أيام فإن أعراض الإنفلونزا تقل تدريجياً حتى تختفى بأدوية للحرارة مثل عقار بارا سيتامول (PARA CETMOL) وأيضاً أحد الأدوية ضد الهستامين حتى تقلل من الرشح والعطس. ولكن فى بعض الحالات يحتاج المريض إلى دواء للسعال أو احتقان الحلق. وهناك بعض الحالات، وخاصة من الأطفال وكبار السن، قد يعانون من بعض المضاعفات نتيجة لمرض الإنفلونزا مثل:
التهاب الأذنين، التهاب الجيوب الأنفية الحاد، التهاب القصبة الهوائية، التهاب الشعب الهوائية (نزلة شعبية).
وهناك حالات أشد قد تصل الالتهابات فيها إلى الرئتين وتؤدى إلى التهاب رئوى حاد.
والالتهاب الرئوى بالمكورات الرئوية PNEUMOCCI أو بكتيريا أخرى يشكل أشد وأخطر مراحل مضاعفات مرض الإنفلونزا، ورغم أن معظم الحالات تشفى بالمضادات الحيوية المناسبة، فإن بعض الحالات القليلة قد تكون شديدة وتؤثر على عمل الجهاز التنفسى وتحتاج لدخول الرعاية المركزية وقد تحتاج لجهاز تنفسى صناعى. وهذا ما نؤكده دائماً بأن المرض، أى مرض الإنفلونزا، قد يكون بسيطاً وسهل التعامل معه فى معظم الحالات، ولكن فى حالات أخرى قد يكون شديداً وخطراً.. ولذلك فإن الوقاية والوقاية ثم الوقاية هى أقصر الطرق نحو عدم الإصابة بالمرض من ناحية وعدم حدوث المضاعفات من ناحية أخرى. وعلى ذلك فإن مريض الإنفلونزا ذات الأعراض الحادة أو الشديدة أو ارتفاع درجة الحرارة أو صعوبة التنفس أو زيادة ضربات القلب أو الزرقة، وخاصة فى الأطفال، أو تغير لون المريض لا بد أن يلجأ فوراً إلى الفحص الطبى. ويشكل التطعيم الموسمى جزءاً من حماية كبار السن أو الأطفال أو الفئات الحرجة أو الخطرة التى حددتها، كما يشكل جزءاً مهماً من الوقاية والحد من المضاعفات.
وعلى الرغم من أن التطعيم لا يعطى وقاية أو مناعة 100٪ فإنه فى حالة توافر نوع الإنفلونزا الموسمية مع الأنواع من الفيروسات الموجودة فى التطعيم فإن نسبة الحماية تكون كبيرة. وبالطبع فإن التطعيم يحد من المرض، وكذلك يحد من المضاعفات والوفاة.
وفى الحالات الحادة والشديدة يوصى باستخدام العقار الخاص بعلاج فيروسات الإنفلونزا، وهو عقار تاميفلو، خاصة فى خلال اليومين الأولين من المرض. ويجب تناول الدواء من قبَل الكبار والصغار تحت إشراف طبى، سواء قبل بدء أو أثناء أو بعد المرض، للتأكد من سلامة المريض.