سيدات أعمال فى أوائل «العشرينات».. زمن البيزنس «الجميل»
سيدات أعمال فى أوائل «العشرينات».. زمن البيزنس «الجميل»
ماريان نادى على مكتبها فى شركتها الخاصة
حلم الوصول إلى لقب «سيدة أعمال» لم يعد مقصوراً على السيدات كبار السن أو أصحاب المدخرات الكبيرة، فقد اقتحمت هذا المجال فتيات فى سن الـ19 عاماً وأخريات تجاوزن العشرين بعامين، ليصبح لكل واحدة منهن «بيزنس» خاص بها وشركات هن قادتها.
«شروق»، و«شيماء»، و«ماريان» نماذج لفتيات قررن أن يتحلين بالجرأة والتغلب على الخوف أمام مفاهيم ترسخت لدى الجميع بشأن أهمية السن للبدء فى تولى مسئولية عمل خاص ليقتحمن عالم سيدات الأعمال صغيرات السن.
شيماء إمام واحدة ممن بدأن خوض مجال العمل الخاص بطريقتها منذ أن بلغت الـ23 عاماً قررت تنفيذ مشروعها الصغير الذى سمته «مشكاة» والذى مر عليه عامان منذ افتتاحه، وهو عبارة عن مكان يستهدف نشر الثقافة والتعليم فى المجتمع: «مشروعنا قايم على نقطتين، الأولى هى أن يقدم دورات تدريبية فى مختلف المجالات التعليمية والثقافية، ونهدف فيه خدمة المجتمع المصرى، بجانب توفير مكان يطلق عليه «CO WORK PLACE» أو مكان يوفر وسيلة للتواصل بين رجال وسيدات الأعمال من الشباب أمثالنا ويقدم لهم خبرات من خلال دورات تدريبية أيضاً».
شيماء خريجة كلية صيدلة تؤكد أن مشروعها ما هو إلا شركة مساهمة مصرية عملت على إنشائها هى وصديقتها عندما أتمتا دراستهما الجامعية، دون أى خوف: «لم نخف بل وضعنا خطة مالية مناسبة، على أن تكون هناك ثلاث مراحل، ففى البداية نحن سننفق على المشروع، وفى نهاية العام هو سينفق على نفسه، وهو ما حدث ونجحت خطتنا بالفعل، والآن دخلنا فى مرحلة أن نحقق مكاسب من المشروع».
عندما تتوقف شيماء عن الحديث، تستكمل شروق شريكتها فى «مشكاة» الحديث، شروق غلاب أيضاً خريجة كلية صيدلة، ولكنها قررت التخلى تماماً عن حلم أسرتها بأن تعمل فى مهنة من مهن كليات القمة، لتحقق حلمها الخاص: «رفضت التكليف، وقررت أبدأ حلمى بنفسى، بصراحة اللى يدوق حلاوة إنه يكون رئيس نفسه عمره ما يرجع لفكرة العبودية تانى، بأنه يكون شغال عند حد تانى، لأن من خلال البيزنس الخاص اللى بدأناه قدرنا نحقق أفكارنا وأحلامنا مش أحلام ناس تانية».
«ماريان»: بدأت مشروعى فى سن الـ١٩ عاماً.. و«شروق»: حطمت قيود المجتمع وريم: يجب تشجيع الفتيات على تحقيق أحلامهن
بصوت تبدو فيه علامات الجرأة مع عدم الخوف تؤكد شروق أن المجتمع بالطبع لا ينظر إليها مع شريكتها على أنهن فتيات عاديات، بل دوماً هناك نظرة مستنكرة: «دايماً الناس كبار السن بيبصوا لينا على أننا عملنا حاجة غلط، وإننا مش صح، وإن إزاى فيه بنات صغيرة ممكن يكونوا سيدات أعمال وعندهم مشروع خاص، ونفس الحال فى البيت، مش هانكر إنهم دعمونى، بس ساعات بيعبروا عن ضيقهم إننا خرجنا عن القطيع فى المجتمع، بمعنى تانى إننا مش زى بقية البنات اتخرجنا وأخدنا التكليف واتجوزنا وبس».
تعلن شروق وشيماء عن أمنيتهما بأن تكونا من سيدات الأعمال الكبيرات، عندما تصلان إلى الثلاثينات ويكون لديهما شركة كبيرة: «بالفعل لدينا موظفون أكبر منا سناً، يعملون لدينا، وواجهنا الكثير من الصعوبات فى بداية العمل، بسبب نظرة الناس لنا باستخفاف لأن سننا صغيرة مقارنة بأى صاحب شركة أخرى، ولكن فى المستقبل نطمح أن نكون من أصحاب لقب سيدات الأعمال بعد أن يكبر مشروعنا، ويكون معروفاً على مستوى مصر كلها». بعكس شروق وشيماء بدأت ماريان نادى مشروعها حين بلغت الـ19 عاماً، ولم تنتظر انتهاءها من الدراسة حتى تبدأ فى تنفيذ ما حلمت به، لتكون بحق أصغر سيدة أعمال فى مصر: «بدأ الأمر عندى لما كنت بتطوع من وأنا فى سنة أولى جامعة فى معظم الأنشطة اللى بشوفها، ولقيت فى نفسى القدرة على الإدارة والتنظيم، ومن هنا قررت أن يكون عندى شركة خاصة».
والد ماريان الذى كان يعمل موجهاً فى وزارة التربية والتعليم قبل وفاته، كان سبباً فى أن يكون المجال الخاص بشركتها هو التعليم وتقديم دورات تدريبية فى مختلف المجالات: «اخترت اسم المؤسسة هو مارك أى علامة، فأنا أريد ترك علامة فى المجتمع، وأنا أعلم جيداً أننى قد لا أقدر على تغيير شكل التعليم أو تطويره، فاهتممت بتقديم دورات فى اللغة الإنجليزية ومهارات التواصل والتسويق المختلفة للطلبة، التى قد تساعدهم على تغيير مستقبلهم بأنفسهم». بحسب ماريان تعمل مؤسسة مارك أربعة شهور خلال العام، تقدم فيها دورات تدريبية بمقابل مادى، وهو المبلغ الذى تستخدمه فى تطوير مؤسستها التى تخضع لإشراف وزارة التضامن الاجتماعى، بالإضافة إلى تقديم دورات تدريبية مجانية: «أنا مؤمنة أن الثورة ليست مجرد فعل، فمثلاً أهداف ثورة يناير ليست أن أنزل الميدان وأهتف بشعاراتها، بل أن أعمل على تنفيذها وهو ما حاولته فى المؤسسة، فنحن نقدم عدداً من الدورات التدريبية المجانية لكى يكون لى دور فى المجتمع حقاً».
لا تنفى ماريان أنها تعرضت لمضايقات فى بعض الأحيان بسبب سنها الصغيرة: «فيه ناس بتستغرب من سنى، وكلامهم إن الرجالة هما اللى يديروا مؤسسة زى دى، وفيه ناس بتحكم عليَّا بسبب شغلى، وأن الراجل يخاف يتجوز بنت بقت سيدة أعمال، ودى معتقدات مجتمع».
ريم فوزى إحدى سيدات الأعمال فى مصر، رئيس مجلس إدارة إحدى شركات النقل السياحى، أكدت أن من بين 100 فتاة تخرجت للتو من الكلية فقط تجد 8 فتيات فرص عمل، فى المقابل ما بين 100 شاب تخرج للتو من الكلية يجد نحو 25 شاباً فقط فرص عمل، وبالتالى فإن النسبة غير متكافئة: «البنات الآن فى مصر لم تقتحم كل الوظائف فى حين أن الدول كلها بدأت بالفعل فى تشغيل الفتيات فى كل الوظائف، بما فيها البدء فى مشروعاتها الخاصة».
تعتبر ريم أن فكرة أن يكون لدى الفتيات «بيزنس» خاص بهن، أمر جيد، ويجب أن يتم تشجيعهن بكل الطرق، وتضرب بنفسها كمثال، فهى كامرأة قررت منذ البداية الخروج عن المألوف وأن يكون لها دور قيادى فى المجتمع حتى استطاعت فى النهاية خدمة النساء بمشروعها، وعلى هذا المنوال ممكن لغيرها من السيدات تقديم أفكار تخدم المرأة: «بدأت العمل بامتلاك شركة لسيارات الليموزين عام 1992، بعد فترة جاءت لى فكرة مشروع التاكسى الأسود فى عام 2004، وقتها كان حجز التاكسى باستخدام الموبايل ما زال فى بداياته وكنت أريد أن أجعله مشروعاً قومياً بديلاً عن التاكسى الأسود السائد فى القاهرة آنذاك ثم خسرت فيه، وحالياً بدأت فى مشروع التاكسى البينك»، كلمات ريم تصف رحلة كفاحها الصعبة، مؤكدة أنه ليس شرطاً أن تمر الفتاة برحلة كفاح صعبة حتى تستحق لقب سيدة أعمال بل ممكن من البداية أن تحظى به.