المشردون فى بلاد الله: من لم يمت «غريقاً».. مات «مهاناً»
المشردون فى بلاد الله: من لم يمت «غريقاً».. مات «مهاناً»
اللاجئون يضطرون إلى الهروب من دمار الحروب «أ. ف. ب»
على مدار التاريخ، عُرفت منطقة الشرق الأوسط بتعدد خيراتها التى منحتها ميزة «الاستقرار» التى جعلتها واحدة من أكثر مناطق الاستقرار فى أنحاء العالم، خصوصاً حول الأنهار الغنية التى تمر بتلك المنطقة، وهو ما تسبب تباعاً فى نمو حضارات عريقة أسهمت فى بناء العالم ووصوله إلى المعرفة التى يمتلكها حالياً.
على مدار آلاف السنين، استطاع سكان الشرق الأوسط أن يحتلوا صدارة الحضارات المختلفة، غير أن السنوات الخمس الماضية كانت كافية لتهدم كل ما تم ترسيخه فى ذهن العالم من كون «الشرق الأوسط» هو منطقة الاستقرار الأولى فى العالم.
منذ أن انطلقت شرارة ثورات «الربيع العربى»، تحول الشرق الأوسط إلى منطقة «خطر» يهرب منها ساكنوها، فلم يعد اليمن الذى عُرف يوما باسم «اليمن السعيد» سعيداً، ولم يعد رغد العيش فى العراق كما كان يوماً، بينما خسرت سوريا التى كانت تعتبر من أكبر مصدرى القمح فى العالم مركزها وبات اقتصادها منهاراً لا يقوى على تحمل أعباء استقرار البلاد، بينما باتت ليبيا التى كانت تعد واحدة من أغنى دول العالم فى النفط، واحدة من الدول «الفاشلة» التى بات الأمل فى عودتها إلى سابق عهدها شبه معدومة.
بات مصير سكان الشرق الأوسط موزعاً بين فئات محدودة ليس لها بديل، فما بين «لاجئ» و«نازح» و«غارق» و«قتيل»، انحصر مصير سكان الدول التى كانت تحلم يوماً بالتخلص من حكامها الطغاة والتأسيس لديمقراطية سليمة تؤمن لهم أدنى مستويات الكرامة والحياة الحرة.
ثلث الشعب السورى لاجئون فى دول الجوار.. وعشرات الآلاف من الليبيين فروا إلى مصر وتونس والجزائر.. وكارثة إنسانية تهدد جنوب العراق بسبب نزوح 50 ألف أسرة
ولكن السياسات المتخبطة والتدخلات الغربية والصراعات الداخلية والحروب الأهلية أرهقت «الشرق الأوسط» وجعلته أشبه برجل «كهل» يحاول أن يتقنع بقناع «الثورة والتجديد»، ولا يقوى على تحمل مسئولياته تجاه مواطنيه.
فى سوريا، كانت السنوات الخمس الماضية كافية للقضاء على أسطورة «الاكتفاء الذاتى من القمح» التى حققتها الدولة السورية فى عام 2004، إلى واحدة من أكبر الدول التى تعانى من مجاعات بسبب نقص الأغذية والمساعدات بسبب الصراعات الداخلية، وليس هذا فحسب، بل إن السوريين الذين كانوا يتمتعون بمستوى جيد إلى حد ما من الحياة، باتوا مشردين حائرين فى أنحاء العالم. على المستوى الإنسانى، حصيلة السنوات الخمس من الثورة فى سوريا، هى 7.6 مليون شخص نازح داخل سوريا، حيث قرر هؤلاء الفرار من مصير القتل بالهرب من منازلهم أملا فى الوصول إلى مناطق آمنة بعيداً عن الاقتتال الداخلى، بينما بات ثلث الشعب السورى تقريباً لاجئاً فى دول الجوار، فبحسب تقرير لمفوضية شئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، لجأ نحو 250 ألف سورى إلى العراق، بينما لجأ 630 ألفاً آخرون إلى الأردن، وسط توقعات بارتفاع العدد إلى 1.4 مليون لاجئ سورى فى الأردن خلال الأشهر الأولى من العام الحالى، وفى مصر بات هناك 132 ألفاً و375 لاجئاً سورياً، فى حين قرر 1.113 مليون لاجئ سورى الفرار إلى لبنان التى باتت أكبر محتضن للاجئين السوريين، وفى أوروبا يسعى 350 ألف لاجئ سورى تقريباً للحصول على حق اللجوء السياسى داخل الدول الأوروبية، بينما بات هناك 1.9 مليون لاجئ سورى فى تركيا.
بعيداً عن عدد السوريين الذين استطاعوا الفرار من مصير القتل، فإن آخرين لم يحالفهم الحظ فى النجاة من هذا المصير، وبدلاً من أن يلقوا حتفهم على الأرض السورية، لقوا مصرعهم غرقاً فى بحار أوروبا، فلا يكاد يمر يوم واحد تقريباً دون أن تتصدر وكالات الأنباء عناوين غرق قوارب الهجرة غير الشرعية على سواحل تركيا وقبرص واليونان وغيرها، وهى فى أغلبها قوارب تحمل اللاجئين السوريين الذين استطاعوا الفرار من القتال ولم يحالفهم الحظ فى النجاة من الغرق، فبات نبأ مصرع عشرات اللاجئين من بينهم أطفال، مجرد نبأ اعتيادى يقرأه المتابع لشئون الشرق الأوسط بشكل مستمر.
وبعيداً عن تعداد اللاجئين السوريين، فإن إحصائيات الأمم المتحدة تؤكد أن عدد القتلى السوريين بلغ ما يقرب من ربع مليون سورى على مدار السنوات الخمس الماضية، من بينهم 100973 قتيلاً مدنياً، بينهم 10 آلاف طفل و7 آلاف أنثى فوق الثامنة عشرة من العمر، و36 قتيلاً من مقاتلى الكتائب المعارضة والميليشيات المختلفة.
60 مليوناً عدد اللاجئين حول العالم.. و 86% منهم يعيشون فى الدول النامية والفقيرة
وتشير الإحصائيات ذاتها إلى أن عدد المصابين فى الثورة السورية بلغ نحو مليون ونصف المليون سورى، أصيبوا بجراح مختلفة وإعاقات دائمة.
اليمن، الذى عُرف يوما بلقب «اليمن السعيد» لما به من خيرات لا يتم استغلالها بشكل جيد، بات يعانى هو الآخر من أزمة جديدة تضاف إلى سلسلة أزماته وعثراته المتكررة، فتزايد حدة القتال أجبرت ما يقرب من 117 ألف يمنى على الهرب، حيث أعلنت وكالة «غوث اللاجئين»، التابعة للأمم المتحدة، عن فرار 52 ألف يمنى تقريباً إلى دول الجوار اليمنى، وأغلبهم فى المملكة العربية السعودية، بينما فر 29 ألفاً آخرون إلى «جيبوتى» لتصبح هى الدولة الثانية من حيث عدد اللاجئين اليمنيين، و5 آلاف يمنى آخرون فى سلطنة عمان، و3 آلاف فروا إلى الصومال.
ولا تتوقف الأزمة اليمنية عند حد اللاجئين، حيث إن حدة القتال على أرض اليمن تسببت فى تفجر أزمة إنسانية عنيفة بسبب نقص المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية وحصار عدد كبير من المدن أبرزها «تعز»، التى تسبب حصارها على مدار أشهر عديدة فى مقتل العشرات من اليمنيين «جوعاً».
الأزمة الليبية أيضاً ألقت بظلالها بقوة على المشهد الإنسانى داخل ليبيا، فعلى الرغم من أن الطبقة تحت المتوسطة والمتوسطة هى التى سادت فى ليبيا على مدار سنوات، فإن الوضع كان أفضل كثيراً مما آلت إليه الأمور حالياً، وبات هناك ما يقرب من 530 ألف ليبى فروا إلى تونس بسبب الاقتتال الداخلى فى ليبيا، بينما تشير تقديرات المؤسسة الليبية لحقوق الإنسان إلى أن عدد الليبيين اللاجئين فى مصر الذين فروا عقب سقوط نظام «القذافى»، بلغ نحو 750 ألف لاجئ، فى الوقت الذى تقول فيه السفارة الليبية فى القاهرة إن العدد لا يزيد على 30 ألف شخص، بينما لجأ عشرات الآلاف من الليبيين إلى الجزائر المجاورة لـ«ليبيا»، بسبب الأحداث المتلاحقة وتفاقم الأزمة الليبية.
العراق أيضاً لم يكن بعيداً عن تلك الكارثة الإنسانية، فعلى الرغم من أن الأزمة فى العراق لا تتعلق بالربيع العربى فى حد ذاته، فإن الواقع هو أن ربع العراقيين تقريباً إما نازحون أو لاجئون أو قتلى فى المعارك التى تدور رحاها على أرض العراق، وهو ما دفع برنامج الأغذية العالمى إلى التحذير مؤخراً من أزمة إنسانية وشيكة فى جنوب العراق بسبب لجوء الآلاف إلى الجنوب بسبب النزاع فى محافظات وسط وشمال البلاد.
وأعلن البرنامج أن الوضع فى محافظات «النجف وكربلاء وبابل» وصل إلى مستويات حرجة بسبب تدفق الذين فروا من وجه العنف فى أجزاء أخرى من البلاد ولم تعد لهم موارد رزق لإعالة أنفسهم. وبحسب التقديرات الدولية، فإن هناك نحو 50 ألف أسرة لاجئة فى «البصرة والنجف» ومناطق أخرى فى جنوب العراق. أما المفوضية العليا للاجئين، فإنها تقدر عدد النازحين العراقيين خلال عام 2015 بنحو 800 ألف نازح، بينما هناك ما يقرب من 20 ألف لاجئ تقريباً من العراقيين موزعون على بعض الدول الأوروبية والعربية.
لا يسمح القانون الدولى بإعادة اللاجئين إلى أوطانهم التى نزحوا منها.
يحظى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالعدد الأكبر من اللاجئين المحليين بـ2.5 مليون.
تمثل أزمة اللاجئين السوريين أكبر أزمة نزوح للسكان فى العالم الآن.
منذ بداية أزمة اللاجئين السوريين فى مايو 2011 حتى الآن نزح نصف عدد سكان سوريا، وهو ما يقرب من 8 ملايين شخص داخل سوريا.
يبلغ عدد المواطنين السوريين اللاجئين الفارين من سوريا، بحلول عام 2015، أكثر من 6 ملايين لاجئ فى دول الجوار، خصوصاً الأردن ولبنان وتركيا والعراق.
بلغ عدد طالبى اللجوء السوريين فى أوروبا 428٫735، وهم يشكلون نسبة 10% فقط ممن فروا من الحرب الدائرة فى سوريا، وتستضيف ألمانيا وصربيا نسبة 43% منهم، وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين.
- عذاب اللاجئين :
لا يسمح القانون الدولى بإعادة اللاجئين إلى أوطانهم التى نزحوا منها.
يحظى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالعدد الأكبر من اللاجئين المحليين بـ2.5 مليون.
تمثل أزمة اللاجئين السوريين أكبر أزمة نزوح للسكان فى العالم الآن.
منذ بداية أزمة اللاجئين السوريين فى مايو 2011 حتى الآن نزح نصف عدد سكان سوريا، وهو ما يقرب من 8 ملايين شخص داخل سوريا.
يبلغ عدد المواطنين السوريين اللاجئين الفارين من سوريا، بحلول عام 2015، أكثر من 6 ملايين لاجئ فى دول الجوار، خصوصاً الأردن ولبنان وتركيا والعراق.
بلغ عدد طالبى اللجوء السوريين فى أوروبا 428٫735، وهم يشكلون نسبة 10% فقط ممن فروا من الحرب الدائرة فى سوريا، وتستضيف ألمانيا وصربيا نسبة 43% منهم، وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين.