"الأزهري" لشباب المحافظات الحدودية: الفكر الإرهابي المتطرف غير قابل للبقاء
أسامة الأزهرى
أكد الدكتور أسامة الأزهري، عضو الهيئة الاستشارية لرئاسة الجمهورية، أن التيارات الإرهابية المتطرفة المنتسبة للدين مصيرها إلى زوال، باعتبارها تكوينات فكرية غريبة غير قابلة للبقاء ولا التعايش مع الفطرة الإنسانية السوية.
وقال الأزهري، خلال لقائه مع شباب عدد من المحافظات الحدودية "شمال سيناء، وجنوب سيناء، والوادي الجديد، ومرسي مطروح، والبحر الأحمر، وأسوان"، إن المتتبع لتاريخ التنظيمات الإرهابية خلال الـ16 عامًا الماضية يجدها اندثرت، ولم يبق منها سوى ذكريات مؤلمة مليئة بالدماء والخراب، مشيرًا إلى أن الفكر الإرهابي بدأ قديمًا مع فكر الخوارج أيام الصحابة، ثم ظل يظهر كل فترة على هيئة موجات فكرية عنيفة، كان منها في عصرنا الحاضر تنظيم الفنية العسكرية الذي أسسه الفلسطيني الأصل صالح سرية.
مكابرة "البنا" في الاستماع لنصائح مشايخه كلفت الأمة ما لاتطيق
وذكر الأزهري، أن صالح سرية حضر للقاهرة ليدرس الاقتصاد والعلوم السياسية، لكنه ترك ما حضر لأجله، وأسس تنظيم الفنية العسكرية الذي يقوم على فكرتين هما التكفير وحمل السلاح، لافتًا إلى زوال هذا التنظيم بعد سنوات معدودة، وظهور تنظيم التكفير والهجرة، الذي أسسه شكري مصطفى في أواخر سبعينيات القرن الماضي، حيث اختطفوا العالم الأزهري، ووزير الأوقاف الأسبق الشيخ محمد حسين الذهبي، أول من ألف كتاب مناهج المفسرين، وقتلوه ومثلوا بجثته.
وأضاف الأزهري، أن تنظيم الجهاد، الذي أسسه محمد عبدالسلام فرج، جاء تاليًا لتنظيم التكفير والهجرة، ولخص أفكاره في كتاب "الفريضة الغائبة"، وكذلك القاعدة، والشوقيين، و"داعش"، وأنصار بيت المقدس، وجماعة الإخوان المسلمين على يد مؤسسها حسن البنا عام 1928، مشيرًا إلى أن تلك التنظيمات صارت تطلق كلمة الجهاد على التكفير والعنف وأعمال الإجرام المفعمة بالرعب والقتل والتخريب، وتكفير المسلمين، وحمل السلاح في وجوههم.
وروى عضو الهيئة الاستشارية لرئاسة الجمهورية، سبب انتهاج الإخوان لمرجعية التكفير وحمل السلاح، بقوله: "مكابرة حسن البنا في بدء مسيرته بتنظيم جمعية الإخوان جعلته لم يلتفت لتوجيهات ونصائح مشايخه أمثال الشيخ الحصافي وغيره الذين أخبروا البنا أن ما يقدم عليه سيكلف الناس ما لا يطيقون، لكنه كابر ومضى في طريقه رغم أن عمره وقته لم يتجاوز 22 عامًا".
الإخوان اختطفوا الآيات وفسروها بمنهجية التكفير وحمل السلاح
وأوضح أن من منهجية مكابرة البنا ما يرويه الشيخ أحمد حسن الباقوري وزير الأوقاف الأسبق، في مذكراته التي كتبتها الإعلامية نعم الباز، بأن البنا أحضره ليروي له رؤية منامية، تلخصت في أنه "رأى رسول الله وبصحبته الصديق أبي بكر رضي الله عنه، يركبان جملًا، وهو ممسك بحبل الجمل، وفجأة انقطع الحبل، وغاب عنه رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وصاحبه"، وفسر البنا تلك الرؤية بأنها إشارة ضمنية بالاستمرار في دعوة الإخوان، قائلا إن مؤسس الجماعة لم يفسر الرؤية المنامية التفسير المعقول بأنه انقطع عن طريق رسول الله صلي الله عليه وسلم وصاحبه الصديق.
وأشار الأزهري في حديثه للشباب، إلى أن النضج الفكري والبناء العلمي أصل من أصول الدعوة الصحيحة، مقارنًا بين منهجية الشيخ محمد متولي الشعراوي، وحسن البنا، بقوله: "الشعراوي لم يظهر في مجال الدعوة سوى بعد تخطيه الستين عامًا، وعندما سأله الإعلامي الراحل أحمد فراج عن تأخره حتى جاوز الستين، أجابه: (عندما شعرت بإمكانية أن أقدم للناس شيئًا ينفعهم)، أما الإخوان عندما مات البنا وتولى الإرشاد المستشار حسن الهضيبي، ألف كتاب (دعاة لا قضاة)، وكان الباعث وراء هذا الكتاب كما يقول الهضيبي: (لاحظت أن شباب الإخوان قد تسارع فيهم فكر التكفير)".
وأكد الأزهري، أننا أمام فكر مغلوط نسب نفسه للدين، وهو في الحقيقة أشبه بالفيروس الذي ينتقل بالإنسان من متدين إلى متطرف، ثم إلى تكفيري ثم إلى قاتل، مشددًا على أن تنظيم "داعش" لم يقدم للعالم سوى القتل والخوف والتكفير، ويكلفون أتباعهم بتنفيذ تفجيرات في أوطاننا وأوروبا لإرهاب أهلها وإلقاء الرعب في نفوسهم، وهذا يتنافى تمامًا مع فكر الإسلام الذى جاء رحمةً وأمانًا للناس جميعًا، واصفًا تلك الجماعات بـ"أصدقاء إبليس".
وحول استدلال بعض التيارات الفكرية على شرعية منهجه في ممارسة العنف، بقوله تعالي: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل، ترهبون به عدو الله وعدوكم"، أوضح الأزهري، أن حسن البنا والإخوان اختطفوا تلك الآية بفهم مغلوط ليكون ستارًا لمنهجهم في التكفير والعنف، وخدعوا بها الشباب الذين لم يفطنوا إلى حقيقة الآية في الدعوة لأوطاننا بأن تتسلح بآخر التطورات العسكرية، وتسابق غيرها في مجالات العلوم والمعارف، حتى تكون قوية الجانب، يخشى غيرها المساس بأمنها وسلامة مواطنيها.
وردا على سؤال عن المنهجية الفكرية التي تستقي منها التيارات المتطرفة أفكارهم، أشار الأزهري إلى أن فكر سيد قطب الذي وضع سمومًا فكرية في كتابيه "ظلال القرآن"، و"معالم في الطريق"، حسب قوله، لافتًا إلى مقولة سيد قطب في إحدى أطروحاته الفكرية، "الحقيقة المرة أن هذا الدين انقطع عن الوجود قبل قرون"، منوهًا بأن زعيم "داعش" أبوبكر البغدادي ردد نفس المقولة بعد عشرات السنين.