12 سنة تحت الإنشاء.. مركز كبد الشرقية: الشركة تعيد 25 مليون جنيه للصحة.. مش كفاية
مركز بحوث الكبد تحول إلى مبنى مهجور فى ههيا
مبنى مكون من 5 طوابق، يقع وسط مدينة «ههيا» فى محافظة الشرقية، مكتوب عليه «مركز الكبد»، بوابته الحديدية ليست مسلسلة، إذا دفعها أحد فُتحت بسهولة، خلفها تتراكم شكائر أسمنت ومواد بناء، يبدو أنها تُركت هنا منذ سنوات، ولولا أن المبنى المهجور وسط كتلة سكانية، لتحول إلى وكر للبلطجية، المبنى الذى توقف العمل فيه منذ 2009 وحتى الآن، يعكس حرمان مئات الآلاف من مرضى الكبد من تلقى العلاج داخل محافظتهم، واضطرارهم للبحث عن العلاج فى مراكز أخرى خارج المحافظة.
أعمال الإنشاءات الخاصة بالمبنى توقفت بعد إنفاق ملايين على شراء قطعة الأرض والإنشاءات بنسبة 80%، دون أسباب واضحة حتى الآن، ما يثير غضب أهالى المحافظة، مؤكدين أن ما حدث إهدار للمال العام.
«نشعر بخيبة أمل كبيرة، بعد إنشاء المبنى وتركه مهجوراً، ولا نفهم لماذا بنوه طالما أنهم لن يكملوه، هل لهذه الدرجة تسيطر عليهم العشوائية والتخبط فى القرارات؟»، بتلك الكلمات بدأ محمد زهران، موظف من مدينة ههيا حديثه، مؤكداً أن بناء مستشفى الكبد حلم طال انتظاره كثيراً، وبمجرد تشييد الأدوار الخمسة ظننا أنه قارب على الانتهاء، إلا أن ذلك لم يحدث بعد توقف البناء منذ عدة سنوات.
وأضاف لـ«الوطن»: «المستشفى لا يخدم مرضى الكبد فى مركز ههيا فقط، لكن سيخدم المرضى فى كل مراكز المحافظة، بدلاً من اضطرارهم لقطع مسافات طويلة بحثاً عن العلاج فى محافظات أخرى».
اصطحبنا «زهران» داخل المبنى، حيث صعدنا سلالم تصل إلى الطابق الخامس، حيث اكتمل بناؤها، وتم تركيب الأرضيات بالسيراميك، وإدخال الكهرباء وتركيب زجاج النوافذ، بالإضافة إلى تجهيز مكان الأسانسير بخلاف بعض من مواد البناء، التى تركتها الشركة المنفذة بمدخل المركز قبل استكمال أعمال البناء.
وأشار زهران إلى أن الأهالى قدموا الكثير من الشكاوى للمسئولين «دون جدوى»، موضحاً «لم نعرف سبب توقف البناء حتى الآن سوى أن الشركة المنفذة توقفت عن العمل وحسب».
وفى السياق ذاته قال توفيق حماد، مستشار محافظ الشرقية للعمل الأهلى، إن مشروع إنشاء مركز بحوث وأمراض الكبد بدأ بالخطة المالية لعام 2004 - 2005 حيث تم تخصيص قطعة أرض مساحتها «2469 متراً» بمدينة ههيا، بقرار تخصيص صادر من محافظ الشرقية فى شهر أكتوبر عام 2003، وأشار إلى أنه تم إجراء مقايسة أعمال لمشروع إنشاء مستشفى الجهاز الهضمى والحميات بمدينة ههيا، بمعرفة الإدارة العامة لبحوث خدمات الهندسة الصحية والطبية بالوزارة، بقيمة إجمالية 13 مليوناً و242 ألف جنيه، وتم إسناد المشروع إلى شركة تابعة لجهاز المخابرات العامة، بوسيلة الاتفاق المباشر من قبل الإدارة المركزية للأمانة العامة بوزارة الصحة، بتاريخ 30 ديسمبر عام 2003، إلا أنه صدر قرار بإلغاء مستشفيات الحميات، وتم تعديل موافقة وزير الصحة على تغيير المسمى ليصبح مركز بحوث وعلاج أمراض الكبد فى ههيا.
وأضاف حماد أنه تم تنفيذ الهيكل الخرسانى وأعمال المبانى والبياض الداخلى وبعض أعمال التشطيبات من «كهرباء، وصرف صحى»، لعدد خمسة طوابق بنسبة 80% من المشروع، وبلغت قيمة المبالغ التى تم إنفاقها على المشروع حتى الآن 8 ملايين و613 ألفاً، حسب آخر مستخلص، بتاريخ 30 مايو 2009، وأوضح أن ما تم إنفاقه إضافة لثمن الأرض الذى بلغ 10 ملايين بأسعار عام 2009، يقدر بنحو 18 مليوناً و613 ألف جنيه، كتكلفة إجمالية، وطبقاً للأسعار الحالية يرتفع إجمالى التكلفة إلى 34 مليون جنيه، بعد زيادة سعر الأرض.
وطالب حماد بسرعة الانتهاء من أعمال بناء المستشفى، مؤكداً أن عدداً من الجمعيات الأهلية على استعداد للمشاركة فى تجهيز المبنى، وتزويده بعدد من الأجهزة الطبية.
ومن جانبه قال الدكتور شريف مكين، وكيل وزارة الصحة بالشرقية، إنه خلال العامين الماضيين تم عقد اجتماع مع الإدارة العامة للتخطيط بالوزارة لبحث استكمال إنشاء وتشطيب وتجهيز المستشفى، موضحاً أنه تم إعداد تقرير يتضمن أهمية المشروع وإنشائه فى المحافظة، بالإضافة إلى حضور لجنة من الإدارة العامة للتخطيط والإدارة الهندسية بالوزارة مع إدارة التخطيط بالمديرية، لتفقد الموقع على الطبيعة لبدء استكمال المبانى، طبقاً للتعديلات الهندسية المعتمدة.
وأضاف أنه تم تخصيص 25 مليون جنيه كاعتمادات لازمة للبدء فى المشروع مرة أخرى، وتوجيهها للإدارة العامة للهندسة والتجهيزات بالوزارة، التى أجرت مقايسة فى خطة عام 2012 - 2013، حتى يتم استكمال الإجراءات، إلا أن الشركة رفضت التنفيذ بسبب فرق الأسعار عندما وضعت الخطة والأسعار الحالية، فتم إرجاع المبلغ لوزارة الصحة، ثم أرسلت الوزارة المبلغ مرة أخرى، إلا أن الشركة كررت موقفها وأعادته، وأضاف وكيل الوزارة أن مديرية الصحة بالمحافظة نجحت فى استرداد مبلغ 10 ملايين جنيه، إلا أن الشركة رفضت التسلم أيضاً، ومن المتوقع إرجاع المبلغ مرة أخرى، وأضاف وكيل الوزارة أن حل مشكلة المبنى يتمثل فى إرسال التكلفة اللازمة، معتمدة مع فروق الأسعار لتسليمها للشركة المنفذة للمشروع.
وفى السياق ذاته قال اللواء عصام أبوالمجد، النائب البرلمانى عن دائرة ههيا والإبراهيمية، إنه سيتقدم بسؤال خلال الجلسات المقبلة لمجلس النواب عن أسباب توقف العمل بالمبنى على الرغم من أهميته لقطاع عريض من الأهالى.
وأضاف أبوالمجد أن ما يحدث كارثة حقيقية تعكس عدم وجود آلية لإدارة المشروعات، خاصة تلك التى تتعلق بصحة المواطنين والتسهيل على المرضى لتقديم العلاج اللازم لهم.