طفشنى.. شكراً.. المنيا لسه بتسأل: يعنى إيه «شباك واحد»؟
المستثمرون فى المنيا يشكون من الروتين وإغلاق المصانع
على مساحة 2170 فداناً، ومسافة 6 كيلومترات فقط من مدينة المنيا أقيمت المنطقة الصناعية كواحدة من أكبر المدن الصناعية بالصعيد، لتضم صناعات غذائية، وحرفية، ومتوسطة، وخفيفة، وصناعات البودرة والحجر الجيرى والرخام، وصناعات ثقيلة كالأسمنت والحديد والصلب، ومع الوقت والإهمال أصبحت طاردة للاستثمار، بسبب صعوبة استصدار تراخيص العمل، وعدم تطبيق منظومة الشباك الواحد، ومسئولية أكثر من وزارة وجهة حكومية عن إصدار هذه التراخيص. من يزور المنطقة يلاحظ من الوهلة الأولى سيطرة صناعات الحجر الجيرى والرخام، بنسبة تفوق الـ60% من المشروعات الموجودة، وتكاد تكون هى المشروعات الأكثر استمرارية حتى الآن، وأغلب المصانع تعمل بنصف طاقتها، بينما هناك أخرى أُغلقت وهرب أصحابها.
يقول أحمد حسن، صاحب مصنع رخام، إن التراخيص أسوأ مرحلة تقابل أى مستثمر، لأنه يضطر يلف كعب داير، بالمرور على 3 محافظات، هى المنيا وأسيوط والقاهرة، والذهاب إلى عدد من الوزارات، مستنكراً عدم وجود مكاتب لتلك الوزارات بكل محافظة، لإنهاء أوراق المستثمرين، وطالب بتطبيق نظام «الشباك الواحد» لتيسير الأمور وإنجازها سريعاً، بدلاً من «تطفيش» المستثمر منذ البداية.
وأضاف أن المنطقة الصناعية بالمنيا تعانى من سوء الطرق، وعدم جودة المياه وقلة الأمن وانتشار البلطجة، خاصة من قبل «العربان» قاطنى المناطق الصحراوية، الذين يفرضون إتاوات على المصانع، ومن يرفض يسرقون معدات مصنعه، أو يضايقونه من وقت لآخر.
ويقول أحمد فتحى، صاحب مصنع إسفنج: نعانى بشكل كبير من الإجراءات الروتينية، ومشاكل استخراج الضمانات، فالمستثمر يتمنى دائماً أن يبدأ عمله بيسر، لكن ما يحدث عكس ذلك، فنحن نتعرض لمضايقات كثيرة بسبب قرار البنك المركزى الجديد، الذى لا يسمح للمستثمر بسحب أكثر من 50 ألف دولار شهرياً من البنك، ما يجعل أصحاب المصانع فى أزمة حقيقية أثناء تعاملاتهم مع تجار آخرين، وما يترتب على ذلك من تعطيل للمصالح. وأشار إلى أن قرار البنك كان يهدف إلى محاربة تجار العملة فى السوق السوداء، لكنه جاء على رأس المستثمرين، بالإضافة إلى مشاكل نقص السيولة والقروض الضعيفة التى تعطيها البنوك، مؤكداً أنه يجب التمييز بين الأشخاص والشركات التى تعمل من أجل الصالح العام.
ويقول محمود ربيع، عامل، إن الحراسة الأمنية شبه منعدمة فى محيط مصانع المنطقة، وهناك أشخاص يأتون بين حين وآخر لفرض الإتاوات على أصحاب المصانع بحجة تأمينها، كما أن المنطقة تحتاج إلى محطة وقود، مع حل مشكلة المياه، خاصة أن مصانع الأغذية لا يمكنها استخدام تلك المياه، إلا بعد مرورها على وحدات تنقية تكبدها عشرات الآلاف من الجنيهات، كما أن المنطقة تحتاج إلى كوبرى مباشر من مدينة المنيا، وتنظيم شبكة النقل. وأضاف أن المصنع الذى يعمل فيه لديه وحدة معالجة مياه كاملة تخدم العاملين، فضلاً عن تكبده مبالغ طائلة لتوفير وسائل نقل ومواصلات شهرياً، بسبب بُعد المنطقة وعدم وجود طريق مباشر لها، كما أن هناك مشكلة لعدم توصيل الغاز لمعظم مصانع المنطقة، ووقوعها تحت رحمة أزمة انقطاع الكهرباء من حين لآخر، ما يؤدى إلى تلف الكثير من الأجهزة غالية الثمن، فى ظل عدم توصيل الغاز الطبيعى لمعظم المصانع.
وكشف مصدر، طلب عدم نشر اسمه، أن عدد المصانع المتوقفة بالمنطقة الصناعية بلغ نحو 55 مصنعاً، وأن هناك 127 مصنعاً منتجاً تواجه مشكلات كثيرة، و100 مصنع وورش ما زالت تحت الإنشاء. وأشار إلى أنه تم تخصيص منطقة حرة مساحتها 306 آلاف متر لإنشاء مكاتب استيراد وتصدير منذ عامين، لكن وزارة الاستثمار لم تنفذ حتى الآن، وتم تخصيص10 آلاف متر أخرى لبناء مجمع استثمار لخدمة شمال الصعيد، وأيضاً لم يتم بناؤه.
وقال محمد عبدالنعيم، أمين حزب «حراس الثورة» بالمنيا، إن المنطقة الصناعية بالمنيا من أكثر المشروعات الوهمية فى مصر، فأغلب الذين حصلوا على قطع أراض لم يبنوا مصانع عليها، إنما باعوا الأراضى بمكاسب كبيرة، والآن هى منطقة خاوية من المصانع، بشكل لا يجعل أحداً يشعر بأنها منطقة صناعية. وأضاف أن أهالى المحافظة استبشروا خيراً عند الإعلان عن إنشاء هذه المنطقة، وحلم غالبيتهم بتشغيل عدد كبير من الشباب العاطل فيها، إلا أن ذلك لم يحدث لأن عدداً كبيراً ممن حصلوا على أراض بها لم يستغلوها على الإطلاق، بسبب كثرة السلبيات، وعدم وجود مرافق، مطالباً بإنشاء مناطق صناعية أخرى، تكون الأولوية فيها للمشروعات ذات العمالة الكثيفة، وأن تكون تلك المناطق مكتملة بها أعمال البنية التحتية.
ومن ناحيته قال اللواء طارق نصر، محافظ المنيا، إنه تفقد عدداً من مصانع المنطقة الصناعية لمتابعة سير العمل بها، وبحث المعوقات والتحديات التى تواجه المصانع والمستثمرين لدفع عجلة الاستثمار بالمحافظة إلى الأمام، وجذب مستثمرين جدد.
وأضاف أن الموقع المتميز للمنطقة يجعلها منطقة جاذبة لرأس المال، وأن الفترة الحالية تستهدف دفع عجلة الاستثمار وتوفير المناخ الناجح له، وتقديم كل أنواع التسهيلات للمستثمرين، مشيراً إلى عقد لقاءات مستمرة مع أصحاب المصانع والمستثمرين لحل مشاكلهم.
وأشار نصر إلى أن المحافظة تقوم حالياً بإنهاء ترفيق المناطق الصناعية والمجمعات الصناعية، بالتعاون مع الوزارات والجهات المعنية، بالإضافة إلى تيسير الإجراءات اللازمة على المستثمرين لإقامة مزيد من المشروعات الصناعية، لتوفير فرص العمل اللازمة لأبناء المحافظة.
وأضاف أن الحكومة ملتزمة بتقديم المساندة الكاملة لجميع المستثمرين وتهيئة مناخ الأعمال وتطوير التشريعات اللازمة لتنمية وزيادة الاستثمارات، بالتنسيق والتعاون مع كافة الجهات المعنية بإصدار التراخيص بهدف تقليل زمن إصدار هذه التراخيص والتيسير على المستثمرين.