الدولار يتوحّش ويسجل 925 قرشاً.. وبنوك تدعو إلى تعويم الجنيه.. ومسئولون: خرج عن السيطرة
المضاربات والشائعات وتراجع الموارد الدولارية وراء ارتفاع سعر الدولار فى السوق السودا
كشف متعاملون فى سوق الدولار عن وصول أسعاره أمس إلى 9.25 جنيه فى السوق السوداء. وقال حمدى النجار، رئيس الشعبة العامة للمستوردين بالغرف التجارية، إن المضاربات والشائعات وتراجع الموارد الدولارية هى السبب. ولفت إلى أن سعر الدولار وصل إلى 9.25 جنيه، بعد إضافة عمولة التحويل إلى الخارج، الأمر الذى يُمثل عبئاً على جميع أطراف السوق، لافتاً إلى أن أى ارتفاع فى أسعار الدولار سيؤدى إلى ارتفاع فى تكلفة أسعار السلع بقيمة الارتفاع فى سعر الدولار نفسها.
خبراء: ارتفاع الحاسبات الآلية والمحمول بنسبة 20%.. والشركات العقارية قد ترفع أسعارها فى منتصف العام الجارى
وتوقعت بنوك استثمار المجموعة المالية «هيرميس» و«بلتون فاينانشال» و«سى آى كابيتال» رفع سعر الدولار فى السوق الرسمية ليتراوح بين 8.5 و9.5 جنيه خلال العام الحالى، فى خطوة واحدة دون تحديد موعد لاتخاذ هذا الإجراء، خصوصاً أن ضغوط السوق السوداء للعملة الخضراء تقود أسعاره إلى حالة انفلات كبيرة.
وقال هانى فرحات، محلل الاقتصاد الكلى فى «سى آى كابيتال»، إن «السعر لا بد أن ينخفض مرة واحدة حتى يُعطى رسالة واضحة إلى المستثمرين الذين ينتظرون خفض الجنيه، بأن البنك المركزى يعمل على حل المشكلة، ويشجّعهم على دخول السوق». وتوقع «فرحات» أن يُخفّض «المركزى» الجنيه ليتراوح الدولار بين 9 و9.5 جنيه، ويبقى عند هذا المستوى لنهاية العام، لكنه لم يتوقع موعداً لاتخاذ هذا القرار.
وقال رجال أعمال إن هناك حالة انفلات ملحوظ فى سوق العملات الصعبة، خصوصاً الدولار. وأوضح جمال الجارحى، رئيس غرفة الصناعات المعدنية، إن الصناعة المصرية تواجه أزمة حقيقية حال عدم وجود حلول عاجلة من قبَل الجهات المعنية بالدولة، سواء لتوفير الدولار بالسوق المحلية من أجل استيراد الخامات اللازمة لتشغيل المصانع، أو الحد من جشع السوق السوداء التى خرجت عن السيطرة. وأشار «الجارحى» إلى أن مصانع الحديد المصرية مُهدّدة بالتوقُّف، بالإضافة إلى وجود 5800 عامل مهددين بالتشرّد، نتيجة أزمة عدم توفير الدولار. وطالب «الجارحى» الجهات المعنية بالدولة بضرورة إعداد دراسة تتضمّن القطاعات التى لها الأولوية فى توفير الدولار، مثل قطاع الصناعات الغذائية والأدوية، ثم المصانع التى تقوم بالتصدير، تليها المصانع التى توفر السلع للسوق المحلية.
وأكد علاء السبع، عضو شعبة السيارات بالغرف التجارية، ضرورة الخروج من دائرة الحلول التقليدية والاعتماد على أفكار جديدة من خارج الصندوق، من أجل مواجهة أزمة الدولار، لافتاً إلى أن الدولة تعتمد على قطاعين فقط من أجل توفير الدولار، وهما السياحة والتصدير، مشيراً إلى أن القطاع السياحى فى مصر يمر بأزمات كبيرة خلال المرحلة الراهنة يجب حلها. وشدّد «السبع» على أهمية زيادة الصادرات لدعم الموارد الدولارية، مطالباً الجهات المعنية بتوفير كل الدعم اللازم لجميع الصناعات المصرية، بمختلف قطاعاتها، من أجل تنشيط وزيادة الصناعات المصرية، التى بدورها ستعمل على إدخال العملة الصعبة إلى خزينة البلاد.
وقال محمد جنيدى، رئيس نقابة المستثمرين الصناعيين، إن البنك المركزى المصرى لا يمكن تحميله مشكلة توفير الدولار التى تواجهها الصناعة المحلية خلال الفترة الحالية، لافتاً إلى أن الأزمة فى حاجة إلى خلق منظومة استثمارية متكاملة تضم كل الوزارات المعنية، تقوم بتوفير مناخ استثمارى آمن يُسهم فى جذب الاستثمارات الأجنبية، ويعمل على تشغيل المصانع المتعثّرة والمتوقّفة، التى بدورها ستؤدى إلى توفير الدولار. وأشار «جنيدى» إلى أن القطاع السياحى، الذى كان يمثل أهم عنصر لجذب العملة الصعبة أصبح يواجه معوقات كبيرة ويحتاج إلى فترة من أجل العودة إلى ما قبل ثورة 25 يناير.
وتوقع خبراء أن يؤثر ارتفاع الدولار على الخدمات التى تُقدّمها الدولة للمواطنين، وعلى رأسها مياه الشرب التى تستخدم محطاتها الكثير من المواد المستوردة لتنقية المياه أو تشغيل المحطات عبر استيراد معدات مصنوعة بالخارج. وقال العميد محيى الصيرفى، المتحدث الرسمى باسم الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى، إن ارتفاعات الدولار الحالية بالتأكيد ستؤثر على مدخلات محطات المياه والصرف الصحى، حيث تعتمد الشركة بشكل أساسى على معدات ومواد للتنقية، أغلبها مستوردة، مما سيُزيد من تكلفة المياه على الحكومة، وبالتالى قد يشعر المواطنون بارتفاع أسعار الخدمة عليهم، إذا لم تتم السيطرة على الأسعار. وتوقع المهندس إبراهيم عارف، الخبير المثمن، أن تتأثر السوق العقارية بارتفاعات الدولار خلال نهاية العام، مضيفاً: لن ترتفع الأسعار فى المشروعات المنتهية، حتى لو وصل الدولار إلى 10 جنيهات، وإنما ستشهد الأسعار الخاصة بالمشروعات الجديدة، ارتفاعاً تدريجياً قد يظهر منتصف العام الحالى، متوقعاً أن يشهد الصيف المقبل رفعاً لأسعار كل السلع والخدمات، وعلى رأسها العقارات.
فى المقابل، توقع شريف رشدى، رئيس مجلس إدارة شركة «إيدار» للتسويق العقارى، أن يفيد انخفاض أسعار العملة المحلية قطاع السياحة، لأنه يعطى السوق المحلية ميزة نسبية ويُشجع الأجانب على ضخ أموالهم فى صورة مشروعات استثمارية وشراء وحدات سياحية فى مصر، مستغلين هدوء الأسعار وفرق العملة بين الجنيه المصرى والدولار. وقال المهندس خليل حسن خليل، رئيس شعبة الحاسبات الآلية، إن أسعار الحاسبات الآلية ارتفعت بنسبة 20% خلال عام بسبب ارتفاع أسعار الدولار. وأضاف أنه منذ فبراير 2015 وهناك ارتفاع مستمر فى أسعار الدولار يتبعها ارتفاع فى جميع أسعار السلع الأخرى ومستلزمات الإنتاج، مشيراً إلى أن ترشيد العرض سيقضى على المنافسة، وسيتبعه ارتفاع فى الأسعار دون مبرر، ويجب أن تصبح السوق مفتوحة للمنافسة، موضحاً أن الحاسبات الآلية حالياً تعتبر عنصراً من عناصر الإنتاج، ولا يمكن الاستغناء عنها.
من جانبه، قال عبدالرحمن صلاح، صاحب مركز لصيانة الهواتف المحمولة، إن الفترة الماضية شهدت ارتفاعاً فى أسعار الدولار، انعكس على ارتفاع أسعار قطع الصيانة الخاصة بأجهزة المحمول، موضحاً أنه خلال الأشهر الثلاثة الماضية زادت الأسعار بنسبة تصل إلى أكثر من 30%.
من جانبه، طالب الدكتور مصطفى النشرتى، الخبير الاقتصادى، الرئيس السيسى، بالاجتماع مع محافظ البنك المركزى والمجموعة الاقتصادية فى أسرع وقت ممكن، لمناقشة أزمة الدولار، محذّراً من دخول الاقتصاد المصرى فى النفق المظلم وأزمة طاحنة لن نستطيع الخروج منها بسهولة. وقال «النشرتى» لـ«الوطن» إن تعديل البنك المركزى قراره برفع الحد الأدنى للإيداع النقدى للدولار لتمويل استيراد السلع من 100 ألف دولار شهرياً إلى مليون دولار، تسبّب فى حالة الفوضى التى تشهدها سوق الدولار فى مصر حالياً، موضحاً أن المستوردين كانوا يُخططون للاستيراد بهذه المبالغ، لكن القرار القديم كان يقف أمامهم، وبعد تعديل القرار والسماح لهم بزيادة الحد الأدنى للإيداع النقدى 10 أضعاف دون أن يوفر البنك المركزى الدولار فى البنوك تسبّب فى ارتفاع سعر الدولار بهذا الشكل الرهيب.