بؤس بوك!
مارو سامى
ليس عليك سوى أن تدخل على موقع التواصل الاجتماعى الأشهر «فيس بوك» لتشاهد ما لا تراه فى حياتك اليومية وممارساتك الطبيعية، فدقائق معدودة على هذا «الفيس» تجعلك تعلم جيداً بما لا يدع للشك مجالاً أن الضجيج الفارغ أصبح سمة مميزة لمشتركى هذا التطبيق الذى طالما كان الهدف الأول منه تواصلاً اجتماعياً مفيداً وهروباً من الحياة الروتينية أو فى واقع الأمر مساحة ترفيه «افتراضية».
نعم، عالم افتراضى له طابعه الخاص، من المفترض ألا يُحمّله مستخدموه أكثر من طاقته؛ فالدخول على «فيس بوك» خلال يومك الطبيعى بمثابة أن تعرف ما يدور فى عقول من حولك لتشاركهم رأيك بطريقة أو بأخرى، من حقك أن تكتب وتعلق، ترفض وتوافق، تضيف شخصاً أو تتجاهله فى نطاق هذا العالم.. لكن من غير المرضى أبداً الضجة الفارغة والمشادات وحِدّة الأزمات فى هذا العالم وبالتالى فأى عالم هذا الذى تهرب إليه من الحياة الواقعية فتفاجأ بصورة منه فى حياتك «الافتراضية»؟!
هناك من يتصور أن حسابه الخاص على «الفيس» مساحة كاملة الحرية للاستخفاف بالبعض أو الخوض فى خصوصياتهم أو نشر ما لا يليق رافضاً أن ينتقده أحد، متناسياً أنه يكتب لنفسه وغيره أيضاً من الأصدقاء أو العامة، لكنه أصبح يتحدث ويحلل و«يفتى».
أمور عديدة أصبحت تفسد هذه المساحة؛ فالشائعات مثلاً عرفت طريقها فى «بؤس بوك» الذى أصبح مساحة كاملة للتنظير و«الهرى» السياسى والاجتماعى، فالجميع يتصور أنه على دراية كاملة بالأمور.
يا عزيزى/ عزيزتى.. «فيسك وانت حر فيه»، لكن ضع أمامك دائماً مبدأ «سكة السلامة» وتجنب ما هو غير سليم ولا تنشره، من حقك التعبير عن رأيك ولكن هل تستطيع أن تفنده بهدوء وتتجادل مع الآخرين بسلام.. «صحتك بالدنيا» وصدقنى «مش مستاهلة» لأن «فيس بوك» مساحتك للترفيه عن نفسك من زحمة الحياة الواقعية.. اكتب رأيك، مارس طرقك فى العرض، افعل ما تريد... لكن ابتعد عن «إثارة الجدل» فى كل كبيرة وصغيرة.
فى هدوء ضِفْ من تحبه من الأشخاص وما يعجبك من الصفحات والجروبات واستمتع بهذه النافذة بطريقتك الخاصة ولا تدخل فى جدالات لا داعى لها، ونهايتها كبدايتها لا تسفر سوى عن «حرقة دمك» وإضاعة وقتك وتذكر دائماً أنك الخاسر الوحيد من الجدالات السخيفة.