«عبدالغفار» يبدأ «المواجهة الصعبة» بعد 5 محاولات فاشلة
الداخلية تبدأ مواجهة الأمناء «صورة أرشيفية»
فتح القرار الذى اتخذه اللواء مجدى عبدالغفار منذ يومين، بالقبض على 7 أمناء شرطة من المتهمين بالتحريض ضد وزارة الداخلية، الحديث عن انفلات أمناء وأفراد الشرطة طوال 5 سنوات تتابعت فيها تجاوزاتهم ومخالفاتهم الصارخة للقانون حتى خُيل للبعض منهم أنهم تجاوزوه إلى منطقة آمنة لا حساب فيها ولا عقاب.
قرار الوزير يراه الكثيرون بداية الطريق لسلسلة من الإجراءات التى من شأنها القضاء على تغول أفراد الشرطة أو البعض منهم، وإعلاء سيادة القانون وإرساء أركان العدل.
مرت 5 سنوات منذ يناير عام 2011، تعاقب فيها 5 وزراء داخلية على المنصب بداية من اللواء محمود وجدى، وانتهاء باللواء محمد إبراهيم مصطفى، كان الأفراد خلالها «خطاً أحمر» لكل منهم، كوّنوا ائتلافات وأندية ومجالس إدارات، هددوا بجموعهم الحاشدة، نجحوا فى لىّ ذراع الدولة والقانون، وسبق أن هددوا بإغلاق وزارة الداخلية، والعصيان المدنى، وأغلقوا مديريات أمن، وأقسام شرطة، ارتكب البعض منهم عشرات بل مئات التجاوزات، بل جرائم تبدأ بالرشوة ولا تنتهى بالقتل وسفك الدماء الحرام نهاراً جهاراً وعياناً بياناً، آخرها ما حدث قبل أيام عندما قتل رقيب شرطة شاباً فى الدرب الأحمر.
القبض على 7 بداية التصدى للتجاوزات.. وأمين اقتحم اجتماعاً لوزير سابق بـ«شبشب».. وآخر قال: «مصر دولة الأمناء»
خلال الخمس سنوات الماضية لم يجرؤ وزير داخلية على المواجهة، كانت أبواب الوزارة مفتوحة على مصاريعها أمام الرياح العاصفة للأمناء الذين نجحوا فى إجبار الوزارة على تنفيذ مطالبهم، فألغوا المحاكمات العسكرية وضاعفوا رواتبهم، وبعضهم استغل حالة التعاطف بين الشعب والشرطة وانشغال الوزارة فى محاربة الإرهاب فى ارتكاب مئات التجاوزات بلا سقف وبلا رادع.
تفاقم الأمر ووصل إلى مرحلة خروج أحدهم قائلاً فى تحد: «نعم هى دولة أمناء الشرطة.. وأنا وزيرهم»، وآخر اقتحم اجتماعاً لأحد الوزراء بـ«شبشب» وتحدث إليه بطريقة غير لائقة وأجبره على تنفيذ مطالبه أمام مساعديه، ثم فاق الأمر الحدود ووصل إلى أن كل قرار يُتخذ يراعى فيه هوى الأمناء وإلا هاجوا وماجوا وهددوا بالعصيان وإغلاق مديريات الأمن. وقبل أيام وصل قطار الأمناء الطائش إلى محطة قتيل الدرب الأحمر، دماء الشاب البرىء لم تجف بعد، ثار الشعب وارتبكت الوزارة، كان الوضع مشتعلاً بوجه عام، الشعب والوزارة نفسها والحكومة بأكملها، والرئيس نفسه، لكن الـ«7» المقبوض عليهم قرروا الظهور فى إحدى الفضائيات ليعلنوا «لاءاتهم»: لا للمحاكمات العسكرية أو لا عودة لها، لا تشريع يقلص من صلاحياتهم.
عندها كان القرار الحاسم من اللواء مجدى عبدالغفار الذى أصدر قراراً بالقبض عليهم تنفيذاً لقرار ضبط من النيابة العامة، والتحقيق معهم وحبسهم 15 يوماً باتهامات عديدة بينها التحريض على جهة عملهم، وحيازة مخدرات وأسلحة من دون ترخيص.
لم يملك أى وزير داخلية من سابقيه ما يكفى من الجرأة والشجاعة لاتخاذ هذا القرار، كل الوزراء السابقين كان لديهم يقين أن القيام بمثل تلك الخطوة رداً على الابتزاز على الأقل هو نوع من المغامرة بمنصبه ومستقبله، كل منهم خشى خرافة الأفراد، غضبتهم، تهديداتهم، جموعهم الحاشدة، هديرهم الغاضب فى جنبات المقار الأمنية، من كان يتحمل تبعات قرار من تلك النوعية، اعتبرها كل منهم أزمة يجب توريثها لمن يأتى بعده لا حلها، وكانت النتيجة تراجع الوزارة نفسها خطوات عديدة أمام الأفراد.
غامر مجدى عبدالغفار إذن بمنصبه، بمستقبله، متحملاً عن طيب خاطر تبعات ردع الأمناء وإعلاء سيادة القانون، وفعلها الرجل بحسم وصرامة، ثم تلا ذلك استقباله أسرة قتيل الدرب الأحمر وتأكيده أن عودة حق ابنهم مسئوليته الشخصية.
الخبراء أكدوا أن التشريعات الحالية قد تكون كافية فهى تتضمن كل الجزاءات الرادعة بما فيها الفصل والإحالة للاحتياط والخصم والعزل وتأخير الترقية وبالتالى لا يمكن الجزم بأن تسهم التشريعات الجديدة فى السيطرة على الانفلات، إذ يلزم حزمة جديدة من الإجراءات من التأهيل النفسى والتدريب المتواصل.
يؤيد هذا الكلام ما ذكرته مصادر أمنية عن إحالة أكثر من 3000 أمين وفرد شرطة للاحتياط أو العزل خلال 5 سنوات، ما يعنى أن التشريع غير كاف، ما يدركه الوزير حتماً ويدرك أيضاً أن 10 آلاف أمين وفرد شرطة فُصلوا قبل 25 يناير عام 2011 عادوا للوزارة بعدها خلال 3 أشهر، فهم يخرجون من باب ويدخلون من باب آخر.