خبراء مغاربة: عدم تجهيز "أجندة" وراء تخلي الدار البيضاء عن "القمة العربية"
صورة أرشيفية
اتفق خبراء مغاربة في العلاقات الدولية أن قرار العاهل المغربي الملك محمد السادس، غير المتوقع، بإرجاء حق المملكة في تنظيم دورة عادية للقمة العربية، سببه عدم جدوى الجامعة وقراراتها، وكذلك لأن أغلب المبادرات السياسية والعسكرية في العالم العربي تُتخذ خارج نظام الجامعة.
وقال تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة "محمد الخامس"، إن قرار المملكة المغربية بإرجاء حقها في تنظيم دورة عادية للقمة العربية يُعزي إلى أن المغرب تتطلع إلى أن تكون هذه القمة صحوة تراجع فيها الحسابات، وتوضع ضمنها مخططات ذات طبيعة شمولية، وتُتخذ في إطارها قرارات تحمل صبغة تنفيذية يمكن أن تغير واقع التشرذم والفُرقة الذي يعيشه العالم العربي.
وأشار الحسيني إلى أن هذا القرار جاء في ظروف حرجة تعيشها المجموعة العربية، مؤكدا أن السبب الرئيسي لهذا التأجيل يرتبط بكون وزراء خارجية البلدان العربية لم يعدّوا لحد الآن أي أجندة مضبوطة لما يمكن أن تصادق عليه القمة وما تتخذه من قرارات.
وأضاف أن هذه الوضعية فرضت على القمة العربية أن تكون فقط ذات طبيعة مناسباتية، يتم فيها تبادل الخطب التي تتضمن الاتهامات والاتهامات المتبادلة، وأيضا طموحات نحو آمال المستقبل، لكن وجود مشروع مخطط له ومدروس بكيفية عميقة يؤدي إلى اتخاذ قرارات فعّالة تغير آليات اتخاذ القرار في المجموعة العربية فلا أثر له.
وتابع "اقتصاديا، لم تستطع المجموعة العربية حتى الآن أن تنتقل إلى منطقة التبادل الحر، إذ لم تحقق أي نتائج إيجابية حتى الآن بهذا الخصوص، بعد أن وضعت مشروعا نحو اتحاد جمركي عربي"، مؤكدا أن الوسائل التي تحقق ذلك غير متوفرة، قائلا: "سواء على المستوى السياسي والإستراتيجي أو على المستوى الاقتصادي، فإن المجموعة العربية غير مؤهلة لعقد هذا الاجتماع".
الحسيني: القمة أصبحت مناسبة لتبادل الاتهامات.. والصديقي: أغلب المبادرات السياسية والعسكرية تُتخذ خارج نظام الجامعة العربية
أشار أستاذ العلاقات الدولية إلى أن المغرب كان دائما يعقد قمما عربية فاعلة سواء تعلق الأمر بقضايا مصيرية، مثل قضية فلسطين، في إطار الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية، كممثل وحيد للشعب الفلسطيني في مؤتمر الرباط سنة 1974، أو فيما يتعلق بالصلح بين العديد من القيادات العربية.
فيما قال سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة "العين" الإماراتية، إن المغرب لم يتخذ هذا القرار بشكل منفرد، بل من المرجح أنه استطلع آراء حلفائه في الخليج، لا سيما السعودية والإمارات، مضيفا "على الرغم من الظروف العصيبة التي تعيشها العديد من الدول العربية والتي تستدعي عقد هذه القمة، فإن الانقسام الشديد في مواقف الدول العربية إزاء أهم القضايا السياسية الراهنة في سوريا واليمن وليبيا والعراق، يجعل من أي مؤتمر قمة للجامعة العربية مجرد فرصة لتعميق هذا الانقسام، بسبب غياب آليات تصويت فعالة داخل الجامعة العربية تسمح لها بحسم الخلافات".
وأوضح الصديقي أن من بين الأسباب الأساسية التي تقف وراء إلغاء القمة العربية، هو أن أغلب المبادرات السياسية والعسكرية في العالم العربي تُتخذ خارج نظام الجامعة العربية، ومثال على ذلك دول الخليج التي لديها منظومتها المستقلة عن الجامعة العربية وتجعلها أكثر فاعلية في التدخل، كما حدث مع "درع الجزيرة" في البحرين 2011، و"عاصفة الحزم" في اليمن 2015، إضافة إلى احتمال تدخل السعودية إلى جانب تركيا وبعض الدول العربية في شمال سوريا.
وأشار أستاذ العلاقات الدولية إلى أن فكرة إنشاء قوة عربية مشتركة التي تبنتها الجامعة العربية في السنة الماضية لا تزال تراوح مكانها، ما جعل السعودية تبادر إلى إنشاء التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، بقيادتها، وهو ما تم خارج الجامعة العربية، ما يعزز فكرة عدم جدوى الجامعة وأجهزتها التي تحسن فقط صياغة قرارات الشجب والإدانة، حد تعبيره.
يُذكر أن وزارة الشؤون الخارجية المغربية أفادت في بيان، الجمعة الماضي، أن المغرب أبلغت الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي، بقرارها بإرجاء حقها في تنظيم دورة عادية للقمة العربية.