"الوطن" تنشر نص كلمة "السيسي" في جامعة نزار باييف بـ"كازاخستان"
![الرئيس السيسي](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/20095234801456310417.jpg)
الرئيس السيسي
زار الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم السبت، جامعة نزار باييف في كازاخستان، التي أنشئت في العام 2010، وفقا لأعلى المعايير الدولية، بمبادرة من الرئيس الكازاخي نزار باييف، لتمثل صرحا تعليميا كبيرا ومركزا بحثيا فريدا ومتطورا في منطقة وسط آسيا، وترتبط الجامعة باتفاقيات شراكة مع عدد من كبريات الجامعات العالمية، وتضم كليات "الهندسة، العلوم، التكنولوجيا، التعليم، العلوم الإنسانية، الدراسات الاجتماعية، الطب، والسياسات العامة".
وألقي الرئيس السيسي، كلمة خلال زيارته لجامعة نزار باييف، والتي جاء نصها كالتالي:
قال الرئيس السيسي في بداية كلمته: "يسعدني أن أتحدث إليكم اليوم من هذا البلد الصديق، الذي تجمعنا به أواصر وروابط تاريخية تعود إلى عقود عديدة، شهدت تواصلا مستمرا بين الشعبين في مختلف المجالات، بخاصة في المجال الثقافي والتعليمي، كما يسعدني ويشرفني أن تتاح لى الفرصة للتواصل مع المجتمع الثقافي والأكاديمي الكازاخي، من فوق منبر جامعة (نزارباييف)، هذه المؤسسة العلمية الكبيرة، التي أسهمت على امتداد العقد الماضي وما تزال، في إثراء الحياة العلمية والفكرية، ليس في كازاخستان فحسب، وإنما على امتداد عالمنا الإسلامي وعلى المستوى الدولي".
وأضاف الرئيس: "يطيب لي في هذا المقام، أن أشيد بحكمة الرئيس نزار باييف، التي انعكست في اهتمامه بمجال التعليم، باعتباره مجالا حيويا وضروريا لبناء الأمم والشعوب، يساهم في تحقيق نهضتها وتقدمها، كانت رؤيته ثاقبة لإنشاء صرح تعليمي عظيم يثري الحياة العلمية والأكاديمية في كازاخستان، ويتواصل مع كبريات الجامعات الدولية لتحقيق التبادل المعرفي والثقافي بين كازاخستان ومختلف دول العالم".
وتابع السيسي، قائلا: "كان التعاون الثقافي والأكاديمي بين مصر وكازاخستان، وما يزال، الجسر الممتد للعلاقات الثنائية، وأثق أن إرادتنا السياسية ستستمر لمد هذا الجسر بالمزيد من التواصل والنمو، تحقيقا لرفاهية الشعبين، ولطالما اتسمت علاقات البلدين بالتميز، إذ كانت مصر من أوائل الدول التي اعترفت بكازاخستان فور استقلالها عام 1991".
وأكد الرئيس: "تعد كازاخستان من أكثر الدول تأييدا لإرادة الشعب المصري الحرة، ولخياراته المستقلة، التي أعرب من خلالها عن رغبة حقيقية في التغيير نحو الأفضل، ونجحت مصر في تنفيذ كافة استحقاقات خارطة المستقبل، التي توافقت عليها القوى الوطنية المصرية، حيث تم استكمال الاستحقاقات بتشكيل مجلس النواب الجديد، الذي يشهد أكبر نسبة تمثيل للمرأة والشباب، فضلا عن ذوى الاحتياجات الخاصة والمصريين المقيمين في الخارج".
وقال السيسي: "تواكبت مع تلك الجهود رؤية اقتصادية وتنموية، تعمل مصر على تنفيذها، سواء في المرحلة الراهنة أو من خلال استراتيجية بعيدة المدى، حيث يتم تدشين وتنفيذ العديد من المشروعات التنموية الكبرى، مثل مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس، وما يضمه من مناطق صناعية ولوجستية وموانئ، ومشروع تنمية واستصلاح المليون ونصف المليون فدان، لإنشاء مجتمعات عمرانية وتنموية متكاملة".
وأوضح الرئيس: "في الرابع والعشرين من فبراير الحالي، أطلقنا استراتيجية مصر للتنمية المستدامة (رؤية مصر 2030)، التي تهدف إلى جعل مصر ضمن أفضل 30 دولة على مستوى العالم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومكافحة الفساد، فضلا عن مؤشرات جودة الحياة والارتقاء بمعدلات النمو إلى 10% سنويا، مع مراعاة الأبعاد السياسية والاقتصادية والبيئية، وتتكامل تلك الأهداف مع احترام حقوق الإنسان وضمان سيادة القانون، فضلا عن سياسة خارجية نشطة وفعالة ومتوازنة".
وقال السيسي، إن التطورات التي تشهدها مصر، تأتي في ظل أوضاع إقليمية سريعة ومتلاحقة، وفي محيط إقليمي يموج بالأزمات التي تتسم بتعقيدات وملابسات تجمع بين الاقتتال الأهلي والتناحر الطائفي، وتمدد التنظيمات الإرهابية والمتطرفة، الأمر الذي ينذر بتهديد مفهوم الدولة الوطنية وكيانها".
وأضاف الرئيس: "التحدي الأكبر الذي نراه يهدد شعوبنا اليوم، يتمثل في المحاولات اليائسة لنشر فكر منحرف ومتطرف، تحت شعار إعلاء كلمة الدين الإسلامي، وتكمن خطورته في أن هذا الفكر بات يهدد أمن وسلامة الشعوب وحرياتهم، وقدرتهم على ممارسة حياتهم اليومية"، متابعا: "تيار العنف والتطرف والإرهاب ينطوي على أفكار مغلوطة تجافي صحيح الدين الإسلامي، وتسئ إلى مبادئه الداعية إلى تبني مفاهيم السماحة والتآخي والتعايش السلمي بين البشر، وتحريم القتل والعنف أيا كانت الذرائع".
ولفت السيسي، إلى أن الخطوة الأولى التي لا غنى عنها لمواجهة خطر التطرف والإرهاب، هي أن نتوحد جميعا وبصدق النية والعزم على هزيمة الإرهاب، والوقوف بحزم دون أي تهاون أمام الجماعات والتنظيمات الإرهابية والمتطرفة، سعيا لوقف تمددها والقضاء عليها دون تمييز.
وأكد الرئيس، أن مصر نادت منذ عقود بضرورة القضاء على الإرهاب والتطرف الفكري المصاحب له، من خلال وضع استراتيجية شاملة لا تقتصر على البعد الأمني فحسب، وإنما تأخذ في الاعتبار أيضا الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والأبعاد الفكرية والدينية، إضافة إلى عدم التمييز فيما بين التنظيمات الإرهابية إلى تنظيمات متطرفة، وأخرى أقل تطرفا.
وتابع السيسي، قائلا: "مصر بتراثها الثقافي والديني، تعي جيدا الأساليب الهدامة التي تستخدمها الجماعات الإرهابية باسم الإسلام، من أجل السيطرة على عقول الشباب، ودعوت علماء الأمة لاتخاذ خطوات جادة من أجل مواجهة الفكر المتطرف وتصحيح مفاهيمه المغلوطة عن الإسلام، على المستويين المحلي والدولي، ووجهت نداء للأزهر الشريف بمنهجه الوسطي المستنير، وبما يمثله من مرجعية دينية عنوانها الاعتدال والتسامح، أن يعمل على إطلاق العديد من المبادرات لدحض الأفكار والمفاهيم المغلوطة، وقيادة جهود التجديد في العلوم الفقهية والفكر الإسلامي لتتواكب مع روح العصر، وتفنيد ادعاءات وحجج وفتاوى التنظيمات المتطرفة والرد عليها، بهدف إعداد شباب واع وقادر على إدراك متطلبات العصر وتحدياته، ومقاومة الانجراف وراء أهواء تنظيمات إرهابية لا ترغب إلا في تحقيق مآربها ومصالحها الشخصية".
وأضاف الرئيس: "في هذا الصدد، فإننا في مصر نعول كثيرا على شركائنا في المجتمع الدولي، باتخاذ إجراءات مماثلة والعمل على تنفيذ التدابير اللازمة، لوقف استفادة الإرهاب من ثورة المعلومات ووسائل التكنولوجيا الحديثة، التي ساهمت بلا أدنى شك في إضفاء أبعاد جديدة على ظاهرة الإرهاب والتطرف الفكري، وجعلتها تنتشر بشكل متزايد بين أرجاء المجتمع الدولي، الأمر الذي يستوجب العمل بجدية من أجل الحيلولة دون استخدام التنظيمات الإرهابية والمتطرفة لتلك الوسائل، من أجل نشر أفكارها المغلوطة واستقطاب عناصر جديدة إلى صفوفها".
وأوضح السيسي: "ثقتي كاملة في أن دولة كازاخستان، وما تمثله من اعتدال ووسطية شعبها وبحكمة وشجاعة قيادتها، تعد في مقدمة شركائنا في مطالبة المجتمع الدولي بمزيد من العمل المشترك، من أجل كف أيدي الإرهاب الغاشم عن مصائر شعوبنا ومستقبل أبنائنا، والمضي قدما بخطى ثابتة على طريق التنمية، الذي يعد وبحق العامل الرئيسي في اقتلاع جذور الإرهاب، في ظل استغلال الجماعات الإرهابية للظروف الاقتصادية الصعبة، لاستقطاب عناصر جديدة إلى صفوفها".
وأكد الرئيس: "جاء حصول مصر على عضوية مجلس الأمن الدولي، عن الفترة 2016/2017، وانتخابها لرئاسة لجنة مكافحة الإرهاب المنبثقة عن المجلس، ليعكس مدى اهتمامنا بهذه القضية، ومدى ثقة المجتمع الدولي في حرصنا على النهوض بالجهود الدولية فى مواجهة ظاهرة الإرهاب، وتبني مواقف مبنية على مبادئ وأسس ثابتة لا تخضع لأي أهواء أو تحيز، والاستمرار في انتهاج سياسات نشطة وواقعية لمواجهة جذور هذه الظاهرة".
واختتم الرئيس كلمته قائلا: "جهود مكافحة الإرهاب لن تجدي نفعا إلا إذا بذلت في إطار من وحدة الهدف، وإدراك لخطورة المعركة التي نخوضها، فهي معركة من أجل مستقبل الحضارة الإنسانية كلها، ومن أجل غد أفضل تستطيع شعوبنا أن تتمتع فيه بثمرة البناء والتقدم والرخاء، بعيدا عن أعمال العنف والترويع وتهديد أمن الشعوب وسلامها"