فى عهد الرئيس الأمريكى الأسبق ريتشارد نيكسون، كانت هناك رغبة قوية عقب الخروج من حرب فيتنام، فى إيجاد تصور متكامل لشكل العالم الجديد ودور الولايات المتحدة الأمريكية فيه.
وجاء نيلسون روكفلر، كسياسى وكأحد أقطاب عائلات المال والتجارة والمصارف فى الولايات المتحدة، بفكرة تمويل مشروع يجمع أهم عقول علماء السياسة والاجتماع والأمن القومى الأمريكيين، وخرجوا بعد مراجعات ودراسات معمقة بتقرير بالغ الأهمية بعنوان «رؤية لأمريكا».
هذا التقرير الاستراتيجى هو الذى جعل نيكسون يقترب من الاتحاد السوفيتى ويبدأ سياسة «الوفاق» مع موسكو فى زمن العداء المستحكم بين البلدين.
وهذا التقرير هو الذى شجع نيكسون على دق أبواب الصين الشيوعية المغلقة وكان أول من زار وفاوض الصينيين.
وهذا التقرير هو الذى دفع نيكسون إلى إيفاد هنرى كسينجر إلى المنطقة، بهدف إمكانية التوصل إلى سلام تفاوض بين العرب وإسرائيل عقب حرب أكتوبر.
هذا التقرير كان «بوصلة» الاتجاه السياسى الذى كان يحرك سياسة أكبر دولة فى العالم.
نحن بدورنا، فى مصر، بحاجة إلى تقرير استراتيجى يحدد أى مصر نريد فى ربع القرن المقبل.
هل نحن نريد أن نكون «برازيل» أخرى أم «ماليزيا» جديدة، أم نموذجا لتركيا أم باكستان التى يتقاسم فيها الدين والعسكر السلطة؟
أى مصر نريد اقتصادياً واجتماعياً وعلمياً؟
أى مصر نريد كسياسة خارجية، فى ظل أمن قومى ملتهب وفى ظل منطقة مشتعلة بالحرائق المدفوعة من قوى شريرة؟
أى مصر نريد بالضبط؟
لا يمكن لقطار الوطن أن يسير بسرعة جنونية دون أن نعرف بالضبط ما المحطة النهائية؟