اقتلوا ألف عمر وألف عماد وألف دانيال، اسحلوا ألف يحيى وألف حمادة.
عذبوا وانتهكوا واعتقلوا.. استحلوا الجنازات وجثامين الشهداء فى مدن القناة.
أفتوا باغتصاب النساء فى الميادين وفى لجان التشريع، ثم ارفعوا لافتة على مؤخرة قصركم الرئاسى، واكتبوا عليها شعار أيامكم السود: «نموت نموت وتحيا الجماعة».
.. ارفعوا الأسعار قللوا أرغفة الخبز امنعوا الغاز والكهرباء والمازوت، صادروا ما تبقى من دعم الفقراء، بوسوا الأرض تحت أقدام صندوق النقد الدولى، قايضوا كرامتنا بعجزكم ورشوتكم وصفقاتكم السرية ثم اهتفوا بكل وقاحة «نجوع..نجوع، وتشبع الجماعة»، ارهنوا القناة للسماسرة، فرطوا فى الأرض والعرض صكوكاً للمحتالين الجدد، أخونوا المفاصل والرءوس والأقدام والصدور والأفخاذ، افرضوا الدستور كرهاً، والقانون كرهاً، والانتخابات زوراً وبهتاناً، صالحوا حيتان الفساد القديم بحيتانكم التاجرة الفاجرة، اذبحوا المعارضين والفقراء والثوار بالخرطوش وبالفتوى، ثم اهبطوا المقطم مرددين: «يعيش المرشد والنائب».
اسلقوا التشريعات، اطبخوا القرارات، قسموا النيابة والقضاء، حاصروا المحاكم، وسبوا الإعلام فى الإعلام، تعشّقوا الأعداء واطلبوا ودهم بالليل والنهار، تواطأوا مع كل الغزاة ولصوص الأوطان، لتتفرغوا للاستقرار والنهضة، والابتسامات الصفراء على كل الشاشات.
.. كونوا كالثعالب فى ثياب الواعظين، وحيناً كالذئاب حين تقفز من عمق الكمين، كونوا كالتلميذ البليد حين يمسح السبورة ألف مرة، ثم يفشل فى إجابة السؤال، افرحوا بالفوضى، هللوا للانهيار، وارقصوا فى خرائب الوطن، تحامقوا فى سرادقات العزاء، وخضبوا لحاكم بدم شهيد.
.. اقترفوا كبائر الإثم وتسلوا باللمم ليتحقق التمكين، انصروا الشرعية بالقتل، وادعموا الشريعة بالسحل.
.. والله الذى لا إله إلا هو لن تتمكنوا فوق طوفان الغضب، لن نجوع لتشبعوا، لن نموت لتحيوا، ولن نخاف لتتجرأوا.
فأنتم كغثاء السيل فى وادى الكنانة، وكالزبد الجفاء فى بحر تفيض أعماقه باللؤلؤ المكنون والأصداف والمرجان والدر، أنتم أصغر كثيراً من مصر، وأكبر قليلاً من بيوت العنكبوت.
الآن تهربون من قصر إلى قصر، ومن بيت إلى بيت، ومن مسجد لمسجد، تطاردكم جحافل الفقراء، يحاصر مقرات حريتكم «القهر» وعدالتكم «الظلم»، الغضب يتصاعد من فوهة جبال الشعب، فكل ثائر بركان، كل صاحب قصاص زلزال، وكل مقهور قنبلة.
الآن يتراكم عنف الصدور حمماً من الرفض، وفى الحناجر حرائق من الهتافات بسقوط النظام، وأنتم تمارسون العنف المنظم والمنهجى فى القرار وإشارة الإصبع والقنص بالرصاص، والسحل على الأسفلت والخوزقة.
الآن تدخلون الانتخابات بدستوركم وقوانينكم وعشيرتكم، ترصدون النتائج والأرقام من قبل فتح باب الترشح، تطمئنون لفوز كسيح على الشعب، تحاولون اقتلاع جذوة الثورة بالرغى الممل وأحاديث الرضاعة.
.. افرحوا قليلاً بانتصاركم الكاذب، فأمامكم حزن طويل، اختالوا على الناس كبراً ساذجاً، فستنحنون يوماً أمام عاصفة العصيان المدنى، سخروا الأمن للفتك بالمعارضين، فسينقلب السحر على السحرة، اسخروا من المعارضين، فسيأتى الوقت سريعاً لتكونوا سخرية الأولين والآخرين.
.. حاولوا ولو مرة واحدة أن تزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، واعلموا أن الله إذا أحب عبداً نادى فى ملائكته: يا ملائكتى إنى أحب فلاناً فأحبوه، فما بالكم لا تحَبون ولا تحِبون.
فمن أغضب كل الناس، باء بغضب من الله، فهل بعد غضب الله شىء سوى السقوط؟!