أخطأ وزير الثقافة ثلاثة أخطاء فيما أثير حول كلامه عن الأزهر ومناهجه، فشكلياً أخطأ فى التوقيت، حيث كان شيخ يُستقبل بحفاوة بالغة فى الشيشان، أما الأخطاء الثلاثة؛ فأولها خلطه بين مناهج الأزهر وبين إدارة الأزهر، فاتهم المناهج بأنها سبب التطرف، مع أن المناهج الأزهرية هى أساس الاعتدال، وقد حمت الإسلامَ على مدى قرون، إنما يمكن القول بأن من أسباب التطرف ركود وضعف المشيخة، وليس المناهج نفسها، ولو أنه قال إن التطرف من أسبابه جمود إدارة الأزهر لكان كلامه عين الحقيقة.
الخطأ الثانى أنه بعد موجة ردود قيادات الأزهر عليه (وهم محقُّون) لم يكتف بالتراجع عما قال، بل ذهب يثنى على دور المشيخة فى مواجهة التطرف، وهذا نوع من المجاملة، ولا يحق له أن يتراجع عن خطئه بمدح من يعلم يقيناً فشلهم، فإدارة الأزهر الحالية ليس لها أى دور فى تفنيد فكر الإخوان أو السلفيين أو الملحدين، بل المشيخة بما اعتراها من ترهل وفساد محسوبية صارت تمثل عبئاً على الدولة المصرية.
الخطأ الثالث أنه عاب على غيره فى أمور هى من أساسيات مهامه، فلم نر أى دور بارز لوزارته فى مواجهة التطرف، ولم نر مشروعاً ثقافياً يخدم الدولة المصرية، وبالتالى يمكن القول بأن أحد أسباب التطرف راجع أيضاً إلى حالة الركود والضعف التى تعانى منها المؤسسة الثقافية، لكن الأزهر -باعتباره مرجعية المسلمين وليس وزارة الثقافة- يتحمل المسئولية الأكبر فى تصحيح المفاهيم؛ لأننا فى الأساس أمام مفاهيم عقائدية وفقهية منحرفة علاجها من مهام الأزهر.
إن مشيخة ما زالت حتى هذه اللحظة تحاول أن تنفى عن نفسها تهمة انتماء بعض قيادتها وعدد من الباحثين فيها للإخوان والسلفيين، وهى عاجزة تماماً عن نفى هذا الاتهام، فضلاً عن أن تنتقل من نفى الاتهامات إلى مواجهة الجماعات.
إن المجتمع المصرى لم ير أى مجهودات حقيقية فاعلة من المشيخة، لا رؤية.. لا إرادة.. لا جرأة فى المواجهة.. لا نجاحات، إلا نجاحات شكلية إعلامية، يكفى أن تعلم أنه لا يوجد إمام مسجد فى مصر وصلته رسالة واحدة عن مواجهة الفكر المنحرف، ويكفى أن تعلم أنه لا يوجد مدرس واحد فى المعاهد الأزهرية أو عضو هيئة تدريس وصلته ورقة واحدة عن مواجهة الفكر المنحرف، اللهم إلا من كان مدعواً فى أحد الفنادق، فحضر مؤتمراً هنا أو هناك.
إن المجتمع المصرى لم ير أثراً واحداً لمؤتمر من مؤتمرات الأزهر، ولا أثراً واحداً للقوافل الدعوية التى تقوم بها المشيخة أو وزارة الأوقاف، وتظل الأسئلة: أين إدارة الأزهر من رصد مقولات وأفكار جماعة الإخوان والجماعات المنحرفة، والرد عليها وملاحقتها بالتفنيد والإفحام وإطفاء نيرانها؟ أين إدارة الأزهر من رصد مقولات الإلحاد وفلاسفته على تباين خلفياتهم المعرفية التى ينطلقون منها، سواء من وجهتهم فى شرح بعض بحوث الفيزياء الكونية، أو التاريخ الطبيعى؟ أين مشيخة الأزهر من إغراق الفضاء الإلكترونى بالمواجهة الشاملة للفكر المنحرف والفكر التغريبى؟ أين قناة الأزهر لتفنيد انحراف قنوات التيارات المتطرفة؟ لماذا تعثرت كل هذا الوقت؟ لماذا تركوها فى يد المستشار القانونى للمشيخة؟ لماذا تم إبعاد جماعة كبار العلماء عن صناعة القرار داخل المؤسسة الأزهرية؟ ولماذا استقرت صناعة القرار داخل المشيخة فى يد المستشار القانونى المتهم بدعم الإخوان؟ أسئلة تجعلنا نقرر بكل وضوح أن: (إدارة الأزهر الحالية متسببة فى نشر التطرف والعنف بركودها وفسادها وتوقفها).