«الجزيرة الرياضية» تصنع نفوذ الأمير تميم بسحر كرة القدم
كرهنا الجزيرة الإخبارية، لكننا نحب الجزيرة الرياضية. ربما غضب البعض من الأمير حمد، لكنهم حتما سيحبون الأمير تميم ولى العهد اللامع الذى أراد أن يجمع بالرياضة ما فرقته السياسة، وأن يقول للناس إنه رجل لا يؤمن بالصراعات كلغة للحوار، وإنما يؤمن بـ«الروح الجماعية» التى تغرسها الرياضة فى النفوس.
لكن بشرط: أن يحتكر الرياضة وحده! أن يكون بث كل مباريات الدورى والبطولات حصرياً من حقه، أن يكون بزنس الرياضة كله، من اختيار اللاعبين وشراء الأندية وبيع اللاعبين العالميين بمليارات الدولارات.. كلها من حقه! تلك هى سياسة الجزيرة الرياضية المقبلة: أن تحتكر كل شىء فى العالم حتى لا تحدث أى صراعات.
يقول الكتاب الفرنسى: «فى قلب تلك الإمبراطورية، تتألق الجزيرة الرياضية فى نمو وازدهار حقيقى، بقنواتها الثمانى عشرة التى تحتل مكانة بارزة فى قلب المؤسسة القطرية للإعلام، ولكن مع احتفاظها بإدارتها المستقلة. إن سياسة قطر فى المجال الرياضى هى سياسة طموح وعدوانية فى نفس الوقت، بدأت أولا بالعمل فى البلاد العربية، فاشترت الحقوق الحصرية لبث الدورى المحلى فى العديد من البلاد بمئات الملايين من الدولارات. وكان ناصر الخليفى، أحد المقربين من الأمير تميم ولى العهد، الذى عهد إليه برئاسة نادى باريس سان جيرمان الفرنسى الذى اشترته قطر، هو صاحب سياسة شراء الجزيرة لحقوق البث الحصرى لبطولات الدورى المحلية فى البلدان العربية كلها».
«تبلورت السياسة الرياضية لقطر، عبر قناة الجزيرة الرياضية، حول كرة القدم، الرياضة الأكثر شعبية ومشاهدة فى العالم، خاصة فى دول أوروبا، إلا أن الجزيرة تظل فى النهاية مصرة على استهداف الجمهور العربى، والإسلامى، والبلدان النامية».
ويواصل: «إن الرياضة بالنسبة لقطر هى المجال الجديد لاستعراض قوتها. ولا يمكن فصل الاختراق القطرى العنيف لعالم الرياضة عن سياستها الدبلوماسية. وباختصار، ولفهم «استراتيجية» قطر المقبلة فى مجال الرياضة، فإن أمير قطر يريد أن يطبق فى الرياضة نفس السياسة التى طبقها فى أساس صناعة المعجزة القطرية، وهو صناعة الغاز».
«يطبق أمير تلك السياسة التى نجحت فى مجال الغاز، واستهدفت السيطرة على كل ملاعب ومجالات صناعة الغاز: السيطرة على الحقول التى يتم استخراجه منها، ثم السيطرة على كل مراحل تصنيع وتكرير الغاز، وحتى إدارة الموانئ والخطوط التى تنقله. لا توجد همزة وصل واحدة من تلك الصناعة تفلت من قبضة الإمارة، وهو ما صنع أساس التطور القطرى الحالى، لذلك تريد قطر أن تكرر مع الرياضة السياسةَ التى انتهجتها مع الغاز».
«تنظر قطر إلى الرياضة على أنها عنصر لا يمكن الاستغناء عنه فى مشروع تنمية قطر، يسمح لها بتربية الشباب القطرى، وتدعيم مكانتها على الخريطة الدولية، إضافة إلى تركيز الاهتمام العالمى عليها بشكل ملحوظ. ويرى أمير قطر أن ضيافة بلاده لكأس العالم فى 2022، ستسرع من إيقاع تطوير قطر، وتسمح بتنويع مصادر الدخل القومى لها».
«لكن الواقع أن الأمير حمد لم يكن متحمساً فى البداية لأن تقدم قطر ملفاً لضيافة كأس العالم للفيفا، إلا أن الأمراء الشباب فى العائلة المالكة هم الذين نجحوا فى إقناعه. وصار الأمير يريد الآن أن يستفيد من هذا الحدث الرياضى الذى تتركز عليه أنظار العالم كله، من أجل تسليم مقاليد السلطة لولى عهده الأمير تميم».
ويتابع الكتاب: «إن الأمير تميم هو بالفعل كلمة السر فى كل ما له علاقة بالرياضة فى قطر؛ هو يرأس اللجنة الأولمبية القطرية، ويرأس لجنة تنظيم كأس العالم فى 2022، ويشرف على ترشيحات قطر للمشاركين فى الألعاب الأولمبية فى 2016 و2020. كل شىء فى المجال الرياضى لا بد أن يمر عليه أولاً، وهو دائماً صاحب الكلمة الأخيرة فى كل شىء فيه».
«وتلعب اللجنة الأولمبية فى قطر دور وزارة الشباب التى لا تدير الاتحادات الرياضية وحسب، وإنما تشرف على الفرق القومية، والنوادى، والأحداث، والفعاليات، والترشيحات. أما لجنة تنظيم كأس العالم فهى نوع من (حكومة الظل) التى تدير الأحداث الرياضية، وتتشكل من عدد من المقربين من الأمير تميم؛ منهم مثلا: الشيخ سعود بن عبدالرحمن آل ثانى، سكرتير عام اللجنة الأولمبية القطرية، الذى يملك شقيقه قنوات الجزيرة. ومنهم أيضاً حسن الذوادى، مدير عام لجنة تنظيم كأس العالم، إضافة بالطبع إلى ناصر الخليفى الذى يعد محركاً أساسياً فى هذا التكوين».
«وناصر الخليفى هو أحد اللاعبين الأساسيين حول الأمير تميم عند أى حديث عن سياسته الرياضية؛ فهو رئيس اتحاد التنس، ورئيس نادى باريس سان جيرمان الفرنسى الذى اشترته قطر، ومدير عام قنوات الجزيرة الرياضية، لكن الأهم أنه يرأس شركة قطر للاستثمارات الرياضية، التى أسسها الأمير تميم عام 2005 لتكون بمثابة ذراع التمويل الخاصة بقطر فى مجال الأنشطة الرياضية، وإن كان رئيسها الخليفى بالطبع لا يتخذ أى قرارات من دون العودة إلى رئيسه الأمير تميم، ولا يعرف أحد بالضبط حجم رأس مال شركة قطر للاستثمارات الرياضية، وإن كان الخبراء يرون أنها لا بد أن تتجاوز 5 أو 6 مليارات دولار، بما فى ذلك حقوق البث الرياضية الحصرية التى اشترتها من قنوات راديو وتليفزيون العرب.
«إن الطريقة التى (تحتل) بها قطر عالم الرياضة تبدأ بخطة بعيدة المدى؛ لقد قامت شركة قطر للاستثمارات الرياضية بشراء أحد نوادى الدورى الفرنسى متوسطة المستوى، هو نادى باريس سان جيرمان، وتعاملت معه على أنه تذكرة دخول لعالم الكبار فى سوق كرة القدم الأوروبية، يتيح لها وضع يدها فى قلب عملية تصنيع اللاعبين الذين سيشاهدهم العالم كله فى كأس العالم 2022».
ويتابع الكتاب: «أمام قطر اليوم 10 سنوات لتشكيل منتخبها الوطنى الذى ستشارك به فى كأس العالم. من أجل ذلك، شكلت الإمارة الأكاديمية الرياضية (إسباير) فى قلب السنغال، وتحت إدارة مدرب المنتخب الوطنى البلجيكى السابق، جوزيه ريجا، قررت أن تكتشف المواهب الشابة فى كرة القدم من القارة الأفريقية، هؤلاء الذين سيتم تجنيسهم فيما بعد بالجنسية القطرية، لينضموا إلى الفريق القومى، كما قررت شراء نادى بلجيكى اسمه آى إس أوبين، فى صفقة لا يعرفها كثيرون».
ماذا وراء ذلك كله، يفسر أحد السفراء البلجيكيين السابقين فى الدوحة: «كل هذا التخطيط ليس مجرد صدفة؛ يفكر القطريون أنه الآن صار بإمكانهم الآن من خلال أكاديميات تدريب كرة القدم فى الدوحة والسنغال، انتقاء أفضل المواهب الشابة فى كرة القدم، ثم الدفع بهم فى مشوار طويل من الإعداد ثم الاحتراف فى أندية الدورى الأوروبية، التى صار القطريون يملكون بعضها، وعندما تكون مالكاً لأحد النوادى يكون من حقك أن تضع اللاعبين الذى تختارهم فيه، ليصبح كل واحد فيهم فيما بعد ثروة متحركة على قدمين».
بدأ الأمير تميم فى تطبيق سياسته الجديدة بالفعل، وبما نراه حالياً من تألق الجزيرة الرياضية، يمكننا أن نقول إنه نجح فيها: فيكفى أننا كشعوب عربية ما زلنا حتى هذه اللحظة، ورغم كل ما حدث، نركز أنظارنا على الجزيرة الرياضية، ونصفق للأهداف التى تحرزها قطر فى مرمانا طيلة الوقت!
أخبار متعلقة:
«الساحرة المستديرة» و«الجزيرة» الشريرة
الأوامر لطاقم القناة: غير مسموح بانتقاد حكم الإخوان
لمتابعة الحلقات السابقة:
صراع الرجل الثانى وولى العهد فى قطر
مفاجأة: أمير قطر قرر ترك السلطة فى 2016 ومعه حمد بن جاسم
الأمير تميم.. القوة القادمة فى قطر
«موزة»: لا أريد أن يكبر أطفالى ليصبحوا مثل أبناء مبارك
قطر.. أسرار الخزينة التى لم يفتحها أحد