يناقش مجلس النواب اليوم (الأحد 12 فبراير) التعديل الوزارى الذى نال ما نال من أخذ ورد حتى وصل إلى هذه المرحلة. منذ فترة -تعد بالشهور-، والحديث لم يتوقف عن هذا التعديل، وتباينت الأسباب التى تبرر تأخيره. تقارير صحفية أشارت إلى أن السبب يرتبط باعتذار أسماء عديدة عن قبول حقائب وزارية معينة، عذرهم مقبول بلا شك، فقد أصبحت هناك خشية من المنصب فى هذا البلد، ولو أنك استعرضت بعض التصريحات الصادرة على ألسنة وزاريين حاليين فسوف تدرك السر فى الاعتذار، فمساحة الحركة التى يتمتع بها الوزير فى صناعة القرار محدودة، ولا يزيد دوره فى بعض الأحيان على دور «السكرتير»، ناهيك بالطبع عن التعقيدات البيروقراطية العديدة التى يواجهها الوزير الجديد منذ اللحظة التى يضع قدمه فى الوزارة وحتى يخرج منها، بالإضافة إلى الضجر مما يوجه إليه من انتقادات، لا يدرك الكثير من الوزراء أنها طبيعية بالنسبة لشخصية عامة أصبحت تتبوأ موقع مسئولية.
لم تقتصر أسباب التعطيل على اعتذارات المرشحين، بل أشارت تقارير صحفية إلى إلى رفض الرئاسة لبعض الأسماء المقترحة لتولى حقائب وزارية، لست أعلم على وجه الدقة أسباب الرفض، لكن كل ما نستطيع أن نقوله إن من حق الرئاسة تحديد أسماء المسئولين التنفيذيين، بحكم أنها رأس السلطة التنفيذية فى البلاد، وهو حق يقابله حق آخر للرأى العام فى محاسبتها على مستوى الأداء التنفيذى، وسياسات وقرارات الحكومة التى اختارتها. قطار التعديل الوزارى اليوم فى «النواب»، بعض أعضاء المجلس أكدوا ضرورة أن يحضر المرشحون الجدد الجلسة لعرض خططهم (خلى بالك من خططهم) للعمل داخل الوزارات المرشحين لها، ومن ناحيتى أستبعد أن يتم هذا الإجراء، رغم أن الطلب موضوعى للغاية، وعدم التمسك به يعنى النظر إلى النواب كمجموعة من «البصمجية» على قرارات السلطة التنفيذية، رغم ما يخولهم الدستور من حقوق فى التدخل فى تشكيل الحكومة. يكفى أنه نص على حق مجلس النواب فى منح أو حجب الثقة عن الحكومة.
شواهد عديدة تؤكد أن الرئاسة هى الجهة الحاسمة فى قرار التعديل الوزارى، وهو قرار كما ذكرت يقابله مسئولية، ويتوازى معه حق «المحاسبة» على الأداء. والحقائق على الأرض تؤكد أن الشعب يعيش حالة غير مسبوقة من الضجر من الأداء العام، وهو يعطى السلطة الفرصة تلو الأخرى، والسلطة من ناحيتها لا تفوت مناسبة إلا وتعبر عن تقديرها لصبر الناس، ولا تنسى التأكيد أن ظروف البلد صعبة، وأن ثعبان الفقر له الكلمة العليا الآن فى البلاد «الفقيرة أوى»، ورغم تقديرى لهذه الرسالة التى لا تفتأ السلطة تكررها للشعب، فإننى أرى أن الناس تريد تغييراً ملموساً على الأرض، تغييراً يصب فى حياتها اليومية. فما قيمة كل مشاعر التعاطف التى تبديها السلطة مع الشعب الذى يعانى، فى وقت يجد فيه المواطن الحكومة تتباهى بالانخفاض النسبى فى سعر الدولار، دون أن يكون لذلك مردود على خفض الأسعار؟!. العطف والحنو يجب ألا يكون مجرد كلام، بل لا بد أن يترجم فى أداء يخفف معاناة الناس.