شهد الاحتفال بعيد الأم هذا العام مذاقاً مختلفاً، حيث حمل رسائل عملية عدة للمجتمع ولصناع السياسة، رغم الضغوط الهائلة التى تمارس على الدولة، والتى تصل إلى حد الابتزاز من جماعات الإسلام السياسى، خاصة السلفيين، ضد كل ماله علاقة بالمرأة عامة والمواطنة بالمفهوم الحديث على وجه التحديد، من هذه الرسائل: أن الدولة تقول لكل أم مصرية إننا نقدر دورك وتضحياتك دون النظر إلى دين أو أى انتماء آخر، فلأول مرة تكرم أم مصرية قبطية كأم مثالية، وهو أمر كان غائباً دون مبرر واضح، وإن كان غياباً مؤلماً. رسالة أخرى لجماعات الإسلام السياسى أن تتوقف عن اختبار شعبيتها على حساب المرأة المصرية، حيث أعلن الكثير منهم، وللأسف انضم بعض المنتسبين للأزهر لنفس الإعلان، أن الاحتفال بعيد الأم حرام لأنه تشبه بالغرب، وهو السبب الظاهر الذى أعلنه وهو سبب غير حقيقى، وإلا يعد كل استخدام للأدوات الحديثة، كالسيارات والتليفونات المحمول منها وغير المحمول، حراماً، لأنه صناعة غربية وطبعاً تشبه بالغرب، لكن الرئيس والدولة المصرية يعلمون جيداً أن السبب الحقيقى هو اختبار مدى قدرتهم على الضغط ومدى شعبيتهم، وهنا لا بد أن نذكر بكل فخر الشعب المصرى الذى دائماً ما يثبت لهم أنهم خارج الزمن وخارج قلب وعقل المصريين، فرغم الأزمة المالية إلا أن الاحتفال هذا العام كان أكثر إقبالاً.
رساله ثالثة الاستجابة لكل جهد صادق، حيث كانت قرارات الرئيس لدعم المرأة سواء عبر إجراءات أكثر يسراً للمشروعات الصغيرة أو دعم البنية التحتية للطفولة، هى مطالب قدمتها المنظمات النسائية، وهو ليس بالغريب، فالاستجابة إلى تعيين محافظة سيدة أيضاً كانت استجابة لمطلب شابة فى مؤتمر الشباب.
رسالة أخرى أن الرئيس ومؤسسة الرئاسة يدعون الجميع للعمل الجاد، وسوف تكون الأفكار الجادة والمنتجة محل اعتبار، وهنا تجدر الإشارة إلى أن واحدة من أهم المنظمات النسائية قدمت ورقة بحثية مهمة حول قوانين العمل، وأوضحت من خلالها أنه من بين المعوقات التى تواجه المرأة العاملة هو عدم توفير خدمات لرعاية الطفولة المبكرة، مثل الحضانات الخاصة بالأطفال، الأمر الذى يزيد من أعباء المرأة العاملة.
فكانت الاستجابة أسرع مما توقعنا، حيث كلف الرئيس خلال حفل عيد الأم، الحكومة بإتاحة مبلغ 250 مليون جنيه لتقوم وزارة التضامن الاجتماعى بتوفير خدمات الطفولة المبكرة، بما يسمح للأم المصرية بالخروج للعمل والمساهمة فى بناء الدولة.
وهنا يجدر التنبيه إلى العمل على هذا المطلب بجدية ليشمل:
- ضرورة توحيد شروط قبول الأطفال فى كافة الحضانات من حيث سن التحاق الأطفال من 4 شهور، حيث تنتهى إجازة الوضع الخاصة بالمرأة العاملة.
- وأن تكون بمقابل مادى منخفض وتدعمها الدولة ليتوافر فيها كافة عناصر السلامة والأمان والنظافة والتربية الجيدة للأطفال.
- وأن تكون تلك الحضانات قريبة من أماكن العمل مثل الوزارات والهيئات الحكومية.
- وأن تكون مواعيد تلك الحضانات لوقت متأخر فليس من المنطقى أن يكون مواعيد انصراف أغلب النساء العاملات فى الرابعة وأن تنتهى مواعيد الحضانات فى الساعة الثانية.
- وأن تكون تلك الحضانات على درجة عالية من التنظيم وتقديم خدمات متنوعة وجيدة، تشمل أنشطة صيفية رياضية وثقافية.
- ضرورة الاهتمام بمراكز الشباب والمكتبات العامة، وتطوير نوادى العلوم.
كل هذه الخطوات شديدة الأهمية لدعم مشاركة المرأة فى العمل، الأمر الذى أصبح ضرورة فى ظل تحديات اقتصادية كبرى لم يعد فى ظلها مكان لاستعراض التحليل السياسى للواقع بقدر مد الأيادى بالعمل.