وافقت لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب بشكل نهائى على مشروع قانون منح الإقامة للأجانب فى مصر، مقابل وديعة دولارية لمدة 5 سنوات، وأكد رئيس اللجنة اللواء كمال عامر أن منح الجنسية حال طلبها من الأجنبى المقيم فى مصر بوديعة ليست حتمية، إلا إذا انطبقت على طالبها الشروط القانونية، ووافقت الأجهزة المختلفة على منحه إياها. لعلك قرأت هذا «الخبر المعجزة»، وجوهر الإعجاز فيه أن يمكن -أقول يمكن- أن يكون حلاً للغز الكبير المسمى بـ«صفقة القرن». نعم هذا القانون يصح النظر إليه كجوهر من جواهر تلك الصفقة التى تحدث عنها الرئيس عبدالفتاح السياسى خلال لقائه مع الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» خلال اللقاء الذى جمعهما بالولايات المتحدة الأمريكية، وبشرا من خلالها العالم بحل سحرى لمشكلة الصراع الفلسطينى الإسرائيلى.
قيمة الوديعة لم يتم حسمها بعد، كما صرح عدد من المسئولين داخل مجلس النواب، ويبدو أن جهات أخرى أكبر من المجلس الموقر، ستتولى أمر تحديدها، خصوصاً أنها وديعة بالعملة الأجنبية، أى سيدفعها أجانب، لكن المتوقع فى ظل ما أثير من لغط وجدل حول الموضوع، الذى بلغ حد اتهام «النواب» ببيع الجنسية المصرية أن تكون الوديعة بقيمة معتبرة، خصوصاً ونحن فى أمس الحاجة إلى دولارات، كما لا يخفى على أحد. ثمة سؤال من المهم أن نجيب عنه فى البداية: من هؤلاء الذين بإمكانهم إبرام ودائع فى البنوك المصرية آلاف الدولارات مقابل الحصول على الإقامة فى مصر؟. الإجابة الفورية التى سمعناها من العديد من النواب: «اللاجئون إلى مصر». وهى إجابة فى موضعها ولا شك. لا يوجد رقم واضح عن عدد اللاجئين الأجانب إلى مصر، المعلوم بالضرورة أن أكثرهم من السوريين، فى أقل تقدير يبلغ عدد اللاجئين السوريين بمصر 131 ألفاً، وفى أعلى تقدير يقترب عددهم من نصف مليون لاجئ، بالإضافة بالطبع إلى لاجئين من دول أخرى.
اللاجئون السوريون إلى مصر لا يعانون أية مشكلة، بل على العكس الكثيرون منهم يعملون ويربحون، الأمر الذى جعلهم مصدر معايرة للمصريين من جانب وسائل الإعلام المصرى الذى يعتب على المواطن المصرى كسله، فى وقت يجتهد فيه اللاجئ السورى حتى يربح ويكسب. دعنى أكرر لك: اللاجئون السوريون الذين يعيشون فى مصر بعد 2011 لا يعانون أية مشكلة، وطبقاً للاتفاقيات الدولية يدفع اللاجئ المسجل بمكاتب شئون اللاجئين بالأمم المتحدة جنيهات قليلات مقابل الإقامة فى مصر. فى ضوء ذلك هل يمكن توقع أن يكون اللاجئون السوريون زبائن لقانون الإقامة الجديد؟. تقديرى أن السؤال يجيب عن نفسه بالنفى، فليس هناك ما يضطرهم إلى ذلك. نح هذه المسألة جانباً ودعنى أسألك: هل تذكر الحدث المهم الذى تزامن مع موافقة لجنة الدفاع والأمن القومى على مشروع قانون منح الإقامة مقابل وديعة دولارية؟. الحدث تمثل فى زيارة البابا «فرنسيس» لمصر، تلك الزيارة التى أمطر فيها البابا المصريين، شعباً وحكومة، بمشاعر فياضة وسيول من المحبة الأبوية، ظهرت فى كلمته التى لم ينس أن يشيد فيها بالدور الذى تلعبه مصر فى استقبال اللاجئين الوافدين إليها من دول عدة. تذكر أن «اللاجئين» هى كلمة السر، وقد ظهرت فى قانون الإقامة وسطعت فى كلمة البابا!.