بعد غارات الطيران المصرى على معسكرات التكفيريين بمنطقة هون وودّان ومحيط الجفرة وسط ليبيا، لم تتوقف الاجتماعات فى صبراتة ومصراتة، للرد بعمليات داخل مصر، شارك فيها ممثلون عن إخوان ليبيا، والجماعة الليبية المقاتلة، ومن مصر أنصار بيت المقدس، وشباب الإخوان، إضافة لمندوبى المخابرات القطرية والتركية.. محاولات عديدة بُذلت للتسلل عبر الحدود، لكن الصقور أجهضوا الأولى 27 يونيو «12 سيارة دفع رباعى محملة بالأسلحة والذخائر والمواد المتفجرة»، ودمروا المجموعة الثانية «15 سيارة» بنفس السيناريو 16 يوليو.. اليقظة توفر الدماء.
هزائم التنظيمات التكفيرية فى العراق وسوريا تثير قلق إسرائيل، الجنرال هرتسى هاليفى، رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، حذر من ضعف داعش وتقلص «دولتها»، وأكد أن الجيش سيفعل ما فى وسعه ليمنع هزيمتها!!.. موشيه يعلون وزير الدفاع السابق كشف وجود اتصالات مع داعش، بشأن عملياتها فى سوريا، وأكد أنّها رفضت استهداف دولته أو أيّة أراض تقع تحت سيطرتها، وأنّ إطلاق النّار باتجاه الجولان تم بالخطأ واعتذرت عنه.. صحيفة «الباييس» الإسبانية كشفت تعاون إسرائيل مع داعش.. القوات الليبية ألقت القبض على إمام مسجد يدعى «أبوحفص»، بتهمة التجسس، وتبين من التحقيقات أنه ضابط إسرائيلى يدعى «بنيامين إفرايم»، ينتمى لفرقة المستعربين، المتخصصة فى العمل بالدول العربية، وتجيد لهجاتها وتقاليدها، وتعمل بالتنسيق مع الموساد، تسلل إلى ليبيا ضمن الدواعش، واستقر بالمنطقة التابعة لها ببنغازى، شكَّل جماعة مسلحة من 200 مقاتل، عُرفت بدمويتها، بعض أعضائها تسلل إلى مصر.
بعد تحرير الموصل، وتعرضهم لهزيمة نفسية، دعا مفتى داعش مقاتليه العرب للهجرة إلى «أرض الميعاد»، فى مصر وفلسطين، «فلسطين» يقصد بها قطاع غزة، لأن إسرائيل خارج أهداف داعش، وغزة معبرهم لسيناء، ضمن مسالك أخرى؛ الأول: التسلل من العراق، أو سوريا، أو لبنان، إلى جنوب الأردن، والانتقال إلى سيناء عبر خليج العقبة باستخدام القوارب، الثانى: من ساحل غزة إلى رفح والشيخ زويد والعريش، باستخدام القوارب أيضاً، الثالث: عبر الحدود الغربية مقبلين من ليبيا، الرابع: تسلكه العناصر المدرجة والمعروفة للأمن، تتجه لتركيا عبر المعابر المشتركة مع سوريا، ومنها بالطيران إلى السودان باستخدام جوازات سفر مزورة، السودان يعفيهم من التأشيرة، ويتسامح مع الوثائق المزورة، أجهزة المخابرات التركية والسودانية تتابعان عمليات التسلل لضمان مغادرة كل العناصر للدولة، وعدم بقائهم، من تركيا يتوجهون إلى السودان أو ماليزيا، ومن السودان إلى ليبيا جواً عبر المطارات التابعة للتنظيمات المسلحة، أو عبر الحدود البرية والممرات الصحراوية إلى مصر وليبيا، الخامس: من السودان إلى وادى العلاقى بين الشلاتين وأسوان، ومنها إلى ساحل البحر الأحمر وصولاً لمرسى علم عبر وادى أم الرشيد، أو إلى القصير عبر الفواخير، أو إلى سفاجا عن طريق المدقات والمرتفعات الجبلية، وصولاً إلى رأس غارب والزعفرانة والعين السخنة، أو باختراق المناطق الجبلية الوعرة، انطلاقاً من أبورماد والشلاتين، ثم الإبحار بالقوارب لسيناء.. عصابات التهريب والاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، تلعب الدور الرئيسى فى تسهيل عمليات التسلل، يساعدها سماسرة يقدمون مختلف التسهيلات بما فيها الوثائق المزورة.. هذا المسار يعتبر الأشد خطراً، لأنه مصدر لقرابة 60% من العناصر المتسللة.. قبائل الرشايدة والعبابدة تحتكر عمليات التهريب عبر الحدود الجنوبية، والسواركة تتولاها فى سيناء، تورطها بلغ حد المشاركة بالرجال فى العمليات الإرهابية، مما أدى لقيام إسرائيل بتصنيفها كمنظمة إرهابية بعد تقارير موثقة أعدها الشاباك والموساد.
■■■
دعوة التنظيمات التكفيرية للتوجه إلى مصر تستكمل المؤامرة الدولية التى نتعرض لها، والأشد خطورة ما يجرى على ساحة هذه التنظيمات، من إعادة تموضع بدول المنطقة، والسعى لتذويب الخلافات، وتوحيد الجهود، خاصة فى ليبيا، مصدر التهديد لأمننا القومى، أيمن الظواهرى زعيم القاعدة استغل هزائم داعش ليحض كافة التنظيمات الجهادية على العودة إلى أساليب حرب العصابات، والتنسيق فيما بينهم، بعد أن أكدت التجربة خطأ استراتيجية الاحتفاظ بالأرض، وفداحة خسائر الاقتتال بين التنظيمات، طرح القاعدة يستهدف تشكيل إطار تنظيمى للتنسيق بين التنظيمات الجهادية، باعتبار مرجعها واحداً وهدفها واحداً وعدوها واحداً، «أنصار الشريعة» التابعة للقاعدة أفتت بجواز تعاون الجماعات الإسلامية مع داعش، مما وفر لها حرية الحركة، وبدأت ترتب أوضاعها؛ توطن المقبلون الجدد إلى ليبيا من سوريا والعراق، وتعيد تمركز مقاتليها فى مواقع جديدة، بعيداً عن المناطق الساحلية، وتحتمى بالصحراء، ضماناً لأمنهم.. حدة الصراع بين داعش والقاعدة تراجعت إلى حد كبير، وظهرت مؤشرات للتنسيق والتعاون فى بعض العمليات، حيث شاركا معاً فى الهجوم على الهلال النفطى مارس الماضى، واتفقا بقبول من قوات البنيان المرصوص التابعة لحكومة الوفاق على عودة بعض قيادات التنظيم إلى سرت، والاتصالات تجرى لتشكيل تحالفات قتالية بين الجماعات الإسلامية والجهادية والميليشيات المسلحة لتحويل ليبيا إلى قاعدة رئيسية للجهاد العالمى.
داعش تقود مفاوضات بالمناطق الحدودية فى تونس والجزائر وليبيا للاتفاق على تشكيل «مجلس شورى الجماعات الجهادية»، يضم جند الخلافة (الجزائر) وبوكو حرام (نيجيريا) وتنظيم الدولة الإسلامية فى بلاد الحبشة والسودان الذى يتخذ من السودان مقراً له ويرسل العشرات من المقاتلين للتدريب فى ليبيا، وجماعات من تنظيم الشباب الصومالى، وحركات جهادية من السودان ومالى، مما يفسر أن معسكرات التدريب التى تديرها داعش أضحت تضم مقاتلين تنتمى لهذه التنظيمات.. فى نفس الوقت شكلت القاعدة «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» التى تضم عدة تنظيمات فى مالى «الطوارق بالشمال، جماعة أنصار الدين، وكتائب ماسينا»، وتنظيم «المرابطون» بقيادة مختار بلمختار.. اتجاه كل من داعش والقاعدة نحو توحيد التنظيمات الإقليمية الأقرب لها، تزامناً مع فتاوى ومفاوضات لتوحيد تحركهما، تمهيداً لإنشاء إطار تنظيمى يجمعهما، يشكل الرد العملى على ما تعرضا له من هزائم فى المشرق العربى، ويؤكد أن تحذير الخارجية الأمريكية لمواطنيها من السفر لمصر، لم يأت من فراغ، وإنما استند على متابعة دقيقة للتطورات على الساحة الإقليمية، تُفسر تصاعد موجة الإرهاب، وتعدد عملياته بمصر.. أمريكا تعرف ماذا تريد، أدرجت الجماعة الإسلامية ضمن الجماعات الإرهابية، بينما مصر لا تزال تعطى المشروعية لحزبها «البناء والتنمية»!!.. ولم تحذر رعاياها إلا ووقعت عملية إرهابية كبرى، أو أحبطتها قوات الأمن.. أمريكا صنعت المنظمات الإرهابية، ووظفتها لصالحها، لكنها لا تستطيع التقاعس عن تحذير مواطنيها ضد أنشطتها، وإلا وقع المسئولون تحت طائلة القانون.. مصر مطالبة بالمزيد من الاستعداد والتحفز والحذر، توفيراً للدماء، حتى نتجاوز التحديات الراهنة، كما تجاوزنا غيرها.