لا يمكن الحديث عن القبض على «سعاد الخولى»، نائبة محافظ الإسكندرية، من قبل هيئة الرقابة الإدارية، عقب التأكد من تورطها فى عدة وقائع فساد تشمل الرشوة والإضرار بالمال العام والتربح... بمعزل عن محاولات إفشال الدولة المصرية وإسقاطها من الداخل!.
فمحاولات تفكيك الدولة المصرية وإسقاط النظام تبدأ بضرب مؤسساته، وهيمنة «قوى الفساد» على مفاصل الدولة، وتغلغله فى العمود الفقرى للأجهزة التنفيذية، حتى تسقط شرعية الدستور والقانون، ويسود «قانون الغاب» الذى يعنى -ببساطة- أن من يملك «ثمن مسئول» هو من يقود فعلياً «الحكومة»، وبالتالى تسقط «سلطة الدولة»!. «سعاد الخولى» مجرد نموذج صارخ وفاضح لضرب النظام من داخله، نموذج للاختيار العشوائى للقيادات، الذين نكتشف فجأة أنهم «أعداء الدولة»، وأن ضرباتهم الموجعة أصابت الدولة فى مقتل، أكثر مما نجح «العدو التقليدى» من اختراق الدولة ونشر سرطان الفشل بين ضلوعها.
كانت «الخولى» مكلفة من قبل المهندس «عبدالظاهر»، محافظ الإسكندرية السابق، برئاسة لجنة تتولى ملف «الحديقة الدولية» الشائك، الذى كان يعد من أهم الملفات الساخنة فى ذلك الوقت، حيث كانت اللجنة منوطاً بها مراجعة موقف 18 مستثمراً فى ملف الحديقة الدولية، ووضع قيمة تقديرية للأراضى المتعدى عليها من أراضى الدولة فى الحديقة الدولية، ورفع تلك التقارير إلى لجنة فض المنازعات بوزارة الاستثمار وتحصيل فرق القيمة الإيجارية التى بلغت ملايين الجنيهات بسبب الثمن البخس الذى استؤجرت به الأراضى من قبل المستثمرين فى بداية التعاقد فى عهد اللواء «عبدالسلام المحجوب».
ثم جاء الدكتور «محمد سلطان»، محافظ الإسكندرية الحالى، وكلّفها بعدد من المهام، حيث تولت الملفات الخدمية، كما تولت النائبة الإشراف على ملف حملات الإزالة التى شنتها الدولة لاسترداد الأراضى المتعدى عليها خلال فترة سفره.
فكانت النتيجة المؤسفة أن «الخولى» قامت بتطبيق نظرية «حاميها حراميها» بحرفية عالية، فعطلت «الخولى» تنفيذ قرارات الإزالة الصادرة للمبانى التى أقيمت دون ترخيص أو على أرض ملك الدولة بالمخالفة للقانون، وأعفت بعض رجال الأعمال من سداد الغرامات المقررة عن تلك المخالفات، ما أضر بالمال العام فيما بلغت قيمته 10 ملايين جنيه، بالإضافة إلى تعمدها إخفاء عناصر ثروتها غير المشروعة بأسماء آخرين تجنباً لملاحقة الهيئة لها.
والمقابل عطايا مالية ومصوغات ذهبية قيمتها تعدت المليون جنيه من بعض رجال الأعمال مقابل استغلال سلطاتها والإخلال بواجبات الوظيفة!!.
«ضرب الاقتصاد» هو إحدى آليات إفشال الدولة المصرية، وإذا كان تنظيم «الإخوان» الإرهابى يجاهد لإغراق الجنيه أمام الدولار، وإنهاك الاقتصاد بالإرهاب المستمر بفاتورة محاربته الباهظة، وإنهاك الدولة من خلال شلة تجار جشعين من عملائهم فى الداخل.. فإن «الخولى» فعلت ما هو أفظع بضياع أموال الدولة من فروق أسعار الأراضى، وإزالة التعديات على أملاك الدولة، وتحصيل الغرامات المقررة على بعض رجال الأعمال الفاسدين!.
هل نستطيع أن نضم اختيار القيادات الفاسدة أو المقصرة أو عديمة الكفاءة إلى آليات إفشال الدولة المصرية؟.. قطعاً الفساد بكل صوره يمكن اعتباره -تجاوزاً- من آليات «حروب الجيل الرابع»، وحين يتمكن من مؤسسات الدولة تسقط تلقائياً.
الغريب أن «سعاد الخولى» معروفة بقربها من إحدى القيادات النسائية بالمجلس القومى للمرأة فى فترة حكم الحزب الوطنى، الأمر الذى خول لها تقلد مناصب عليا بالأجهزة التنفيذية، بالرغم من اتهامها فى بعض قضايا الفساد خلال توليها منصب وكيل وزارة الطب البيطرى بالبحر الأحمر، ثم القاهرة، ثم بعد ذلك فوجئ الجميع بتعيينها نائباً لمحافظ الإسكندرية فى عام 2015!.
والأغرب أن المتهمة خرجت على الرأى العام -بكل بجاحة- عام 2015، وفى يدها «مسبحة»، لتتحدث عن كيفية مكافحة الفساد والرشوة بالمحافظة، وكيف يمكن التصدى للمخالفين والخارجين عن القانون بالمحافظة.
وطالبت «سعاد» خلال هذا الحوار، بضرورة التعامل مع هؤلاء المخالفين الذين يبنون دون تراخيص مالياً بغرامات تفوق الوصف.. فهل نتعامل إذن مع المسئول الفاسد بعقوبة تفوق الوصف؟.
أحياناً أشعر بأن «هيئة الرقابة الإدارية» هى حائط الصد الأخير للدفاع عن الدولة المصرية، فلم أصدم حين قال الرئيس «عبدالفتاح السيسى» بشجاعته المعهودة إن هناك فساداً فى قمة هرم الحكم «مؤسسة الرئاسة»!.. قال الرئيس لا أحد فوق القانون.. وروى أنه تم إبلاغه بحدوث تجاوزات فى مؤسسه الرئاسة وتساءل الرئيس ماذا نفعل مع المخطئ؟ فأجابه البعض بأن «نلم الدور»، فرد الرئيس والله يجب أن يحاكموا، من يخطئ يجب محاسبته، وهذا لا يؤثر على أى جهة فلا أحد فوق القانون.. ولا مجال المحسوبية أو المجاملة!.
ولكن، آن الأوان لكى يراجع الرئيس طريقة اختيار القيادات، فهو أعلم منا بأن إفشال مصر لن يكون سياسياً بل هو اقتصادى.. ولهذا يشن إعلام الإخوان الحرب على المشروعات القومية الكبرى، ويحاول عرقلة عملية التنمية.
آن الأوان أن نحمى الدولة من «أعداء الداخل»، من الاختراق والعبث، أن نمنع منهج «سلموا القط مفتاح الكرار».. إن كنا جادين فى حماية الدولة المصرية.