«عم سعيد» سواق القطار: عيديتنا إنه يخلى «سكتنا» سالكة
الساعة تدق فتعلن السابعة صباحاً، ثوان يرتدى «الأفارول» الأزرق، يطير حتى يلحق بموعد القطار، فدون «سعيد عمارة» يظل القطار مكانه لا يتحرك، يصل سعيد إلى وجهته «محطة سكك حديد رمسيس» يصعد الجرار، ويجلس فترة ثم يهبط من العربة ليفحص «الزيت والسولار والمياه» يعود بعدها إلى كابينته ينظر إلى ساعة يده فقد قاربت على الحادية عشرة صباحا، يُمدد ساقيه داخل عربته ثم يتكئ برأسه ويستريح فموعد قيام القطار فى الواحدة ظهراً، ولكن قوانين العمل تنص على وجود السائق قبل موعد القيام بأكثر من ساعتين.
«سعيد» عمل فى السكة الحديد وعمره 20 سنة، بدأها مساعد سائق أو (وقاد) كما يطلقون عليه، وطوال 25 سنة، هى عمره فى المهنة، رأى الرجل الأربعينى ما لم تره عين، فمنذ أكثر من 10 سنوات، وبينما يقود القطار فى طريقه إلى الصعيد، وجد عند أحد المزلقانات أطفالا يلعبون على شريط السكة الحديد، فضغط على الفرامل، لم يُرد عم سعيد إخافتهم بإطلاق سارينة القطار وسار على مهل: «تأكدت أن الأطفال مشيوا فبدأت أمشى أسرع سمعت صرخة طفل صغير تحت العجلات.. الله يرحمه.. بعدها قعدت 4 أيام كل لما آكل أو أشرب ألاقى صورة الطفل ده فى الطبق بتاعى».
فى إحدى المرات كان الرجل الأربعينى يستعد للصعود إلى كابينته حتى يغادر رصيف المحطة وصولا إلى سوهاج، لكنه فوجئ برجل مُعمم ويرتدى جلبابا فضفاضا يجلس على كرسيه فبادره بالسؤال: «انت تبع مين يا حاج؟».. ليرد عليه بلكنة صعيدية أصيلة: «أنا راكب عادى يعنى».. فقال له «سعيد»: «لأ يا ريس هنا ممنوع.. ده مكانى أنا».. لم يلتفت إليه «الصعيدى» وعندما حاول إخراجه بالقوة قال له: «أنا راكب وقاطع تذكرة وهقعد يعنى هقعد».. لتنتهى المشكلة بأفراد من الشرطة يصطحبون الرجل المُعمم إلى خارج العربة.
«العيد على الأبواب ونفسنا الريس مرسى يخلى سكتنا سالكة».. يقولها سعيد عمارة، متذكراً أيام العيد التى كانت دائماً مصحوبة بالمشكلات والأزمات: «فى العيد اللى فات فيه ناس قطعوا علينا الطريق فى المنيا.. وكان فيه راكبة فى القطار حامل وعلى وش ولادة.. وأنا غصب عنى مقدرش أتحرك لأن الناس قاطعة الشريط بالحديد والكاوتش المحروق».. فوجئ الرجل الأربعينى بأحد الأشخاص يصعد إلى كابينته ويسبه ويلعنه بأفظع الألفاظ: «أتارى الراجل ده هو زوج المدام الحامل.. أنا طبعا استحملته عشان ظروفه».
عيدية «مرسى» بالنسبة لـ«سعيد» هى عبارة عن توفير الأمن والأمان على شريط السكة الحديد: «لما بيتقطع الطريق بنقف بالـ6 ساعات».. رغم فساد النظام البائد الذى عانى منه ولكنه كان يشعر بالأمان: «زمان مكنش فيه ناس تقدر تقطع الطريق على حد للأسف الموضوع زاد عن حده.. وعايزين نشوف له حل».. يتمنى الرجل الأربعينى أن يطمئن على زوجته وابنته فى غيابه: «نفسى البنت تمشى مع أمها من غير ما أكون قلقان عليهما.. من كام يوم سمعنا إن واحد قطع ودن بنت صغيرة عشان يسرق حلقها وللأسف الحلق طلع دهب صينى!».
«الرئيس فلاح».. هكذا يصف سائق القطار الدكتور محمد مرسى موجهاً له رسالة: «نفسى تنزل وتشوف القطارات وحالتها.. عربيات خردة شغالة تحت اسم مُكيفة.. يرضى مين، ده غير إنها عربيات من الثمانينات ممكن تنهار وهى ماشية.. بعد ما عملنا ثورة مش المفروض نكون أحسن ولا إيه؟».
أخبار متعلقة:
المصريون فى انتظار «عيدية مرسى»: أمن وكهرباء.. وعودة المعتقلين
الابن فى السجن والأم فى دار مسنين: «الإفراج عن باسم» ينقذ «أمه» التى لا تعرف أن «ضناها خلف القضبان»
«مدكور» الحلاق يناشد: «عاوزين كهربا عشان ننضف الناس قبل العيد»
الخائفات من التحرش يستغثن: «وامرساه»
«عيدية مرسى».. الحلم الذى حطمه الخبراء على صخرة «الوضع الاقتصادى»