مصانع الطوب الأحمر: خطوط إنتاج «بدائية».. والعمل يومان فقط بدلاً من خمسة
غلاء الأجهزة الحديثة جعل أصحاب المصانع يعتمدون على «القديمة»
على أطراف محافظة القاهرة، وتحديداً على طريق الصحراوى الغربى، تقع واحدة من أهم القلاع الصناعية الحديثة فى مصر، وهى منطقة جرزة لصناعة الطوب «الطفلى»، بمجرد أن تطأ قدماك داخل المنطقة تجد عربات النقل الثقيل تقف بجوار الكافتيريات، وبعض الأفران تشتغل وأخرى لا تعمل، فضلاً عن الطرق غير الممهدة التى تنحدر بقسوة لأسفل، ثم تعود إلى أعلى، والأتربة المنتشرة فى كل مكان والأصوات الصاخبة بسبب خطوط الإنتاج واللوادر، فيما يلفت نظرك العمال، كل منهم غارق فى عمله، ولا يتحدث حتى إلى من يجاوره فى العمل، ويكتفى بحمل همومه التى تتلخص فى حصوله على «قوت يومه» الذى أصبح يومين فقط بعد أن كان 5 أيام.
يبلغ متوسط مساحة مصنع الطوب 5 أفدنة، ولا يفصل بينه وبين المصنع الآخر سوى حاجز من مخلفات خط الإنتاج التى لا تصلح للاستخدام مرة أخرى، يبدأ عملهم ليلاً فى استقبال الطفلى (إحدى المواد التى يصنع منها الطوب) من عربات النقل الثقيل التى تأتى بها من محاجر الجبل الغربى، ويبلغ ثمنها من ألف إلى ألفى جنيه، على حسب جودتها، يتسلمها أحد العمال ليقوم بريها، وحين يأتى الصباح تكون جاهرة للخلطة التى يتم صنعها بـ«اللودر».
هيثم الشاذلى، 32 عاماً، أحد أصحاب المصانع، يقول: «المصنع يعمل به ما لا يقل عن 150 ولا يزيد على 300 عامل، لتخرج الطوبة بشكلها المعروف»، مضيفاً أن تكاليف خط الإنتاج، الذى يحول الطفلة إلى طوب أخضر تختلف على حسب الإنتاج، حيث يوضع عليه التراب والرمل لتحديد لونه على حسب ما يريدون وفقاً للطلب وطبيعة المناخ، قبل أن يدخل الكسارة التى توصله إلى الطاحونة ثم الخلاط، وبعدها المكبس، وتسمى هذه المرحلة الكوم والخط، وبعد ذلك يخرج قالب الطوب الأخضر لينقله العمال.
7 عمال يتسلمون الطوب من خط الإنتاج لوضعه على عربات حديدية يجرها جرار صغير، ليتم نشرها فى المفارش لمدة 4 أيام فى الصيف و10 فى الشتاء، مع الحرص على تغطيتها حتى لا تتشقق، ويستخدم 1000 متر كفرن، وتنقل إليه بواسطة عربة حديدية يجرها حمار أو بغل، ثم نقله بعد ذلك إلى عربات النقل الثقيل تمهيداً لبيعه، وفقاً لـ«الشاذلى». وعن عدد العمال فى المصنع، قال: «مرحلة الكوم والخط وحدها فيها 30 عامل، وزيهم فى مرحلة الخضرة، و6 فى مرحلة السكينة، و10 فى الحريق، و40 عامل عصفور، ودول اللى بينقلوا الطوب من الفرن للخارج».
«الأجهزة بدائية وأصحاب المصانع لا يملكون شراء الحديث».. يقولها محمود على، 32 عاماً، أحد عمال خط الإنتاج، مضيفاً: «تكلفة خط الإنتاج الحديث وصلت 2 مليون جنيه»، فضلاً عن المصاريف الداخلية للمصنع التى زادت فى الفترة الأخيرة، بعد تراجع خطوط الإنتاج، وعدم وجود دعم للمصانع التى كانت تعمل 5 أيام أسبوعياً، لكنها الآن تعمل يومين ونصف اليوم فقط، ما جعل بعض العمال يتجهون إلى العمل فى مهنة أخرى، حسبما ذكر «على»، مضيفاً أن كثيراً من العمال لم يستطيعوا العمل فى غير المهنة، بحكم أنهم لا يملكون خبرة فى أى مجال آخر، فعادوا مرة أخرى، أملاً فى رواج الحال كما كان.
أما أحمد وحيد، 34 عاماً، فيؤكد أنه رغم وجود ما لا يقل عن 120 مصنعاً لإنتاج الطوب الأحمر لم توفر الدولة لها المياه بخطوط رئيسية، لكنها تشترك فى خطوط مياه من شركات خاصة بتعامل شهرى لسد احتياجات الإنتاج، والمياه غير صالحة للاستخدام، فهى تستخدم فى رش الخلطة وبعض مراحل الإنتاج فقط.