صحيح.. ماذا سيفعل؟؟
دعنا نتفق أولاً على أن من يؤيد السيسى وترشحه عدة أصناف:
الأول: مجموعة تحب الرجل وتراه رجلاً وطنياً قام بدور مخلص، يستحق من أجله أن يقود البلد فى هذه المرحلة التاريخية الحساسة.
والثانى: مجموعة من المنتفعين، يرون أنهم كانوا منبوذين بسبب 25 يناير، مما جعلهم يختبئون عازفين عن الظهور، أو شاعرين بألم شديد لرؤية الإخوان يحكمون و(شوية عيال) -كما يرونهم- يشكلون الحكومات وتسترضيهم الأنظمة.
والثالث: مجموعة ترى أنها عصرت «لمون» على نفسها فى حالة مرسى أمام شفيق، فخذلها، وأن الاختيار الآن سيكون بين السيسى الذى يحظى بشعبية حقيقية، مهما زادت معارضته أو اشتدت حدتها، وآخرين سيتعاملون مع الناس على طريقة فئران التجارب.
والرابع: مجموعة ترى أن ترشح السيسى كله خير، فإن أصاب فللبلد، وإن أخطأ، أو فشل، أو تعطلت مراكبه، يسقط تماماً دعوات حكم العسكر، كما سقطت من قبل دعوات حكم الإخوان!!!
من الخطأ إذن التعميم، والقول بأن كل هؤلاء منافقون.. بل أغلبهم وطنيون وجدوا فى الرجل حلاً بعد سنوات ثورة رأوها عجافاً عليهم وعلى الوطن.
طيب.. ماذا تفعل كل هذه المجموعات؟؟
بعضها يمارس عنفاً لفظياً يجب دراسته على المستوى النفسى حقاً وصدقاً، حيث لا يطيق كلمة على الرجل حتى لو فهمها خطأ، ويعتبر نقده خيانة وعمالة أو موالاة للإخوان، حتى لو جاء من أعداء حقيقيين للإخوان، وبعضهم يمارسون إقصاء أشد من هذا الذى مارسه الإخوان، مراعين أن يكون الصوت الواحد هو الغالب على اعتبار أنها حرب حقيقية، وبعضهم يمارس تبشيراً بالرجل وكأنه دين جديد أو إله يجب أن نعبده لدرجة تدعو آخرين للكفر (نشرت صفحة منسوبة للشئون المعنوية أمس على الفيس بوك صورة للسيسى معها الآية الكريمة: وهزم الأحزاب وحده.. (بالمناسبة الشئون المعنوية تستطيع إغلاق الصفحة فى ثانية لأنها صفحة غير رسمية، لكن للشئون المعنوية والمخابرات الحربية مآرب أخرى)!!!
وسط كل هذا يجب أن نطرح عدة أسئلة: يعنى مثلاً أين الرجل الحكيم -من مؤيدى السيسى- الذى يجب أن يظهر فجأة وسط هؤلاء المؤيدين لكى يقدم السيسى كقائد، وليس كإله، ويدعو الناس للهدوء، لأن ما يفعله كثيرون منهم يفقد السيسى نفسه رصيداً كبيراً عند قطاعات، يحتاجها السيسى بقوة، حتى لو أنكر من حوله ذلك.
ويبرز سؤال آخر: لماذا لا يتم التعامل مع كل هذا على أنه طبيعى جداً، وأن الناس تحب السيسى بجنون فعلاً (هؤلاء يجب أن نذكّرهم بالمناسبة بأن من الحب ما قتل، وهم على وشك)، كما أن هناك سؤالاً ثالثاً يطرح نفسه: يعنى السيسى يعمل إيه فيمن ينافقه؟؟ ويعلم أنه ينافقه؟؟ وهل يدعو السيسى البعض لنفاقه (راجع كتابات إحنا ملك يمينك يا سيسى، وهتنزل الانتخابات غصب عنك وغيرها وغيرها).
الإجابة بسيطة. السيسى لا يستطيع أن يقول لأيهم: لا تنافقنى، أو يستدعيه طالباً منه عدم (الأفورة) فيما يفعل، لكنه يستطيع أن يبعد هؤلاء عن الصورة التى يلتقطها له التاريخ. وألا يفعل مثل مرسى الذى احتضن إرهابيين ومتطرفين ومنافقين و«بوّاسين أيادى» فى استاد القاهرة، فلا يحتضن السيسى أيضاً هؤلاء الذين يعرفهم جيداً، ونعرفهم جميعاً، ونشم روائحهم.
مطلوب من السيسى أن يتصرف على أرض الواقع بعيداً عن الأقوال والعبارات الرنانة ذات الاستمالات العاطفية الواضحة. مطلوب من السيسى أن يبعد عنه منافقى كل الأنظمة الذين يجلس بعضهم فى الصفوف الأولى لندواته، وهم مدعوون دائمون لأى فعالية يكون فيها. مطلوب من السيسى أن يطمئن شريحة مهمة. مطلوب من السيسى خطاب مختلف فى لحظة قراره الترشح، يوضح فيه أنه لن يكرر أخطاء سابقيه، وأن يكون جاهزاً برؤية حقيقية لمسألة الاستقطاب وصناعة الآلهة، وأن يستغل لحظة الاصطفاف خلفه من تيارات مختلفة (مهما كره البعض ذلك فهذه حقيقة إن لم يتم التعامل معها ستدهسهم كما دهست غيرهم)، ليقدم مشروعاً وطنياً حقيقياً المجد فيه لإقامة دولة القانون، وتطبيقه على الجميع، دون حسابات.
فهل سيفعل السيسى ذلك؟؟
للحديث بقية