«عادل عبدالكافى» طيار ليبي أنقذته مصر بكلمة «لاجئ»
«أفارول» أخضر اللون، ارتداه الرجل الأربعينى فى سرعة، داخل وحدته العسكرية الليبية، الابتسامة تسيطر على وجهه، فهو لأول مرة يعرف وجهة طائرته التى يقودها، شغل المحرك وذهب بعيداً فى السماء حالماً بالخلاص، خلع «الباريه» من على رأسه وقت هبوطه بمحافظة مرسى مطروح.. أكثر من ربع قرن مرت على وجوده بين ربوع القاهرة، إحساسه بعيد الفطر مختلف هذا العام، انتعش قلبه من جديد وعاد إلى الحياة، تهللت أساريره، لأول مرة يشعر بطعم حلويات العيد، أخيرا يستطيع العودة إلى بلاده، ولكنه قرر أن يقضى هذه المناسبة مع الأسرة لكونها الأولى بعد سقوط نظام الرئيس الليبى معمر القذافى، الذى وقت أن أُعلن خبر مقتله على يد الثوار، وانتقال السلطة بشكل شرعى إلى الحكومة الانتقالية تذكر عام 1987 وتحديداً يوم 16 يوليو، عندما هبط بطائرته الممهورة بالعلم الليبى على الأراضى المصرية هرباً من ديكتاتورية «المُعمر» الذى كان فى أوج قوته فترة الثمانينات.. عادل عبدالكافى يحمل من العمر 47 عاماً، قضى نصفها بالقاهرة كلاجئ سياسى: «وقتها كان القذافى بيجند مجموعة من المرتزقة.. جابهم من تشاد والدول الأفريقية المجاورة كانوا سنده وعكازه الذى يستند عليه فى حال عارضه أى شخص».
«الله أكبر.. الله أكبر..» تكبيرات العيد فى مصر ذكرته بمدينة «البيضاء» الليبية، التى قضى فيها طفولته وشبابه: «هربت بعد تردى الأوضاع السياسية وأوضاع الجيش.. القذافى كان عاوز يعمل مذبحة لقيادات القوات المسلحة واستبدالهم بالأفارقة».. تمت ملاحقته من قبل قوات «المُعمر» فى القاهرة إلا أن كلمة «لاجئ» هى التى أنقذته: «مصر وافقت على إعطائى حق اللجوء السياسى»، 25 عيد فطر مرت على كابتن «عادل» كما يُلقبه البعض: «صدقنى لو قلت إن العيد علينا فى ليبيا، كان يتم الإعلان عنه بطريقة مزرية.. يرسل الرئيس عربات تابعة لأجهزة الدولة تجوب الشوارع وقت الفجر لإعلان أن هذا اليوم هو يوم عيد».. كان يتعامل معنا بمنتهى السذاجة والانحطاط.
«16 مارس 2011» ذلك هو التاريخ الذى يتذكره جيداً، بعد اندلاع الثورة الليبية استطاع الدخول إلى وطنه مجدداً للاطمئنان على أهله: «لما سافرت كان هدفى الوحيد هو عرض المساعدات على الحكومة الانتقالية وتقديم كل الدعم والمنح حتى تنجح الثورة»، يفتقد الرجل الأربعينى طقوسه الخاصة التى كان يمارسها فى العيد التى كانت تتمثل فى حمل «القناديل»: «كنا بنلف الشوارع بفوانيس منورة ليلة عيد الفطر»، مُقدر له أن يعيش أكثر من ربع قرن حياة المنفى والغربة: «تحملت هذه الفترة بحلوها ومرها».. «أنا هاروح ليبيا إن شاء الله بس بعد لما أخلص كلية» جملة قاطعت حديث الأب خرجت من فم ابنه الأوسط «عبدالرحمن» الذى على الرغم من مولده فى القاهرة، فإنه لن يتنازل عن وطنه الأول «ليبيا»، الأب لثلاثة أبناء أكبرهم «نورى» طبيب الأسنان، لا ينسى دور الشعب المصرى فى مساندة الثورة ضد القذافى: «أتذكر أن شاباً مصرياً كان يعمل خراطاً فى مدينة البيضاء، الثوار كان عندهم وقتها دبابة من طراز (بى إن بى) فشلوا فى تشغيلها، فنجح المصرى فى إدارتها وتحريكها لتكون سلاحا ضد الديكتاتورية».
أخبار متعلقة:
أعياد العرب في القاهرة أفراح يسكنها الحزن والحنين
عيدية «حسن» السورى «أن يقتل بشار نفسه»
محمد عبدالغنى الطالب الثائر: العيد فى مصر جميل لكن قضاءه بين الأهل فى اليمن لا يقدر بثمن
«أسعد»: أخشى الملاحقة السودانية في القاهرة