إدمان استخدام واستهلاك الكهرباء والمياه ليس بجديد على المجتمع المصرى منذ سنوات دون أدنى تقدير للأزمات التى قد تلحق بنا جراء الإفراط فى استخدامهما، وعندما أصبحت أزمة الكهرباء حاضرة وبقوة فى حياتنا لم نجد أى تغيير فى سلوك المجتمع بكل فئاته تجاه استهلاك الكهرباء أو الإسراف فى استهلاك المياه وإهدارها، مع أن الحرب المقبلة فى العالم هى «حرب المياه»، وبالفعل فإن أزمة الطاقة تتصدر مشهد الأزمات المعاصرة، خصوصاً مع تصريح رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب بأن هذه الأزمة تتطلب ثلاث سنوات كى يوجد مخرج لها أو تحل حلاً حقيقياً، نظراً لتراكم هذه الأزمة ولأن إنتاج الكهرباء حالياً يعد أقل من المطلوب 300 ميجا، وفقاً لتصريحات رئيس الوزراء أيضاً، وبالتالى فإن المواطن المصرى فى هذه الحالة يتحمل جزءاً كبيراً أيضاً من مسئولية الحل، متمثلاً فى ترشيد الاستهلاك عن طريق استخدام «اللمض» الموفرة مثلاً، حيث إنها توفر حوالى 40% من الطاقة، كما أن للمؤسسات الحكومية أيضاً نصيباً كبيراً من حل هذه الأزمة عن طريق ترشيد الاستهلاك كذلك، ولذلك جاءت مناشدة الحكومة للمواطنين ترشيد استهلاك الكهرباء فى الفترة من 17 الحالى وحتى 27 منه، خصوصاً فى فترات الذروة من السادسة صباحاً وحتى العاشرة مساءً، نظراً لإجراء أعمال صيانة بأحد حقول الغاز بالصحراء الغربية للعمل على زيادة إنتاج الغاز الطبيعى، مما سيؤدى إلى توقف أحد مصادر إمداد الغاز عن العمل مؤقتاً. وكما ذكر المهندس موسى عمران وكيل وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، أن المتوافر حالياً من 22 إلى 30 ألف ميجاوات تقريباً، فإذا ما تم مثلاً توفير 10% منه، فهذا يعنى سهولة بناء محطات كهرباء جديدة لتلبية الاحتياجات المتزايدة تتراوح قدرتها ما بين 2000 إلى 3000 ميجاوات، مما يعنى أن ترشيد الاستهلاك بالفعل قد أصبح المخرج وضرورة لا مفر منها، خصوصاً مع خطورة الأضرار الناجمة عن استخدام البدائل المطروحة لتوليد الطاقة كالفحم. فقد طرح مجلس الوزراء مؤخراً مقترح استخدام الفحم كأحد المصادر المولدة للطاقة مع مراعاة الضوابط البيئية والصحية للمواطنين، على أن يستخدم الفحم استخداماً آمناً مع التوسع فى استخدام الطاقة المتجددة لأقصى ما تسمح به الظروف الوطنية، غير أن خطورة استخدام الفحم، كما أشار العلماء تكمن فى أنه أشد أنواع الوقود (الأحفورى) -كما يطلق عليه- ضرراً لصحة الإنسان من حيث نوعية أو كمية الانبعاثات منه فى الهواء، كما أنها سريعة الانتشار والانتقال لمسافات طويلة وشاسعة، مما يضاعف أعداد من يتعرّضون لمخاطرها القاتلة التى تؤثر على الجهاز العصبى للإنسان، وكذلك المخ والقلب والجهاز التنفسى والدورة الدموية، بل إنها قد تؤثر على جميع الكائنات الحية بما فيها النباتات أيضاً. وقد بلغ عدد الوفيات بأوروبا جراء استخدام الفحم رغم استخدام جميع الاحتياطات اللازمة حوالى 250٫000 حالة وفاة وفقاً للإحصاء الذى ذكره عمرو على مؤسس جمعية (مصريين ضد استخدام الفحم)، فكيف إذن تتم الاستعانة بالفحم فى مصر كمولد للطاقة خصوصاً أن دول العالم أجمع تسير حالياً فى خطى واسعة تجاه الاستغناء عن استخدام الفحم واستبداله بطاقة متجددة كالرياح أو الشمس مثلاً، بالإضافة إلى استخدام المخلفات الصلبة أيضاً لتوليد الكهرباء، وتعد هذه المصادر للطاقة الأنسب بالنسبة لمصر خصوصاً «الطاقة الشمسية» مع توفر فرصة استخدامها بها لأنها تعد مصدراً حميداً لتوليد الطاقة خالية من أى مخاطر، كما يكمن تميز مصر جغرافياً فى قدرتها على احتلال المركز الأول لاستخدام الطاقة الشمسية، حيث تقع جغرافياً بين خطى عرض 31٫5، و22 شمالاً، أى أنها تعتبر فى قلب الحزام الشمسى العالمى، ولذلك فإنها أغنى دول العالم بالطاقة الشمسية، وبالتالى فإن البديل الأفضل للفحم بالفعل متوافر، ولكن على الدولة فى هذه الحالة أن تقتنع أولاً بأخذ خطوات جدية فى هذا الاتجاه، ثم أن تعمل على تنفيذها وعلى توعية المواطنين بجدواها مع ضرورة صرف النظر عن استخدام الفحم تماماً لما له من آثار كارثية حتى إذا ما اعتقد المسئولون أنهم يستخدمونه استخداماً آمناً حفاظاً على صحة المواطنين وعلى البيئة، كما يجب على الدولة أن تكثف من توعية المواطنين فى حملات تستهدف ضرورة ترشيد استهلاك الكهرباء وأيضاً المياه، لأن الحرب المقبلة فى العالم ستكون بالفعل «حرب المياه!»، وللحديث بقية..