بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على واقعة انهيار عقار مخالف بضواحي الجيزة على الحفار أثناء الإزالة، ما أدى إلى تحطمه ونقل سائقه للمستشفى، كان لا بد من محاولة التعرف على ما آلت إليه الأمور وما هي المشكلات التي يعاني منها هؤلاء العاملين في مجال الإنشاءات والإزالات، في محاولة لتحسين أوضاع تلك الفئة.
الحاجة إلى الأموال تدفعهم للعمل دون الاهتمام بوسائل الحماية
يقول محمد عاطف إنه يعمل منذ زمن بعيد في مجال المعدات الثقيلة، ولم يتعرض في تلك الفترة لمشكلات تذكر نظرا لأنه كان يعمل في الإنشاءات، إلي أن عرض عليه أن يعمل في مجال الإزالات، وهنا لم يتردد العشريني نظرا لحاجته للأموال، وندرة الشغل: "الحفار سعره غالي ولازم نجيب فلوسه، فكنت بطلع مع أي حد يقولي فيه شغل تعال معايا"، ويضيف: "يوم الحادثة محدش قالي أشتغل إزاي، وإيه ينفع أكسره وإيه اللي مينفعش".
انتقل "عاطف" إلى موقع الهدم ووجده عقار مكون من 5 طوابق، فما كان له إلا أن وافق نظرا لتحمله أموال ضخمة في سبيل نقل الحفار من سوهاج إلى موقع العمل: "كنت شغال عادي وفجأة العمارة وقعت عليا، وأنا راكب الحفار، روحت مستشفى على حسابي الخاص بعد ما أهلي جم أخدوني، وأنا في الموقع محدش حتى طلب ليا إسعاف، وأتعالجت على حسابي ومحدش سأل فيا خالص، ولحد دلوقتي محدش سأل فينا".
الحفارات أنواع
يمسك بطرف الحديث إسلام عبدالحي، حفار، ويقول إن معدات الحفر نوعان، الأول منها" كاتوش" ويصلح فقط لإزالة طابقين فقط، والثاني"جنزير" وهذا النوع يصلح لـ 4 طوابق بحد أقصى: "المقاول بيجيب الحفار في يوم علشان يعرقب العمارة، ويوفر فلوس ومش مهم إحنا، ورغم إنه بيكون عارف إن فيه خطورة لو تم الاستعانة بالحفار في الطوابق العالية إلا إنه بيجيبنا، وبنقبل ده، علشان علينا فلوس لأن المعدات دي غالية ومينفعش نرفض أي شغل حتى لو خطر على حياتنا".
ويقول شريف أبو الحسن، حفار، من محافظة سوهاج، إنه يعمل منذ ما يزيد على ثماني سنوات سائق معدات ثقيلة، طيلة تلك السنوات اعتاد الأربعيني على أن ينجز الأعمال البسيطة دون المغامرة والدخول في مجال الإزالات الذي ربما يتسبب في خسارته للحفار الذي قام بشرائه، بميراثه لوالده :"شغل الهدم صعب وفيه خطورة، لأن المقاول بياخد العمارة علشان يهدها، في أسرع وقت وبأقل تكلفة علشان يكسب، فبدل ما يشيل الأدوار العالية بالأيدي، بيخلي الحفار يجيب المبنى مرة واحدة".
مخاطر وغرامات.. محدش بياكلها بالساهل
مشكلات عديدة يتعرض لها "أبو الحسن" يمكن تلخصيها في معاناة استخراج التراخيص: "أوقات كتير بننزل نشتغل في أوقات متأخرة بليل، وده بيخلينا عرضة للغرامة من المرور، وده على الرغم من أهمية الشغل بتاعنا، يعني لو ماسورة مكسورة مين هيعملها غيرنا وأكيد مش هينفع الناس تستني للصبح علشان تصلح ماسورة عمومية، أو كابل كهربائي، فبننزل بليل، وبناخد غرامات بتوصل لـ5000 جنيه في المرة الواحدة".
ويقول أسامة عبدالعال، 42 سنة، من محافظة سوهاج، إنه يعمل في هذا المجال منذ عشرين عاما، عندما كان عدد المعدات الثقيلة قليل ومن ثم الشغل المسند إليهم كثير: "دلوقتي بقي فيه معدات كتيرة والشغل بقى قليل ومبقاش مضمون كمان، لأننا بنشتغل مع مقاولين كل همهم المكسب بغض النظر عننا بقى".
ويضيف: "مفيش تأمين لا علينا ولا على المعدة، والشغل مش مرتبط بمواعيد، وملوش دخل ثابت، ده عيب الجمارك اللي بترفع التمن للضعف، حاولت أعمل رابطه لينا لكن فشلت وأنا مشهور بأني نقيب المعدات الثقيلة، بسبب كثرة محاولاتي، أتمني يكون في نظره لينا ولشغلنا، لأننا معرضين للخطر والموت كمان".
تعليقات الفيسبوك