وجوه تتصبب عرقاً، ورؤوس أصابها الدوار من شدة «الحر»، الجميع يحاول الفرار من لهيب محدق بهم، أو التخفيف من وطأته عليهم، بعد أن شاءت الأقدار واضطروا للنزول من بيوتهم نهاراً لأسباب مختلفة، لكن المصير واحد.
فى موجة حر شديد، وارتفاع فى نسبة الرطوبة، لم تنتهِ حيل المصريين للتهوين من تأثير درجات الحرارة المرتفعة عليهم، محاولين التسلح بأدوات بسيطة بدائية علَّها تساعدهم على إنجاز مهامهم وإتمام مشاويرهم بأقل قدر من الخسائر، فخرج العشرات بالقبعات والـ«كاب»، بما فى ذلك كبار السن، ولم يخجل آخرون من وضع الجرائد والكتب على الرؤوس، بينما عاد آخرون لزمن «الشمسية» فظهرت بقوة فى الشارع وحملها الصغار والكبار، خاصة السيدات، ناهيك عن زجاجات المياه المثلجة التى تروى العطش وترطب الجلد، وهناك فريق لم يجد وسيلة للتخلص من ويلات الحر سوى السفر والهروب إلى الشواطئ.
«آيس بوكس وتُرمس» أدوات ترافق إنجى البارودى فى جولاتها نهاراً، فهى تعمل فى تصميم الحلى، وتضطرها الظروف أحياناً للنزول لشراء الخامات، أو المشاركة فى المعارض المختلفة، فلا يكون أمامها سوى ترطيب جوفها بماء بارد يهوّن عليها شدة الحر.
تحكى «إنجى» أنها تتجنب النزول نهاراً أثناء موجات الحر الشديد كالتى نشهدها حالياً، لكنها تضطر أحياناً للذهاب إلى منطقة «وسط البلد» لشراء «الماتيريال»، وللأسف تصاب بضربات شمس رغم كل محاولاتها للنجاة: «من شدة الحر، سافرت مع والدتى إلى الإسكندرية، على أمل الاستمتاع بطقس معتدل، لكن الحر كان هو نفسه هناك، وتقريباً لم أغادر البيت نهاراً طوال رحلتى، إلى أن عدت منذ يومين».
غادة عفت مُدرسة تخرج من بيتها صباحاً للذهاب إلى المدرسة التى تعمل بها فى منطقة الشيخ زايد، وفى ظل ارتفاع درجات الحرارة لم تشعر بحرج فى النزول حاملة «الشمسية»، خاصة أن لها طفلة لم تتجاوز المرحلة الابتدائية، كما استعانت بتقنية حديثة وبسيطة للتهوية، عرفتها من وسائل التواصل الاجتماعى، عبارة عن مروحة صغيرة تُعلَّق فى الرقبة.
«سعرها بسيط، أقل من 100 جنيه، لكن تأثيرها لطيف، خاصة أننى لا أتحمل الحر وبشرتى حساسة»، تقولها «غادة، التى لم تكتفِ بذلك، إنما أصبحت تركز بشكل أكبر فى نوعية الأقمشة التى ترتديها، خاصة إن كانت جولتها نهاراً: «هناك أقمشة عاكسة للضوء ولا تمتص الحرارة، مقارنة بغيرها، أحرص على ارتدائها»، بخلاف انتقائها ألواناً فاتحة، خاصة الأبيض، والابتعاد تماماً عن اللون الأسود.
تعانى نيفين من مرض «الذئبة الحمراء»، لذلك تتجنب النزول صباحاً فى فترات الحر الشديد، وإذا اضطرت لذلك تحمل معها «طاقية ونظارة الشمس وزجاجة مياه باردة»، وقبل كل ذلك لا بد أن تدهن وجهها جيداً بكريم يقيها من أشعة الشمس الضارة: «لو فكرت أنزل دون ذلك، تكون النتيجة سيئة، وتتضرر صحتى بشكل كبير». تبحث «نيفين» باستمرار عن كل ما يساعدها على الفرار من الحر، ولا تجد أى غضاضة فى حمل «شمسية» أثناء السير فى الشارع، بل إنها سعت مؤخراً لذلك، حيث تبحث عن أماكن بيعها، إلى جانب مروحة اليد.
تعليقات الفيسبوك