منال روائح وابنها بلال بطوس في كلية الطب
إطار كوميدي، تدور فيه قصة أب يقرر إكمال دراسته والحصول على شهادة جامعية، ويدخل نفس الجامعة التي يدرس فيها أولاده، ويصير معهم بنفس الصف الدراسي، يحضر معهم كل المحاضرات ويتلقى ذات المناهج.. تلك هي حكاية لفيلم كوميدي شهير اسمه «مرجان أحد مرجان»، يبدو أنه خرج من إطاره الكوميدي إلى الحقيقة، وتعيشه أم وابنها.
منال روائح، 46 عاما، وبلال بطوس، 18 عاما، أم سورية وابنها، فرا من أهوال ودمار الحرب التي تنهش في عظام وطنهم قبل 5 سنوات، إلى بريطانيا، وبدآ، مؤخرا، دراسة الطب الحيوي معا، بنفس الجامعة، التي تُعد من أفضل جامعات بريطانيا، جامعة «نوتنجهام ترنت»، ونفس الصف الدراسي، ليصبحا حالة مختلفة ومميزة، تشبه «مرجان أحمد مرجان» وأبناءه.
الأم الأربعينية تحكي لـ«الوطن»: «أنا في الأساس فنية مخبرية، أعمل في هذه المهنة منذ 10 سنوات، من قبل اللجوء إلى بريطانيا وقيام الحرب في سوريا، وعندما قررت أن أستأنف حياتي العملية لم أُرِد أن أبدأ من الصفر بمهنة جديدة، لهذا قاتلت حتى قُبلت في الجامعة، وابني بلال أيضا، كافح حتى تفوق في المدرسة الثانوية وضمن مكانا في الجامعة، واجتمعنا مع بعضنا».
رحلة الأم وابنها للوصول إلى دراسة الطب في واحدة من أفضل جامعات بريطانيا
رحلة منال وبلال للحصول على مقعد في مدرجات واحدة من أفضل 3 جامعات في بريطانيا لم تكن سهلة «ضليت ورا هاي القصة ومشي الحال بعد 3 سنوات، والسنة الماضية أخدت كورس اسمه تأهيل للتعليم العالي، وجبت فيه معدلات عالية تؤهلني للالتحاق بالجامعة».
أما بلال، فهو متميز في دراسته منذ البداية، وبعد فترة قصيرة من الذهاب إلى بريطانيا، تحسنت لغته الإنجليزية، وأكمل دراسته في المدرسة الثانوية على أكمل وجه، ففي عام 2018، حصل على لقب «طالب العام في نتونجهام»، متفوقا على الإنجليز أنفسهم.
سر اختيار «منال وبلال» دراسة الطب بالذات
حب بلال وشغفه بمهنة أمه في السلك الطبي هو ما دفعه لأن يختار دراسة الطب الحيوي «هو حب يتابع في نفس المجال اللي أشتغل أنا فيه، لأنه من هو وصغير كان دايما معي، يخلص مدرسة ويجي معي الشغل، فحب الشغلة دي بالذات، وأنا كمان بحب مهنتي، وكان ممكن أغير مجال الدراسة، لكن ما حبيت أبعد عن مهنتي».
التقديم للجامعات في بريطانيا يتم من خلال تطبيق اسمه يوكاس(UCAS)، وتقول منال: «قدمنا أنا وبلال على التطبيق، واتقبلنا في 5 جامعات بسبب معادلاتنا العالية، بينها جامعتان متشابهتان، نوتنجهام ترنت ومانشستر، والثلاثة الباقية هي ليفربول ولندن وبرمنجهام، فاخترنا نوتنجهام لأنها الأقرب لنا».
عند ظهور نتيجة تقديم منال وبلال للجامعة، زالت مخاوف الأم من أن يبتعد عنها ابنها واطمأنت «في مرحلة الجامعة ببريطانيا، الولد ممكن ينفصل عن أهله ليكون أكثر اعتمادا على نفسه، عكس العادات العربية، نحنا بنحب يضل الترابط الأسري، وبلال فضل يضل معي، توفيرا للنفقات وكمان لنكون سوا في الدراسة ونساعد بعضنا».
«منال» وابنها «بلال» يتعاونان ليتفوقا في الجامعة
تحكي منال روائح، عن الصعوبات التي تواجهها في دراسة الطب الحيوي: «الطب ليس سهلا، ولتنجح في دراسته لازم تكون مؤهل بشكل جيد جدا، وأكثر شيء صعب عليا شخصيا هي اللغة، أنا كان عندي الخبرة ولكن ينقصني اللغة».
مهارات منال وبلال متباينة بالطبع، كل منهما متفوق في منطقة معينة، ومن هنا يأتي تفوقهما الكامل، فكلاهما يمنح الآخر ما ينقصه: «بلال لغته الإنجليزية متقدمة عليا، أنا معايا مستوى عالي، لكن يضل الأصغر في العمر استيعابه أعلى، هو بيساعدني في اللغة وأنا بساعده في الدراسة من خبرتي اللي كسبتها من شغلي، أنا عندي خبرة 10 سنوات في المخابر الطبية، ولكن كفنية».
الأم وابنها صارا لا يفترقان، حرفيا، في المنزل أو الجامعة: «أنا وبلال على طول مع بعضنا، سواء في المكتبة أو البيت بنذاكر مع بعضنا، وعندنا ضغط كبير ومهام مطلوبة، ونتناقش سوا، ونحاول نجيب نتائج منيحة».
العلاقة بين منال وبلال لم تتغير عن كونها أم وابنها، ولكنها صُبغت بلون جديد مميز، لا يتكرر ظهوره كثيرا في مثل هذه العلاقة «صرت أعتبره زميلا، بس ما بحلم بالتفوق عليه، بتمنى نشتغل سوا ونضل مع بعض».
حياة «منال وبلال» في سوريا قبل اللجوء
العائلة السورية، التي تتكون من 5 أفراد، هم منال وزوجها أمجد، وابنها الأكبر الذي يدرس علوم الكمبيوتر، وبلال، وابن صغير لا يزال في المدرسة، لجأت إلى بريطانيا منذ حوالي 5 سنوات، بعدما تسترجع ذكرياتها في سوريا قائلة «لولا الحرب ما كنا تركنا بلدنا، بسبب الحرب طلعنا من سوريا، ظروفنا هناك كانت منيحة، عندي وظيفتي وبيتنا، وبدل الشغل شغلين، كنت أعمل في مخبر خاص ومشفى حكومي، وما كنت ظن أبدا إني راح اطلع من بلدي».
تعليقات الفيسبوك