النفاق: أن يُظهر الإنسان عكس ما يبطن، وأصلها من النفق، وهو الذى تحفره الأرانب من جهتين، لتهرب إذا حاول أن يفترسها معتدٍ من الجهة الأخرى، فهل هناك منافق أفجر من الواقفين على أبواب سفارات دول الكفر والزندقة، الهاربين من ظلم حكامهم، وضيق الرزق فى بلادهم، ثم ينقلبون على من أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف؟ لماذا تشدون الرحال إلى ديار الكفر تاركين ديار الخلافة والإيمان؟ وإذا كانت بلادهم بلاد الفجور والانحلال، فلماذا تصرون على تربية أولادكم فى أحضانهم؟ إياكم أن تقولوا إنكم مهاجرون للدعوة، ستكونون أكثر نفاقاً مما أنتم فيه. الدعوة فى قاموس العربية، دعوة لطعام أو شراب، وصاحب الدعوة هو المضيف، فكيف يدعو المضيف ضيفه إلى طعام مسموم؟ ودعا إلى أمر، أى حث على اعتقاده وبشّر بدعوته وقدم له الدعاية، فكيف تعلنون عن بضاعة، تضللون بها المشترى حتى إذا اشترى اكتشف أنه وقع فريسة نصب واحتيال؟ الدعوة، أيها المنافقون، إلى دين الحق لا تكون إلا بأفضل منها أو مثلها، والدعوة إلى دين الرحمة لا تكون إلا بأرحم منها أو مثلها، والدعوة إلى الإسلام لا تكون إلا بمثله. قال أحد الفلاسفة: «الناس الأخيار يفعلون الخير، والأشرار يفعلون الشر، ولكن أن يفعل الأخيار الشر، فهم يحتاجون إلى مبرر دينى».
أخونا الصادق الأمين لا يجد حرجاً فى الكذب أو التزوير فى أوراقه، ليتحايل على سفارات الملاحدة للحصول على تأشيرة دخول، حاملاً فى ذمته عهد أمان لهم، كما حملوا عهد أمان له، الكافرون صانوا العهد، والمسلمون نقضوه، الكافرون حرموا دمه والمسلم أهدر دماءهم. البطل المنافق المغوار يحرق فى الليل أعلام بلاد الجهل ويقف نهاراً على أبواب سفاراتها يستجدى المبيت ليلة واحدة فى ظلها وتحت سمائها. هؤلاء المنافقون حين يستقر بهم المقام، ويحصلون على الإقامة، تتوارى لغة الاستضعاف وتظهر لغة الاستقواء والاستعداء. يصعد المنافقون منابر المساجد المكيفة، والتى تقام فى دول الكفر أسرع مما تقام فى بلاد الإسلام، مرتدياً أفخر الثياب من صناعتهم، يلعن أولاد القردة والخنازير، ويسب كل الأديان الأخرى، معتبراً إياها بطولة وهم يعتبرونها حرية رأى وفكر، راجياً رب العباد أن يشتت شملهم فى الأرض، وهم الذين جمعوا شتاته من ظلم حكامه المسلمين، سائلاً الله بالشر دعاءه بالخير أن ييتم أولادهم، وهم يحافظون على حياته صوناً لمستقبل أولاده ليعيشوا فى رعايته، يرجون الله أن تفىء أموالهم غنيمة وفريسة للأبطال المسلمين دون عمل أو جهد، وهم يحافظون على أمواله وما يملك. أخونا بعد السب والردح وبعد أن يفرغ من صلاته ودعائه، يتوجه إلى إدارة المعونات المجاورة للمسجد لاستلام نصيبه من المعونة الشهرية من مواد غذائية ومنظفات وألبان له ولأولاده، من أموال دافعى الضرائب، لم يسأله الموظف عن جنسيته أو ديانته أو لونه. لماذا لم تدفعوا بالتى هى أحسن كما دفع النبى أذى يهودى عنه وزاره فى مرضه وأسلم كما قلتم وتداولتها كتب التراث؟ لماذا تتباهون بخلق النبى وسنته القولية والفعلية، وهو نبراسنا ومنهجنا وحين الاختبار تأتون بعكسه.
ماذا قدمتم للعالم أيها الأشاوس، وماذا قدمتم لأنفسكم وللإسلام حتى يدخل الناس فيه أفواجاً، بدلاً من الخروج عنه فرادى؟ لم تقدموا اختراعاً علمياً واحداً حتى تدعوا الناس إلى الإيمان بعلمكم، لم تقدموا للعالم صورة من صور الرحمة حتى تدعوا الناس إلى دين الرحمة. لم تقدموا للعالم العدل حتى تدعوا الناس لدين العدل. بل قدمتم للعالم كل صور الجهل والظلم والقتل وسفك الدماء والتخلف. ويا ليت الأذى يلحق بكم فقط بل سيزيد العالم عداءه للإسلام والمسلمين، وسيؤكدون للعالم أن سهام نقدهم للإسلام صحيحة، وأن نكات الاستهزاء بالإسلام ونبيه، هاكم أحفاده وورثته وما يصنعون، فلماذا اللوم؟ سيغلق الغرب أبوابه على المسلمين الباحثين عن العلم والزيارة والعلاج لدخول بلاد العلم والحرية والإبداع، دام فضلكم علينا أيها الحمقى. لقد جيّشتم العالم ضد الإسلام والمسلمين، وأكدتم أن الخطة التى وضعتها المخابرات الأجنبية بعزل هؤلاء الإرهابيين الهمج من العرب والمسلمين عن العالم المتمدين هو صمام أمن لبلادهم، وأن تأجيج الخلافات الطائفية بين المسلمين وقتالهم وقتلهم بعضهم بعضاً، يشغلهم عن تصدير تخلفهم وحقدهم وخرابهم إلى بلاد الغرب. الجهل للجهلاء والحمقى، والحرية للأحرار.