بعد أربع سنوات من قيام ثورة يناير، ما زال البعض ينشغل بشكل كبير، فى معارك كون «25 يناير» ثورة أم مؤامرة، ففى اعتقادى أن هذا قد صار جدلاً عقيماً، لا يسمن ولا يغنى من جوع، فمصر ماضية ولن يستطيع أحد بعون الله وحوله، أن يعرقل طموحاتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية من أن تتحقق، فقد صيغ دستور محترم يليق بشعب عظيم تحافظ مواده على إنسانيته وحريته وكرامته وترسم نصوصه الحدود ما بين سلطات الدولة، والعلاقة بين المؤسسات المختلفة، كما أصبح لنا رئيس وطنى محترم، منتخب بإرادة شعبية حرة، لن يبقى فى الحكم لأبد الآبدين، لتتبقى الانتخابات النيابية المرتقب إجراؤها فى غضون أشهر قليلة، لتكتمل مؤسسات الدولة، لنحلق بمصر عالياً، حتى نستطيع مواجهة تحديات كثيرة، فمصر تخوض حرب بقاء، للحفاظ على تماسك كيان الدولة المصرية، فى فترة حالكة السواد فى عمر أمتنا العربية، فالوطن العربى الآن يتمزق لدويلات، تنفيذاً لمشروع الشرق الأوسط الجديد الأمريكى، لتصبح إسرائيل الدولة الصغيرة قوى كبرى ودولة عظمى فى محيطها بعد تقسيم الأرض وتدمير الجيوش العربية، التى لم يتبقَ منها سوى الجيش المصرى العظيم، الصامد رغم كل التحديات غير المسبوقة، التى تنهش فى عرض الأمة العربية.
ففى ظل هذا الوضع الخطير، لن أتناول ثورة 25 يناير، من زاويا سبها أو الدفاع عنها، وإنما تحليلها بهدوء، وبعيداً عن أى تعصب فكرى أرعن، لعلنا نترك للتاريخ شيئاً، يعاونه على صياغة حقائقها، بعيداً عن نهر الشائعات التى تسبح فى مجرتها، فسأكتفى فى هذه المقالات بعرض خارطة لثورة 25 يناير، توضح التسعة أطراف الفاعلة -من وجهة نظرى- فى هذه الثورة وتشعباتها، والتى أثرت فيها وتأثرت بها، فى هذه الفترة الفارقة، وتحليل كل طرف على حدة، إن شاء وقدر المولى عز وجل، لعلنا نتلمس معاً الطريق لدرب الحقيقة.