تقف معايير المجتمع التى تتبناها كبرى محركات البحث والسوشيال ميديا حائلاً أمام المصريين، أمامنا نحن دون غيرنا من شعوب الأرض، تناصرها تلك القوانين التى خرجت لتعطل رافداً مهماً وحيوياً، تغلق علينا متنفَّساً لطالما احترفناه وصرنا ملوكه، فمنذ أن صار للتريقة والسخرية والسف مسمى «التنمر» ونحن «لسنا بخير»، ومنذ أن صارت معاداة السامية تلاحق كل محاولاتنا للنيل من «البُعَدا» والمصريون فى كآبة واكتئاب لن يخرجهم منهما سوى حق العودة لـ«سِلو بلدنا» من قصف الجبهة.
وفى التفرقة بين المسميات والأسماء حلول عظيمة، تيسر على الجميع السبل، قضينا زهرة شبابنا ونحن نحاول التفرقة بين اليهودية كديانة سماوية، والصهيونية كحركة استيطانية، بين الإسرائيلى العادى، والإسرائيلى الصهيونى، واليهودى العادى، واليهودى الصهيونى.. كلها مرادفات لشخص واحد بأفعال وقناعات مختلفة، ومع كل فعل وقناعة، هناك من يصفق له، وهناك من يود أن يطال وجهه ليصفق عليه.
الغريب أن ثمة آخرين بيننا ينطبق عليهم الوصف، قد يشاركوننا الهواء الذى نتنفسه والطعام الذى نأكله، نقضى معهم ساعات طوالاً، وهم على مرضهم وعِلَّتهم، غالبية صهيونية وقلة إسرائيلية، أسماؤهم العربية وصلواتهم فى المساجد والكنائس لا تمنع عنهم الصفات، بل إننا نسجلهم على هواتفنا بنعوتهم؛ عبدالله الصهيونى، وعبدالمسيح الإسرائيلى، وحين نشك فى أمر أحدهم نباغته بالسؤال: «انت يهودى ياض؟»، دون أن يغيَّر نفيه قناعة تعكسها تصرفاته.
الحل إذاً ليس فى وصفهم ولا اتهامهم، ليس فى الحديث معهم وعنهم، للحق هناك من يحمل الوصف لكن أخلاقه بعيدة كل البعد عن أفعال بنى جنسه وديانته، هناك يهود إسرائيليون حول العالم لديهم الحس والخلق معاً، لديهم سمة الإنسانية، لديهم مبادئ وقيم، قلوبهم لا تزال تنبض، وأحاسيسهم تتجاوز خانات الديانة وبطاقات الهوية، وإن هؤلاء، على قلتهم وندرتهم فى العالم كله، لهم خير دليل على أن الإسرائيلية لا تصلح كهوية، والصهيونية ليست حركة من الأساس.
وإننى من مكانى هذا لأطالب بأن تتحول الصهيونية إلى فصيلة دم، يكتسبها حاملها، أياً ما كانت جنسيته أو ديانته، ما الذى يضير تاجراً جشعاً قرر أن يمص دم المصريين ويحول سلعة مثل السكر إلى كنز لمن يملكه، فيزيد ويغالى من السعر ضارباً عرض الحائط بكل قوانين وضعتها الدولة، عازماً على تحقيق أرباح خيالية من مص الدماء؟ هذا التاجر ومَن على شاكلته يحق له فصيلة الدم s-z، حتى لو كان اسمه عبدالله، وبنى من أرباحه الحرام جامعاً لأهل بلدته وأسس جمعية خيرية يُكفِّر بها عن سيئات أعماله.
ينسحب الأمر على آخرين، مما لا شك فيه أن حكاماً فى دول الجوار يستحقون الفصيلة نفسها، وهم يرون شعباً يُباد فى جريمة إنسانية دون أن يتحرك لهم ساكن، سوى تلك اليد التى تخط بيانات الوهن والضعف والإدانة المشوبة باستكانة، لولا الحياء لذكرتهم نفراً نفراً، ولولا معايير المجتمع «الصحفى» لأعددت قوائم بزملاء مهنة وشركاء عمل ورجال أعمال ورؤساء دول «عربية وغربية» ورشحتهم فى القوائم الأولى لحاملى فصيلة الدم s-z، ولولا أن الأمر محض فانتازيا ولا يستقيم عليه دليل علمى ولا يسير وفقاً لقواعد البحث العلمى، لكنت خططت المقترح ونسقته بما يصلح تسميته ورقة بحثية.
الخلاصة.. الصهاينة فى كل مكان، تحت كل عباءة، يتحدثون كل اللغات، الصهيونية حركة بلا دين، بلا قلب، بلا هوية، سوى حاملها، وللعلم s-z هما الحرفان الإنجليزيان الأوليان من لفظ صهيون بالفرانكوآراب وبالإنجليزية.