يحظر علىّ القانون ذكر اسم مرشحى المفضل ذى الحظوظ الوافرة والفرص الذهبية، يلزمنى بحياد غير موجود فى الوجود، وبموضوعية تمرسنا عليها صحفياً وفشلنا فيها إنسانياً، يضعنا القانون فى اختبار صعب، فالصمت الانتخابى الراهن هو مرحلة ما قبل الاختيار المهم، اختيار «الرئيس»، أو اختيار «رئيس»، وفى ال التعريف مخالفة يقرها القانون، وإن كان العقل يشهدها أمراً واقعاً.
لدى كل منا قائمة حسابات تحركه فى كل خطوة وقبل كل قرار، وقبل أن نخط 10 أسباب لدفع أى مواطن نحو لجان الانتخابات لممارسة الحق الدستورى فى التصويت واختيار شخص رئيس الجمهورية، أولى لنا أن نخط 10 أسباب مماثلة للامتناع عن ممارسة الحق الدستورى.. فى الحقيقة لكل مواطن أسبابه فى المشاركة أو الامتناع، حسب موقفه ووجهته ومدى اقترابه من الوعى وفهمه لدوره وموقعه من المسئولية أو إدراكه لمعنى أن يكون مواطناً، أو حسب اقترابه من الأوامر وسيره خلف التعليمات، حتى لو أتته من خارج حدود بلده.
لا نناقش الحق، لا نتدخل فى الحريات، لا نقنع مواطناً بمرشح ولا نفرض مرشحاً على مواطنين، نمارس دوراً مهنياً أصيلاً، نساعد المواطنين فى الاختيار، فمنذ أن انطلق ماراثون الانتخابات بإجراءاته المتعددة والمتعاقبة، ونحن نستمع لكل المرشحين، من خلال حملاتهم الرسمية ومن خلال ما يدلون به من تصريحات وما تزخر به محركات البحث من مواقف، لهم فى سياق وعليهم فى سياقات أخرى، حسب المتلقى وترجمته لكل موقف.
نساعد المواطن بشرح أسهل طرق الاختيار، أن يسأل كل نفسه سؤالين: لماذا سأصوت فى الانتخابات الرئاسية؟.. والسؤال نفسه بصيغة النفى: لماذا لن أصوت فى هذه الانتخابات؟.. على أن تخرج الإجابة نابعة من العقل مبنية على معطيات واقعية، وليست مشاعر ولا آراء، انظر حولك جيداً، ثم استنشق هواء نقياً واتخذ القرار.. التغيير ليس بدعة، والاستقرار ليس سُبة، وكلاهما يقع فى قبضة يد المواطن، فلا تترك حقاً تحاسب على تركه فيما بعد، ليس أمام محكمة وقانون، لكن أمام أبناء وأحفاد سيأتى عليهم يوم يتحدثون فيه وبثقة عن كوارث ارتكبها الأجداد فى حق التاريخ، شاهدنا بعض هذه المحاكمات، نصبها الأبناء لآبائهم «عاصرى الليمون، وناخبى التنظيمات الإرهابية، والمقاطعين من الجالسين المستقرين على الكنب»، يدفع المستقبل فاتورة ضخمة بسببهم إلى الآن.
ولأن الصمت فضيلة لمن يدركها، فهو أيضاً جريمة لمن لا يجيد استخدامه، متى أصمت وعن من.. ولمتى؟ علاقة طردية تربط الصمت بالمعرفة، كلما عرفت أكثر صمت أكثر وأكثر، لكن الحكمة منقوصة، فالصمت أمام صندوق الانتخابات هو صمت عن الحق يحيل صاحبه إلى «شيطان أخرس».. وقبل أن تنالنى اتهامات المبالغة أو التهويل بغرض بث الرعب فى قلوب من ينتوى عدم التصويت، أذكرك بالفقرة الثالثة فى هذا المقال، وأذكرك أيضاً بأن الاختيار فريضة صارت فضيلة كونها تدرأ عن المجتمع مفسدة عظمى ومرضاً عضالاً، نود لو أن نعلن مصر خالية منه، ألا وهو «السلبية والانسياق».
ولتجعل القاعدة، فى الحياة والانتخابات وكل موقف يتحول فيه صمتك من فضيلة إلى جريمة: اختر الأفضل من المتاح.. واجعل المأمول هدفاً وسعياً مستمراً، ستدركه يوماً ما، طالما واظبت على المشاركة، وطالما استمرت الحياة.