اليوم قد مضى سبع سنوات على تأسيس حركة 6 أبريل، التى ما زالت تثير الجدل والريبة، بل عند الكثيرين بات ذكرها استحضاراً لمعانى الخيانة للوطن، وترادفاً لمصطلحات الفوضى والتمويل الأجنبى، فقد كان منتصف شهر يونيو 2010م، عندما انضممت لحركة 6 أبريل التى كانت حلماً جميلاً لوثه فيما بعد الأقزام والطامعون، فقد جمعتنى مع بعض أعضائها الشرفاء لحظات لا تنسى فى تاريخ الوطن، فى نضال ما قبل وخلال الثورة، حتى رحلت عنها نهائياً بعد معارك داخلية حامية الوطيس فى نهايات شهر أغسطس 2012م أثناء حكم الإخوان.
فمنذ اكتشافى لانحرافات قادتها فى نهايات عام 2010م كان من الممكن أن أصمت وأرحل كما فعل الكثيرون كى آمن شرهم، فهم أساتذة فى تشويه السمعة وإلصاق التهم، ويجيدون كل ألاعيب إبليس، فما إن عرفت حقيقتهم، وأخذت على عاتقك مواجهتهم، يجب أن تلوث أمام الجميع بروايات من صنيعتهم، ليتخلصوا منك، ويغتالوك معنوياً، فيحولوا أى مساعٍ لإصلاح الحركة، ورفض ممارساتهم إلى تهمة معدة سلفاً، وجاهزة لك طوال الوقت، وهى اندساسك من قبل أجهزة الأمن لاختراق الحركة والنيل منها وهدمها.
فخلال فترة وجودى داخل الحركة على مدار عامين تقريباً خضت معارك سياسية شرسة، ومناظرات إعلامية طاحنة فى مواجهة قيادات 6 أبريل المنحرفة من جانب، وقيادات الإخوان الانتهازية الدنيئة من جانب آخر، ومن جانب ثالث أعداء ثورة 25 يناير الذين اتخذوا من الانحرافات الوطنية والممارسات الخائنة لقيادات 6 أبريل والإخوان سبيلاً ممهداً وسهلاً لضرب ثورة يناير التى دفعت ظلماً الفاتورة على حساب سمعتها، ومن رصيد تأييدها الشعبى الذى أخذ فى التهاوى والانهيار.
فكنت فى هذه الفترة أسعى بضراوة للعمل على صعيدين: دحر الظلم عن ثورة 25 يناير، وفض الخلط بين صناع الثورة الحقيقيين بجماهيرها المخلصة والمتطلعة لغد أفضل للوطن، وبين قلة من الانتهازيين الذين قفزوا على الثورة، لجنى الشهرة والسلطة والمال، فألحقوا بها الخزى والعار والأذى، وكادوا يدفعون بالوطن إلى الهلاك والفوضى المدمرة، وعلى صعيد آخر كنت أقاتل من أجل تطهير حركة «6 أبريل» من القيادات التى ضعفت، وتم إغواؤهم بالماديات والسفر، وسعوا طوال الوقت للسيطرة على أعضاء الحركة، وبنائهم فكرياً وفق ما يحقق أهدافهم المشبوهة، وهو ما دفعنى لمحاولة إنقاذ هؤلاء الشباب منهم ومن أفكارهم التى تدس سم الفوضى فى عسل الديمقراطية، فيدفع الثمن فى النهاية شباب نقى ومتحمس لأفكار الديمقراطية ومفاهيم الحرية، ومعه وطن مرهق لا يتحمل أى فوضى، بعد عقود طويلة من الفساد السياسى والاقتصادى والاجتماعى.
فاستطعت بفضل الله عز وجل المقاومة ولم أضعف يوماً رغم الظروف المادية الصعبة التى واجهتها وما زلت ككثير من الشباب، مستعيناً بالله عز وجل يحركنى ضميرى وحبى الجارف لوطنى، حيث دعيت أكثر من مرة للسفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وعدد من الدول الأوروبية، وغيرها من العروض التى كان آخرها الظهور فى قنوات الجزيرة فى مقابل مادى مغرٍ جداً وصل إلى 3000 دولار فى اليوم، وللمدة التى أرغبها شهر أو اثنين أو حتى ثلاثة شهور مقيماً بالدوحة، ولكن فى وسط كل ذلك لم أنجُ من عار الآخرين، وأطلقت علىّ أنهار من الشائعات التى كانت فى البداية تثير حفيظتى وتؤلمنى، ولكن اليوم باتت تدخلنى فى نوبات ضحك بالذات فى الأوقات العصيبة التى أمر فيها بضائقة مالية، وأجد من يتحدث عن الملايين التى حصلت عليها تارة من دول غربية، وتارة من الإخوان، وأحياناً من رجالات النظام القديم.
وكنت قد بدأت مع منتصف عام 2011م فى إحراز هامش من النجاح بتأسيس جبهة لـ6 أبريل بعيدة عن القيادات الفاسدة، فانشققت ومعى السواد الأعظم من أعضاء الحركة الشرفاء فى 17 أبريل 2011م، فبات لنا قوة تنظيمية وعددية كبيرة، وانتشار فى كافة محافظات الجمهورية، فكدنا ننهى للأبد على القيادات القديمة البالية إلى أن حل منتصف عام 2012م، فاعتلى الإخوان الحكم فى صورة الدمية محمد مرسى، وأخذوا على عاتقهم التعامل مع الحركات الاحتجاجية والجماعات السياسية بأسلوب من اثنين، إما برشوة قياداتها سياسياً أو مادياً أو باختراقها بأعداد كبيرة من أعضاء جماعة الإخوان لإحداث بلبلة فى صفوفها والتمرد على القيادات المتمردة على حكم الإخوان.
فحينها تكالب الجميع ضدى وبدأوا فى وضع مخطط -كشفته فيما بعد- للانقضاض على جبهتى، والقضاء علىّ تماماً بلا رحمة أو هوادة فى اتفاق بمباركة إبليسية بين بعض من قيادات جماعة الإخوان التى عارضتها بضراوة، ومعهم قيادات 6 أبريل الذين انشققت عليهم من قبل، فتم بالخيانة تجنيد مسئول شئون العضوية بجبهتى من قبل محمد البلتاجى، الذى وعده بكرسى فى المحليات فى منطقة الهرم، فى مقابل أن يُدخل أعداداً كبيرة من أعضاء جماعة الإخوان الذين لم يظهروا توجهاتهم فى حينها، ليتخذوا من إعلانى تأسيس حزب 6 أبريل ذريعة لإعلان فصلى بناء على جمعية عمومية إخوانية لم يكتمل نصابها، وبدأت الأبواق الإعلامية للإخوان فى شن حرب شعواء علىَّ بقيادة الجزيرة، وقناة مصر 25، وموقع رصد، وجريدة الحرية والعدالة.
فتسير الأمور أكثر تعقيداً، وتبوء كل محاولاتى لتطهير الحركة بالفشل، فقد كانت الخيانة تحاصرنى، والمؤامرات تحيط بى من كل جانب، لأرحل عن الحركة فى صيف عام 2012م، مشاركاً فى مناهضة حكم الإخوان حتى سقوطهم فى ثورة 30 يونيو 2013م، ليفضح أعضاء 6 أبريل أنفسهم، ويلتقطوا لأنفسهم صوراً جماعية فى اعتصام رابعة العدوية، حاملين صور المعزول محمد مرسى. فنرى 6 أبريل فى مارس الماضى قد أعلنت على صفحتها أنه قد وقع اختيارهم على كلٍ من ليلى سويف، أم علاء عبدالفتاح، وسناء عبدالجواد زوجة محمد البلتاجى للحصول على لقب الأم المثالية لعام 2015م، لنرى اليوم احتفاءً كبيراً من أبواق الإخوان الإعلامية فى إحياء ذكرى تأسيس حركة 6 أبريل، والحديث عن مظلومية زائفة تتعرض لها الحركة. كيف لا وقد باتت على نفس قائمة الإخوان محظورة شعبياً وقضائياً، فقبل أن يصبحوا حلفاء منذ عهد مرسى كانت لا تذكر 6 أبريل على مواقع الإخوان الإخبارية إلا وهى مصحوبة بوابل من السباب والتكفير ملقبين الحركة باسم «6 إبليس» حتى تم اختراقها وشراء قيادتها، فصارت الحركة إحدى أذرع الجماعة فرحلت العداوة، وبقى الاسم عالقاً فى أذهان الجميع، مصحوباً بوصفها الجديد، لتصبح «6 إبليس المحظورة».