مبارك.. محكمة القضاء الإدارى تقضى ببطلان الدعوى المقامة من أحمد محمود صالح المحامى، والتى يطالب فيها بسرعة الانتهاء من استكمال خارطة الطريق وتنفيذ الحكم الصادر بحل الحزب الوطنى الديمقراطى ومنعه من ممارسة السياسة. «الوطنى» لم يعد منحلاً، ومن حق أعضائه ممارسة السياسة بما فى ذلك المشاركة فى الانتخابات البرلمانية، الخطوة الثالثة فى خارطة الطريق، والتى لا يعلم إلا الله تعالى متى ستتم؟!.
الآن اكتمل المشهد، «مبارك» و«العادلى» بريئان من دماء شهداء يناير، ويناير مؤامرة، وجمال وعلاء لم يطمعا فى البلد، وكل ما فعلاه مع أبيهما هو بعض الفساد، وذلك فى قضية القصور الرئاسية، وسوف يدفعان الغرامة، وقد تفاجأ بعد حين ببراءة جديدة لهما، ولماذا أقول «قد تفاجأ»، إن هذا الأمر متوقع جداً، بل وقد يرقى إلى مستوى الحتمية، الحزب الوطنى عاد، وأعضاؤه لديهم الفرصة والقدرة والمال والساحة السياسية الخالية لكى يدلوا بدلوهم من جديد فى بئر الحياة السياسية المصرية، وبالنسبة لدستور 2014 هناك دعوات لتغييره، وربما أصاب هذا التغيير ورقة التوت الأخيرة التى تتغطى بها ثورة يناير، والمتمثلة فى نص ديباجة الدستور على دورها وتبرئتها من وصمة المؤامرة، فبذلك فقط سوف تكتمل الحلقة ليتم تطويق مصر بتلك الطغمة التى حكمت مصر ثلاثين عاماً، تحت مظلة الفساد والاستبداد!.
هل تصدقنى إذا قلت لك إن المعقول الوحيد الذى يمكن أن نتوقعه بعد اكتمال المشهد على هذا النحو يتمثل فى وصول جمال مبارك إلى سدة الرئاسة؟. ليس الأمر فيلماً من أفلام الخيال العلمى، ولا أقصوصة من أقاصيص الخيال الأدبى، بل هو المعقول الوحيد المتبقى حتى يكتمل المشهد، أن يعتلى جمال مبارك عرش أبيه. والسبب المباشر والواضح لجعل ما تتصوره مستحيلاً معقولاً يرتبط بامتلاك «ابن المخلوع» ورجاله ورجال أبيه كل مفاتيح السيطرة على مصر. علينا أن نعترف بأن هذه الدولة ما زالت تتحرك بإشارات من أصابع هؤلاء. ليس عليك لكى تتأكد من ذلك سوى أن تسترجع ما كان يردده أبواق دولة «مبارك» من حديث لا ينتهى عن «حماية الدولة المصرية»، وهو قول حق كان -ولم يزل- يراد به باطل، لأن ما تم ويتم حمايته فعلاً هو «الدولة المباركية» حتى تسلم لوريث عرشها.
ما زلت مندهشاً؟.. دعنى كى أشير إلى مثل قريب على استمرار تحكم آل مبارك ورجالهم فى الكثير من جوانب المشهد داخل مصر. لعلك سمعت عن إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية التى قررتها حكومة محلب على تعاملات البورصة، لو أنك ربطت بين هذا التراجع من جانب الحكومة وقضية التلاعب بالبورصة المتهم فيها كل من جمال وعلاء مبارك فسوف تفهم الكثير، فكبار المستثمرين بالبورصة الذين تلاعبوا بها عبر الأسابيع الماضية حتى أرغموا الحكومة على التراجع عن الضريبة هم تلاميذ نجباء لجمال وعلاء، وقد لا أبالغ إذا قلت إنهم مجرد صبيان لهما، فأنت تعلم أن الكثير من رجال الأعمال هم عبارة عن واجهات أو «فاترينات» لكبار يحركون الأمور فى الخفاء. يبدو فعلاً أن طرق السياسة والاقتصاد فى مصر تؤدى إلى نتيجة واحدة، هى تحويل «اللا معقول» إلى معقول»!.