س: لماذا اختلفت طريقة التعامل مع تفجيرات باريس عما قبلها؛ الطائرة الروسية؟ تفجيرات بيروت؟ ما يجرى فى سيناء من عمليات إرهابية مستمرة على مدى عامين؟
ج: الإرهاب مرفوض. لا يوجد مبرر لقتل إنسان دون سبب سوى أفكار ضالة ومضللة عند من يقتله. لكن تعامل العالم مع ما جرى فى باريس، وهو حق لفرنسا، أشعرنى بمهانة؛ اجتمع الرئيس الأمريكى مع مجلس الأمن القومى وعرض رئيس وزراء بريطانيا المشاركة فى مواجهة الإرهاب. وعلقت الدنيا أعمالها. وأقدمت فرنسا على إجراءات يمكن أن توصف بأنها استثنائية كما يقال لنا. ورحبت الدنيا بها.
المقارنة مشروعة. فعندما سقطت الطائرة الروسية عوقبت مصر لمجرد أن سيناء، التى سقطت فيها الطائرة، مصرية. وسبق العقاب التحقيق ومعرفة الفاعل كأن هناك تربصاً بمصر وروسيا بعد تنامى العلاقات بينهما وأصبحت تشكل محوراً يقلق الغرب.
أنا قلق مما جرى للأشقاء الفرنسيين. لكنى قلق أيضاً من الطريقة التى كال العالم بها بمكيالين. ولم يكن عادلاً ولا منصفاً معنا. ولم ينظر لما جرى لنا باعتباره إرهاباً وتطرفاً. مع العلم أن الدم واحد. والشهيد هنا يساوى الشهيد هناك. والبشر متساوون أمام الموت. وإن فرقت بينهم ظروف الحياة وصنوفها وإمكاناتها. لكن ماذا نفعل سوى الكلام؟
س: تهديدات «داعش» طالت الدنيا. قالوا إن الضربة المقبلة ستكون من نصيب بريطانيا. ثم عدلوا كلامهم وقالوا إنها ستتجه إما إلى واشنطن أو نيويورك. عدم ذكر مصر هل يعنى أن نقول إن الخطر ابتعد عنا؟ أم أن تظل اليد على الزناد؟
ج: ربما كان هذا هو السبب فى اجتماع الرئيس السيسى بمجلس الأمن القومى ظهر الاثنين. وعلى الرغم من أنه لا يصح أن نناقش فى مقالات تصرفات الرئيس وما فعله أو ما لم يفعله. لكنى قرأت فى الاجتماع أنه لم يكن من أجل ما جرى فى باريس. بقدر ما كان تحسباً لما يمكن أن يقع عندنا لا قدر الله فى الأيام المقبلة.
س: أعلن رئيس وزراء بريطانيا عن زيادة اعتمادات المخابرات الداخلية والخارجية البريطانية بحوالى 160 مليون جنيه إسترلينى. لمواجهة الظروف الجديدة. وتحدث أكثر من مسئول غربى عن أن المطلوب محاولة اختراق التنظيم من الداخل تمهيداً لضربه. هل ترى أن هذه الحروب المعلنة يمكن أن تؤدى لنتائج؟
ج: قبل أن يعلنوا علينا هذا الكلام لنكن صرحاء ولو لمرة واحدة. ثم بعدها نعود للعبة الكلام الدبلوماسى الذى لا يقدم ولا يؤخر. ما إن حدث حادث باريس وسبقه ما جرى لمجلة شارلى إيبدو فى بداية العام. وكأن التنظيم أراد أن يبدأ العام وأن يختمه بسفك الدماء هناك. والسؤال الجوهرى: ألم يكن لهذا الغرب دورٌ فى قيام التنظيم؟ وحتى محاولة محاربته التى يتحدثون عنها كل لحظة قبل تفجيرات باريس الأخيرة. ألم تكن محاولة لاحتواء التنظيم أكثر من ضربه؟ ألم تكن تدليلاً للتنظيم ليتم استخدامه فيما يريدون منه القيام به؟ حتى لو تم ذلك دون اتصالات. فالتنظيم لم يكن يشكل خطراً عليهم.
س: هل لديك دليل على هذا الكلام المرسل؟
ج: معظم ما أقوله لا دليل عندى عليه. لكن قراءة الواقع أحياناً تتفوق على الدليل. وسؤالى: لماذا لم توجه طلقة واحدة من جميع التنظيمات التى حوَّلت حياتنا لجحيم إلى العدو الإسرائيلى. إذا كانوا صادقين فيما يدعون وإن كانت لهم قضية. فعدو الوطن العربى والأمة الإسلامية العدو الصهيونى. وهو فى مأمن تام من كل ما يقومون به. بنادقهم موجهة ضدنا. وإن وجهت ضد غيرنا. فربما كان السبب علاقة هذا الغير بنا. سمعت من يقول إن روسيا ضُرِبت بسبب علاقاتها مع مصر. بل هناك من وصل به الكلام من قول إن أحد أسباب ضرب فرنسا أنها قدمت سلاحاً لمصر. وخرجت بذلك على الإجماع الغربى لحرمان مصر من المساعدات ومن الأسلحة ومن كل ما يمكن أن يساعدها على الخروج من مأزقها.
س: وما العمل؟
ج: سآخذ من التجربة الفرنسية طريقة الرد. رغم تحفظى على تصرفات العالم حيال ما جرى هناك. وأنا مرحب بها. بشرط أن تشملنا نحن فيما وقع لنا وما قد يقع لا قدر الله ولا كان. لكن فى فرنسا حدثت حالة من الاصطفاف الوطنى خلف القيادة والوقوف معها. لم يخرج أحد ويكتب تغريدات على النت -كما حدث عندنا- ينتقد الدور الذى قامت به فرنسا فى مواجهة التطرف والإرهاب. الأحزاب المعارضة فعلت هذا. فى إطار الواقع السياسى الفرنسى. ولم يكن الهدف هدم ما فعله الرئيس الفرنسى وحكومته. ولكن استكمال ما قام به حتى تأمن فرنسا تكرار ما جرى.
فى فرنسا سحبوا الجنسية من بعض المسلمين. وطردوا شيوخاً. وأغلقوا مساجد. ولا تسأل عن قانونية الإجراءات. فعندهم طوارئ لمدة ثلاثة أشهر. ما قاموا به من حقهم. وأهم ما لفت نظرى هو الصمت العالمى تجاه ما قامت به فرنسا باعتبارها تمارس حقاً على أرضها. تخيل معى لو أن مصر طردت شخصاً واحداً من على أرضها. أو سحبت منه الجنسية. أو أغلقت مسجداً. ماذا كان سيفعل بنا العالم فى ردود فعل فورية تحدث فى نفس لحظة الفعل وربما تسبقه؟
س: ماذا تنصحنا أن نقرأ؟
ج: أرسل لى صديق تغريدات مراد موافى على النت. ربما تفوقت على ما كتبته.